بحـث
Like/Tweet/+1
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
قصة ابو زيد الهلالي
صفحة 1 من اصل 1
قصة ابو زيد الهلالي
قصة أبوزيد الهلالي
بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الأول
قصة مغامس مع شاه الريم
كانت بلاد نجد من اخصب بلاد العرب،كثيرة المياه والغدران و السهول و الوديان حتى كانت تذكرها شعراء الزمان بالاشعار الحسان وتفضلها على غيرها نظرا لحسن هواها.وما زالت على رونقها حتى تغير قطرها واضمحل وعمت البلاد المجاعة من جميع الجهات وشتدت على بني هلال،فأجتمعت المشايخ والشباب وقصدوا مضارب الامير حسن بن سرحان فدخلوا وسلموا عليه وقالوا له اعلم يا ملك الزمان بأن الجوع قد اشتد وانقطعت الماكولات من نجد،فان لم نتدارك الامر في الحال انقرضت جميع بني هلال وفقدت المواشي و الاموال.
فلما سمع حسن هذا الخطاب استعضم المصاب،وكان عنده جماعة من السادات الامجاد،والفرسان الصناديد، منهم البطل الهمام ابو زيد فارس الصدام، و الامير دياب ابن غانم البطل المقام،و القاضي بدر بن فايد السيد الماجد،فاخدوا يتذاكرون في هذا الشان نحو ساعة من الزمان فاستقر رايهم على الرحيل من تلك الديار قبل حلول الدمار،ثم قال الامير حسن لاكابر القوم نقوما بنا نتخفي ونتفقد احوال القبيلة في هذا اليوم،فتنكروا في الحال حتى لا يعرفهم احد وركبوا ظهور الجمال وطافوا في المضارب والخيام مدة ثلاثة ايام حتي دارو على القبيلة ولم يجدوا من يدعوهم الى ضيافته لانه لم يكن عند احد عشا ليلة، واتفق انهم في اليوم الرابع اشرفا على سهل وفيه مضارب وخيام وحواشي وخدام كبير شهير اسمه مفرج بن
\\ يتبع
بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الأول
قصة مغامس مع شاه الريم
كانت بلاد نجد من اخصب بلاد العرب،كثيرة المياه والغدران و السهول و الوديان حتى كانت تذكرها شعراء الزمان بالاشعار الحسان وتفضلها على غيرها نظرا لحسن هواها.وما زالت على رونقها حتى تغير قطرها واضمحل وعمت البلاد المجاعة من جميع الجهات وشتدت على بني هلال،فأجتمعت المشايخ والشباب وقصدوا مضارب الامير حسن بن سرحان فدخلوا وسلموا عليه وقالوا له اعلم يا ملك الزمان بأن الجوع قد اشتد وانقطعت الماكولات من نجد،فان لم نتدارك الامر في الحال انقرضت جميع بني هلال وفقدت المواشي و الاموال.
فلما سمع حسن هذا الخطاب استعضم المصاب،وكان عنده جماعة من السادات الامجاد،والفرسان الصناديد، منهم البطل الهمام ابو زيد فارس الصدام، و الامير دياب ابن غانم البطل المقام،و القاضي بدر بن فايد السيد الماجد،فاخدوا يتذاكرون في هذا الشان نحو ساعة من الزمان فاستقر رايهم على الرحيل من تلك الديار قبل حلول الدمار،ثم قال الامير حسن لاكابر القوم نقوما بنا نتخفي ونتفقد احوال القبيلة في هذا اليوم،فتنكروا في الحال حتى لا يعرفهم احد وركبوا ظهور الجمال وطافوا في المضارب والخيام مدة ثلاثة ايام حتي دارو على القبيلة ولم يجدوا من يدعوهم الى ضيافته لانه لم يكن عند احد عشا ليلة، واتفق انهم في اليوم الرابع اشرفا على سهل وفيه مضارب وخيام وحواشي وخدام كبير شهير اسمه مفرج بن
\\ يتبع
رد: قصة ابو زيد الهلالي
صير، وكان وافقا عند الابواب وهو في حالة الذل و الاضظراب وعيناه تذرفان الدموع من شدة الجوع، فحيوه بالسلام ووقروه بالكلام،وقالوا له يا ايها السيد اتقبل ضيوفا قد قصدوك من ابع اقليم من اكبر سادات العشيرة وافضالك بين الناس معروفة شهيرة،فخجل من حديثهم وكلامهم ولم يجد بدا من اكرامهم، فقال اهلا وسهلا بالضيوف فشرفوا محلكم فنزلوا عن ظهور الجمال ودخلوا الى خيامه وكان لمفرج زوجة يقال لها مي، فقال لها اذهبي الان واقصدي بيت ابيك شيبان،لعلك تجدين شيئا من انواع الطعام تاتين به الى ضيوفنا الكرام، لانهم قصدونا دون باقي العربان من ابعد مكان.
فلما سارت الى بيت ابيها وطلبت منه شيئا من الطعام، قال و الله يا ابنتي ما دخل بيتنا طعام من ثلاثة شهور،واني خجلان من منك فاعذريني بالقصور، فلما سمعت كلامه رجعت في الحال واعمت زوجها بذلك المقال وانشدت شعرا اعلمت فيه الى زوجها ان يبع ابنتهما ليعتري الضيوف.
فلما فرغت من شعرها قال لها زوجها نعم الراي و التدبير، فقومي الان اصلحي من شانها والبسيها ثياب الحرير،حتى ادور في الفبيلة جميعها وادلل عليها وابيعها، فقامت والبستتها احسن ثياب وعطرتها بافخر الاطاياب،فتعجب الامير حسن وابو زيد ودياب وقالوا هذا الامر غريب وحادث عجيب، ولكنهم صبروا حتى ينظروا ماذا يجري. واما الامير مفرج فانه نهض في الحال وطاف بابنته انحاء بني هلال وهو ينادي ويقول: يا اهل الفضل والمعروف من يشتري ابنتي الثريا بعشاء اريعة ضيوف وكان كل من ينضر اليها ويتامل فيها يتحسر على جمالها وحسن معانيها ويقول،اذا اشتريناها ماذا نطعمها ونسقيها،ولما لم يجد ابوها من يشتريها ارجعها الى المضارب،فقالت زوجته علامك ما بعنها يا امير،فقال لم اجد من يشترريها مني لا بقليل ولا بكثير نفقالت له اذهب بها الى الامير حسن امير القبيلة فانه يشتريها منك ولو بعشاء ليلة،فاخذها وسار فعند ذلك خرج الامير حسن من المضارب وسبقه وسار الى صيوانه بدون ان يراه احد من اهل الامير مفرج،واما الامير مفرج وابنته لما دخل سلم عليه وقبل يديه وانشد يقول:
يقول الفتي المدعـو امير مفرج
ولي قلب موجوع وزاد افكار
ايامير اتانا ضيةف جازوا محلـنا
وداروا هلال كبارها مع صغار
وما عـندنا بالبـيت شي نقـيهم
ولا مرتـع للدود و الاطـيار
اخذت الى ابنتي ودرت نجوعهـم
ودرت ميامينها ودرت يســار
فلم اجـد مـنهم مـن يشتريـها
واضيافي قد تـركتهـم بالـدار
يا امير ساعدني واجبر بخاطري
يجيرك الهي من عـذاب النـار
وخـذ بنتـي واكسـب الـثنـا
وجد لـي بمال يزيل عنا العـار
فلما فرغ الامير مفرج من الشعر و النظام، طيب الامير حسن خاطره واحترمه غاية الاحترام ثم امر له بقنطار من الطحين وان يرجع بابنته الى خيمته فشكره على ذلك الاحسان ورجع بالصبية وهو فرحان، ولما ابتعد وغاب عن المضارب والقباب،نهض الامير حسن بالعجل وتزيا بزيه الاول وركب مطيه وسار الاى بيت مفرج فوصل قبله، واعلم الامير ابو زيد بما فعله، ولما وصل مفرج اعلم زوجته بما ناله من الانعام وبلوغ القصد و المرام،ثم قال لها قومي الان وضعي العشاء حتى تأكل ضيوفنا وتتعشى،فبادرت في الحال وعجنت وخبزت وقدم مفرج خلزا الى الضيوف بدون ادام. وقال لفضلوا وكلوا ولا تواخذونا بالقصور فاني والله معذور، فقال ابو زيد: لو جلست معنا، كنا في غنا من هذا التعب والعناء، لانه يوجد معي من الزاد ما يسد به رمق الفواد. ثم مد يده الى الخرج وافرغه على سفرت الطعام، فشكره مفلرج على ذلك الاهتمام وجلس معهم يباسطهم بالكلام ثم تركهم ورجع الى فراشه ونام، وهم ناموا الى طلوع النهار فركبوا مطايهم وقصدوا جوانب الفقار.
ولما اقتربوا من وادي سلامة سمعوا صياحا وضجيجا مثل يوم القيامة فتقدموا على الاثر ليكشفوا حقيقة الخبر ولما ساروا في ذلك المكان وجدوا جمهورا من الرجال والشبان والنساء والصبيان يصيحون من قلب وجوع من شدة الجوع فتقدم الامير حسن اليهم وقد اشفق عليهم فطيب خاطرهم بالكلام وفرق عليهم جوائز الانعام ثم سارو الى المضاب والخيام واستدعي اليه سادات القبيلة و اكابر الجماعة وجعلوا يتفاوضون في امر المجاعة، فاتفق رايهم بوجه الاجمال على ان يرحلوا من تلك الاطلال بالاهل و العيال،وان يذهب ابو زيد الى بلاد الغرب وتلك الديار فيجس الاحوال، ويأتيهم بحقيقة الاخبار، ثم يرحلون بأولادهم واثقالهم الى تلك الاقطارفقال ابو زيد للأمير حسن، لا يخفاك أطال الله عمرك وأبقاك، أن المسافة، بعيدة طويلة فيلزم أاان يكون معي جماعة من ساادات القبيلة، فقال دياب هذا الامر من اسهل الامور فخذ معك من تريد من الجمهور فقال ابو زيد متى طلع النهار يوفق الله من يشاء ويختار ثم عاد الى الخيام في قلق و اهتمام فقامت له زوجته على الاقدام وقالت له بكلام الدلال مالي اراك منقبض الوجه يا ابا الابطال،فاعلمها بوافعة الحال وكيف اتفق رايهم على ارساله لتونس ولا يوجد من يعتمد عليه لياخذه على سبيل المعاونة و المؤانسة، واني قد رهنت لساني مع القوم على ان اذهب ثاني يوم فقالت له ارشدك على حيلة تتخلص بها من هذه السفرة الطويلة، وهو انك عند الصباح تدخل على الامير حسن وسادات القبيلة وتقول بانك مستعد ان تذهب الى تونس بشرط ان يرسلوا معك مرعي ويحيي ويونس، فأنهم من ابناء الاعيان ولا تسمح بهم اهلهم ان يتغربوا عن الاوطان، وبهذه الوسيلة يكون عذرك واضحا عند سادات القبيلة، فاستصوب منها هذا الكلام وفي ثاني الايام ذهب الى عند الامير حسن فالتقاه بالاكرام وقال، هل استعديت على الرحيل فقال انني في غاية الاستعداد للذهاب الى تلك البلاد ن غير اني اريد ان يكون معي رفقاء و اصحاب من سادات الاعراب لان المسافة بعيدة ومشقات الطريق شديدة، فقال الامير حسن خذ معك من تريد من الفرسان الصناديد فقال، اريد ان اخذ معي يونس و يحيي و مرعي لانهم يعاونونني في الطريق عند كل شدة وضيق، وبهم يحصل النجاح و التوفيق واعود اليكم سريعا بلا تعويق ن فاستعضم الامير حسن هذا الطلب خوفا عليهم من العطب، وكان يظن بان ابا زيد يطلب غيرهم من فرسان العرب، و لكنه سمح له اخيرا بعد ان حدثهم بذلك الخبر، و في اليوم الثالث تجهزوا للسفر و ركب الامير حسن بن سرحان في سادات القبيلة و اكابر الاعيان وساروا لوداعهم مدة ثلاثة ايام على التمام، ولما عزموا على الرجوع الى الاطلال و الربوع بكوا من فؤاد متبول و اشار ابو زيد يقول:
يقول ابو زيد الهلالي سلامة
ونيران قلبي زايدت اللهايب
وعيني من كثر البكا قل شوفها
جري دمعها فوق خدي سكايب
اسمع كلامي يا امير ابو على
وكن لقولي فاهما ثم حاسب
غدونا بعون الله جل جلاله
نرود دروب الغرب يم المغارب
وفي صحبيتي مرعي ويحيي ويونس
من اجلهم ذا النجع باكي وناحيب
وعليا عيوني يا عرب في حيكم
و صبرا وريا طويلات الذوايب
يا ابو على بالك عليهم من العدا
اذا هاجت الفرسان بين المضارب
اودعتكم لله ربي وخالقي
ومن يلتجي لله ما راح خايب
فلما فرغ ابو زيد من شعره ونظامه، وفهم الامير حسن وباقي الامراء معاني كلامه، تقدم حسن امام قواده وجعل يوصي ابو زيد بالاولاد ثم بكي وقال:
يقول الفتي حسن الهلالي ابو على
دمعي جري فقوق خدي سكايب
ونيران قلبي كلما اقول تنطفي
يزبد لها بين الضلوع لهايب
لفرقة مرعي صار قلبي ذائبا
اصبحت كالسكران للخمر شارب
ويحيي ويونس نور عيني وضوها
على بعدهم دمعات عيني سكايب
فارقتهم ما كان قصدي فراقهم
ولكن احوجتني لذاك مطالب
ايا هل تري مرعي اراه بناظري
وتزول ايام العنا والمتاعب
ايا دهر يا غدار ما لك غدرتني
ففارقت خلاني وكل الحبايب
اودعتكم لله ربي وخالقي
ومن اودع الرحمن ما راح خايب
اوصيكم المزح لا تمزحونه
فانه باكثر الاوقات غير صائب
واذا اردتم تدخلون مدينه
فيونس تراه يشتري ويحاسب
واذا جادلتم عالما بطريقكم
فمرعي على ذاك الجدال يجاوب
وابقوا ليحيي حارسا لجمالكم
فانه سيحميها من الاغارب
ومن يم عليا منور عيني ومهجتي
وصبرا وريا اعز كل الحبايب
هذي وصايا احفظوها جميعا
فان كلامي كله قول صائب
وهذه مقالات الامير ابو على
فقلبي ذاب من هول المصائب
فلما فرغ الامير حسن من هذا الشعر و النظام، بكى كل من كان حاضر ثم تقدمت امراته الست نافلة، اخت الامير دياب وهي في بكاء و انتحاب وجعلت توصي الامير ابو زيد بولدها مرعي وتقول:
تقول فتاة الحي نافلة النسا
بكيت على الفرقا وما قد جرا لها
ابوزيد لا تترك لمرعي وحده
فان غاب مرعي غاب عقلي وزالها
وحافظ عليه في الصباح وفي المسا
وداريه من الاخطار وامنع وبالها
فكم يوما من نجد لبلاد تونس
فاعلمني حتي اعد ليالها
فيا ليت نجد ارضها ما امحلت
و لا راح مرعي للمغارب جالها
فلما فرغت الاميرة نفالة من كلامها، تقدم الامراء فودعوهم ثم رجعوا الى بلادهم وسار الامير ابو زيد يقطع البراري و الفقار و يوصل سير الليل بسير النهار، قاصدا ولتك الديار، واما الامير حسن فانه قال مرادي اكتب تاريخ هذه الزيارة حتي تبقي ذكررا للجميع، فاستدعي الامير زيد بن مانع وكان كاتم اسراره وكاتب الوقائع فلما حضر امره بتسجيل بعض الابيات.
فلم انتهي الامير حسن من هذه الابيلت و سمعها السادات الكرام استحسنوها غاية الاستحسان، وسجلها زيد بن مانع في الديوان لتبقى لهم ذكري في طول الزمان، وكانت جميع النساء والبنات و الامراء و السادات تدعة لرب السماوات في اكثر الاوقات وتطلب منه نجاح ابة زيد في تونس ورجوعه سالما مع مرعي ويخيي ويونس، هذا ما كان من امر القبيلة و الامير حسن. واما ما كان من ابو زيد فانه بعد رحيله من الوطن مازال مجا في المسير حتي اشرف على بلاد حزوة و النير، وهي بلاد كثيرة الخيرات واسعة الاراضى والجهات وكان الحاكم عليها في ذلك الزمان ملك عظيم الشان صاحب ابطال وفرسان اسمه الدبيسي بن مزيد، فقصده ابو زيد وسلم عليه وتمثل بين يديه ووقف مرعي ويحيي ويونس حوليه، فقال ابو زيد اطال الله عمرك و رفع مقامك فانك وحيد العصر و اولى بالمديح والشكر، فلما سمع منه هذا الكلام قال له من أي بلاد انت. قال نحن شعراء حجازية نقصد الامراء الاجاويد ونمدح الملوك الاماجيد فناخذ عطاهم وننقل ثناهم، فقصدناك الان لنمدحك دون غيركم ونشكر فضلك وجزيل خيرك، لاننا سمنعا بجودك وكرمك ومن التفاق الغريب و الامر العجيب اننا مررنا على نجد وتلك الاوطان، مدحنا اميرها حسن بن سرحان فاجازنا بالجوائز السنية وخلع علينا الخلع الملوكية، وتلك البلاد الان في غلية الضيق من شدة المحن وعدم وجود القوت و الدقيق، ثم ان ابو زيد بعد هذا الخطاب عدل الرباب واشار يمدح الدبيسي ويعلمه عن احوال نجد بانشاد الوان القصيد.
قال الراوي فلما سمع الدبسيي منهم الشعر و النضام اكرمهم غاية الاكرام، وقال لهم مرحبا يا وجوه العرب ثم انزلهم في احسن الخيام و اقاموا عنده عشرة ايام، وكان ابو زيد في هذه المدة قد عرف احوال البلاد و وما فيها من عساكر واجناد، وميز مراكزها وجميع ضواحيها وبعد ذلك ودع الدبيسي ورحل من ذلك البلد وهو قاصد بلاد المغارب، وقد جدوا بالمسير و سابقوا بجنودهم الطير وما زالوا يقطعون البراري و الاجام مدة تسعة ايام، وكانوا يستريحون بالنهار ويقطعون الفلاو تحت ظلام الاعتكار، حتى وصلوا الى بلاد العمق وهي بلاد الامير مغامس، وكان دخولهم في الليل الدامس، ولما اقتربوا من الابيات سمعوا اصوات المولدات ودق طبول وزمور تدل على فرح وسرور، فقال ابو زيد لاصحابه ابشروا بالخير فان اهل الخير مشغولون بعرس لهم ومن الصواب ان نقصدهم ونصرف هذا اليوم عندهم( قال الراوي وكان السبب في ذلك انه كان اخاني اميران من اكابر الاعيان اسم الواحد عامر و الثاني ابو الجود و كان للامير عامر ولد اسمه مغامس جميل المنظر وكان لابي الجود بنت اسمها شاة الريم وكانت في الحسن على جانب عظيم، فأتفق ابو الجود على اب يجوزها لمغامس ابن اخيه لانه يحبه وهكذا تم الاتفاق و صار تقديم المهر و الصداق، وكان لهاذين الاميريين عدو من ملوك العربان يقال له نبهان، فغار بجنوده ذات يوم على هولاء، فالتقاه ابو الجود و الامير عامر بالابطال و العساكر وجرت بينهم حروب تشيب رؤوس الاطفال، انجرح فيها الامير عامر وقتل ابو الجود وكان للامير عامر عبد من الشجعان الصناديد يقال له سعيد كان يرعى الجمال بين الروابى و التلال، فلما راي تلك الخال وما خصل بمولاه من الوبال، ركب ظهر الحصان وهجم على نبهان وتبعته الابطال و الفرسان، بقلوب اقوي من الصوان ولم يكن غير ساعة من الزمان حتي طعنه بالمح بين بزيه، فالقاه على الارض يتخبط بعضه ببعض ثم انصب على جيش الاعداء فهزمه في تلك البيداء و بعد ذلك رجع الى القبيله بغائم جزيله فالتقته النساء بالنشائد و المدح الرائد وشكرته الرجال على تلك القتال و اكرموه غاية الاكرام، وفي اليوم الثالث اشتد على الامير عامر الالم حتى صار في حال العدم، فاستقر رايه على ان يقيم عبد سعيدا مكانه لبينما يكبر ابنه مغامس ويرتفع بين الناس قدره وشانه، فجمع اكابر الديوان وقواد الفرسان واعلمهم بذلك الشان ثم احضر سعيدا وقال له بحضور السادات الاماجيد، اعلم ايها الفارس الصنديد، اني قد اقمتك مكاني كلكا على هذه الاقليم بينما يكبر ابني مغامس فتزوجه بابنته عمه شاه الريم ويصير هو الامير وتكون انت له من جمله الوزراء و الاعيان.( قال الراوي) فلما انتهى عامر من كلامه بكى كل من كان حضرا من السادات الكرام وقال سعيد لمولاه سافعل ما امرت به اني عبدك وفي نعمتك قد انتشيت وكبرت ثم تفرقت العرب الى المضارب و الخيام وبعد ثلاثة ايام شرب كاس الحمام فغسلوه ودفنوه بالوقار و الاحترام، وبكي عليه الخاص و العام. وفي اليوم الثاني جلس سعبد على الكرسي مكان مولاه الامير عامر واطاعته الاكابر والاصاغر، فمان يحكم في القبيلة ويفعل ما يريد ولا يعترضه احد حتى تمكن غاية التمكين وصار من جملة الملوك المعظمين، فلما اشتهر امره وانتشر بين الناس ذكره داحله الطمع على اختلاس المملكة والقاء ابن مولاه مغامس في مهاوي التهلكة، فجمع الاعيان والابطال وقال لهم على رؤوس الاشهاد اعلموا ايها السادة الامجاد اني صممت الان على طرد مغامس من الاوطان وارساله الى ابعد مكان، فلا عدتم من الان تساعدوه وتعاملوه بشيء مهما كان، وكل من خالف ولم يمتثل لاحكامي قطعت راسه وخمدت انفاسه، فماذا تقولون: فقالوا سمعا والف طاعة فما عدنا نعامله ولا نتكلم معه من هذه الساعة، لانك انت ملكنا وميرنا وحامي بلادنا واوطاننا فبينما هم في الحديث والكلام واذا بالامير مغامس قد دخل عليهم فحياهم فلم يجسر احد ان يرد الجواب خوفا من القصاص والعقاب، فتاثر من ذلك الامر واحترق قلبه بلهيب الجمر، وعلم ان العبد مراده يمتلك على القبيلة بالقوة الجبرية فارتد رالجعا على الاثر واعلم امه بذلك الخبر ثم بكى وتنهد وانشد شعرا.
(فقال الراوي) فلما انتهى مغامس من شعره ومقاله ورثت امه لحاله وقالت اني خائفة من غدر هذا العبد فانه نكر الجميل والمعروف، وبادانا بالشر بعدما كان راعي جمالنا وعبدنا وخادمنا، فلما انتهت من هذا الكلام حتى اقبل عليها بعض الخدام يخبرها ان تذهب بابنها من تلك الديار، وقد ارسل اليك هذه الناقة الجربانة وهذه الشاة في سبيل الاحسان والصدقة فاذهبي في الحال قبل حلول الوبال فبكت ام مغامس من هذا الكلام، وتذكرت ايام زوجها وما اكنت فيه من العز والانعام وعلو الجاه ورفعة المقام، ولكنها اجابت بالسمع والطاعة ورحلت بابنها، وفي الطريق نصبا خيمة من القش واغصان الشجر لتقيهما من حرارة الشمس وضوء القمر، وجلسا في ذلك المكام تحت مشئية الرحمن(قال الراوي) هذا ما كان من امرهما واما سعيد العبد الخائن اللئيم فانه قد ارسل يطلب شاة الريم واامر امها ان تجهزها تلك الليلة وتصلح حالها حتى يدخل بها، فلما سمعت شاة الريم ذلك الكلام كان عليه اشد من ضرب الحسام، وجعلت تبكي مع امها على مغامس ابن عمها، لانها كانت تحبه ولما زاد عليها الحال انشدت تقولمن فؤاد متبول:
تقول شاة الريم من قلب حزين
ودمع عيني فوق وجناتي غزير
من بعد ابي وعمي قبله
صار راعينا على راس السرير
يارب سعيد العبد اعدمه الحياه
و اكتب نصيبي في مغامس يانصير
فلما انتهت من كلامها وفهمت امها فحوي شعرها ونضامها قالت لها، اعلمي يا بنت ان الصب مفتاح الفرج ولا بد ان نجد لهذا الضيق من مجرج، فاصبري على حكم الله وعلى قدره وقضاه، بان هذا العبد سعيد جبار عنيد وشيطان مريد، و قد ذلت له الفرسان الصناديد وابن عمك مغامس فقير الحال ليس له مال و رجال، وان خالفنا له امر اخذك غصبيا و قهرا، فمن الواجب ان نسمع كلامه ونمتثل اوامره واحكامه، فلما سمعت شاة الريم من امها هذا الكلام صبرت على احكام رب الانام، وكان العبد سيعيد قد صنع في تلك الليله وليمه لها قدرا وقيمة، جمع فيها بعض الاعيان واكابر الديوان، فدقت الطبول ونفخت الزمور وقام في القبيلة الفرحة والسرور، ودقت المولدات بالدفوف ولعبت الفرسان بالرماح والسيوف، فلما سمع مغامس اصوات الطبول وصهيل الخيول قصد الحي تحت ظلام الليل، فعندما وقف على خقيقة الخبر، طار من عينيه الشررؤ من شدة الوجد و الغرام وزواج ابنه عمه بدر التمام بذلك العبد ابن اللئام، فرجع واعلم امه بذلك فبكت شفقة عليه وجعلت تتلطف بخاطره وتقول، الله كريم فلا بد ان تكون من نصيبك شاة الريم، وكان في هذه اللحظة مرور ابو زيد ومن معه فسمع قولهما وبكائهما فنزل اليهما يستفهم عن سبب بكائهما فاعلامه بما جرى من العبد سعيد، فقال في سره لابد ان انصرهما وجلس عندهما فقام مغامس وذبح ناقته التي ليس له غيرها وقدمها لهم فاكلوا وشربوا و اخذ ابو زيد يغني على الرباب وكان راع لسعيد العبد مارا من هناك، فسمع غناء ابو زيد عند مغامس وامه، فذهب واخبر العبد سعيد بما راه، وهذا ارسل في طلبهم فحظروا الى العبد سعيد، فوجدوا عنده جماعة من السادات والاماجيد، وهو متكيء على طهره كانه فحل جاموس ومنتظر قدوم العروس، فسلم ابو زيد عليه ولا اكترث بكلامه، ولكنه قال لهم كيف تكونون من شعراء العرب واصحاب الفضل والادب وتتركون زيارة الامير وتقصدون عجوزا لا قدر لها ولا شأن، فقال ابو زيد اطال الله عمرك وزاد في مقامك وقدرك اننا ما اتينا الى هذه القبيلة الا لنمدح جنابك ونتشرف بساحة اعتابك غير ان وصولنا كان في الظلام وكنا نريد ان نزور حضرتك في ثاني الايام، الى ان ارسلت في طلبنا مع الغلمان، فحضرنا حالا لامرك العالي فلا زالت ايامك في فرح وسرور وافراح مدى الايام والليالي، فلما انتهى ابو زيد من مقاله جلس على يمينه وجلس مرعي يحيى ويونس على شماله، وكان عند جلوسه القى ساعده على فخذ سعيد، بقوة وعزم شديد، فتالم سعيد من تلك الحركة وقال: لا مرحبا بك ولا حلت علينا البركة، قاتل الله اباك وامك فما اثقل دمك، فقال ابو زيد لا تؤاخذنا كثر الله خيرك ومعروفك ثم انشد هذه الابيات:
يليه الجزء (02) من تغريبة بني هلال
فلما سارت الى بيت ابيها وطلبت منه شيئا من الطعام، قال و الله يا ابنتي ما دخل بيتنا طعام من ثلاثة شهور،واني خجلان من منك فاعذريني بالقصور، فلما سمعت كلامه رجعت في الحال واعمت زوجها بذلك المقال وانشدت شعرا اعلمت فيه الى زوجها ان يبع ابنتهما ليعتري الضيوف.
فلما فرغت من شعرها قال لها زوجها نعم الراي و التدبير، فقومي الان اصلحي من شانها والبسيها ثياب الحرير،حتى ادور في الفبيلة جميعها وادلل عليها وابيعها، فقامت والبستتها احسن ثياب وعطرتها بافخر الاطاياب،فتعجب الامير حسن وابو زيد ودياب وقالوا هذا الامر غريب وحادث عجيب، ولكنهم صبروا حتى ينظروا ماذا يجري. واما الامير مفرج فانه نهض في الحال وطاف بابنته انحاء بني هلال وهو ينادي ويقول: يا اهل الفضل والمعروف من يشتري ابنتي الثريا بعشاء اريعة ضيوف وكان كل من ينضر اليها ويتامل فيها يتحسر على جمالها وحسن معانيها ويقول،اذا اشتريناها ماذا نطعمها ونسقيها،ولما لم يجد ابوها من يشتريها ارجعها الى المضارب،فقالت زوجته علامك ما بعنها يا امير،فقال لم اجد من يشترريها مني لا بقليل ولا بكثير نفقالت له اذهب بها الى الامير حسن امير القبيلة فانه يشتريها منك ولو بعشاء ليلة،فاخذها وسار فعند ذلك خرج الامير حسن من المضارب وسبقه وسار الى صيوانه بدون ان يراه احد من اهل الامير مفرج،واما الامير مفرج وابنته لما دخل سلم عليه وقبل يديه وانشد يقول:
يقول الفتي المدعـو امير مفرج
ولي قلب موجوع وزاد افكار
ايامير اتانا ضيةف جازوا محلـنا
وداروا هلال كبارها مع صغار
وما عـندنا بالبـيت شي نقـيهم
ولا مرتـع للدود و الاطـيار
اخذت الى ابنتي ودرت نجوعهـم
ودرت ميامينها ودرت يســار
فلم اجـد مـنهم مـن يشتريـها
واضيافي قد تـركتهـم بالـدار
يا امير ساعدني واجبر بخاطري
يجيرك الهي من عـذاب النـار
وخـذ بنتـي واكسـب الـثنـا
وجد لـي بمال يزيل عنا العـار
فلما فرغ الامير مفرج من الشعر و النظام، طيب الامير حسن خاطره واحترمه غاية الاحترام ثم امر له بقنطار من الطحين وان يرجع بابنته الى خيمته فشكره على ذلك الاحسان ورجع بالصبية وهو فرحان، ولما ابتعد وغاب عن المضارب والقباب،نهض الامير حسن بالعجل وتزيا بزيه الاول وركب مطيه وسار الاى بيت مفرج فوصل قبله، واعلم الامير ابو زيد بما فعله، ولما وصل مفرج اعلم زوجته بما ناله من الانعام وبلوغ القصد و المرام،ثم قال لها قومي الان وضعي العشاء حتى تأكل ضيوفنا وتتعشى،فبادرت في الحال وعجنت وخبزت وقدم مفرج خلزا الى الضيوف بدون ادام. وقال لفضلوا وكلوا ولا تواخذونا بالقصور فاني والله معذور، فقال ابو زيد: لو جلست معنا، كنا في غنا من هذا التعب والعناء، لانه يوجد معي من الزاد ما يسد به رمق الفواد. ثم مد يده الى الخرج وافرغه على سفرت الطعام، فشكره مفلرج على ذلك الاهتمام وجلس معهم يباسطهم بالكلام ثم تركهم ورجع الى فراشه ونام، وهم ناموا الى طلوع النهار فركبوا مطايهم وقصدوا جوانب الفقار.
ولما اقتربوا من وادي سلامة سمعوا صياحا وضجيجا مثل يوم القيامة فتقدموا على الاثر ليكشفوا حقيقة الخبر ولما ساروا في ذلك المكان وجدوا جمهورا من الرجال والشبان والنساء والصبيان يصيحون من قلب وجوع من شدة الجوع فتقدم الامير حسن اليهم وقد اشفق عليهم فطيب خاطرهم بالكلام وفرق عليهم جوائز الانعام ثم سارو الى المضاب والخيام واستدعي اليه سادات القبيلة و اكابر الجماعة وجعلوا يتفاوضون في امر المجاعة، فاتفق رايهم بوجه الاجمال على ان يرحلوا من تلك الاطلال بالاهل و العيال،وان يذهب ابو زيد الى بلاد الغرب وتلك الديار فيجس الاحوال، ويأتيهم بحقيقة الاخبار، ثم يرحلون بأولادهم واثقالهم الى تلك الاقطارفقال ابو زيد للأمير حسن، لا يخفاك أطال الله عمرك وأبقاك، أن المسافة، بعيدة طويلة فيلزم أاان يكون معي جماعة من ساادات القبيلة، فقال دياب هذا الامر من اسهل الامور فخذ معك من تريد من الجمهور فقال ابو زيد متى طلع النهار يوفق الله من يشاء ويختار ثم عاد الى الخيام في قلق و اهتمام فقامت له زوجته على الاقدام وقالت له بكلام الدلال مالي اراك منقبض الوجه يا ابا الابطال،فاعلمها بوافعة الحال وكيف اتفق رايهم على ارساله لتونس ولا يوجد من يعتمد عليه لياخذه على سبيل المعاونة و المؤانسة، واني قد رهنت لساني مع القوم على ان اذهب ثاني يوم فقالت له ارشدك على حيلة تتخلص بها من هذه السفرة الطويلة، وهو انك عند الصباح تدخل على الامير حسن وسادات القبيلة وتقول بانك مستعد ان تذهب الى تونس بشرط ان يرسلوا معك مرعي ويحيي ويونس، فأنهم من ابناء الاعيان ولا تسمح بهم اهلهم ان يتغربوا عن الاوطان، وبهذه الوسيلة يكون عذرك واضحا عند سادات القبيلة، فاستصوب منها هذا الكلام وفي ثاني الايام ذهب الى عند الامير حسن فالتقاه بالاكرام وقال، هل استعديت على الرحيل فقال انني في غاية الاستعداد للذهاب الى تلك البلاد ن غير اني اريد ان يكون معي رفقاء و اصحاب من سادات الاعراب لان المسافة بعيدة ومشقات الطريق شديدة، فقال الامير حسن خذ معك من تريد من الفرسان الصناديد فقال، اريد ان اخذ معي يونس و يحيي و مرعي لانهم يعاونونني في الطريق عند كل شدة وضيق، وبهم يحصل النجاح و التوفيق واعود اليكم سريعا بلا تعويق ن فاستعضم الامير حسن هذا الطلب خوفا عليهم من العطب، وكان يظن بان ابا زيد يطلب غيرهم من فرسان العرب، و لكنه سمح له اخيرا بعد ان حدثهم بذلك الخبر، و في اليوم الثالث تجهزوا للسفر و ركب الامير حسن بن سرحان في سادات القبيلة و اكابر الاعيان وساروا لوداعهم مدة ثلاثة ايام على التمام، ولما عزموا على الرجوع الى الاطلال و الربوع بكوا من فؤاد متبول و اشار ابو زيد يقول:
يقول ابو زيد الهلالي سلامة
ونيران قلبي زايدت اللهايب
وعيني من كثر البكا قل شوفها
جري دمعها فوق خدي سكايب
اسمع كلامي يا امير ابو على
وكن لقولي فاهما ثم حاسب
غدونا بعون الله جل جلاله
نرود دروب الغرب يم المغارب
وفي صحبيتي مرعي ويحيي ويونس
من اجلهم ذا النجع باكي وناحيب
وعليا عيوني يا عرب في حيكم
و صبرا وريا طويلات الذوايب
يا ابو على بالك عليهم من العدا
اذا هاجت الفرسان بين المضارب
اودعتكم لله ربي وخالقي
ومن يلتجي لله ما راح خايب
فلما فرغ ابو زيد من شعره ونظامه، وفهم الامير حسن وباقي الامراء معاني كلامه، تقدم حسن امام قواده وجعل يوصي ابو زيد بالاولاد ثم بكي وقال:
يقول الفتي حسن الهلالي ابو على
دمعي جري فقوق خدي سكايب
ونيران قلبي كلما اقول تنطفي
يزبد لها بين الضلوع لهايب
لفرقة مرعي صار قلبي ذائبا
اصبحت كالسكران للخمر شارب
ويحيي ويونس نور عيني وضوها
على بعدهم دمعات عيني سكايب
فارقتهم ما كان قصدي فراقهم
ولكن احوجتني لذاك مطالب
ايا هل تري مرعي اراه بناظري
وتزول ايام العنا والمتاعب
ايا دهر يا غدار ما لك غدرتني
ففارقت خلاني وكل الحبايب
اودعتكم لله ربي وخالقي
ومن اودع الرحمن ما راح خايب
اوصيكم المزح لا تمزحونه
فانه باكثر الاوقات غير صائب
واذا اردتم تدخلون مدينه
فيونس تراه يشتري ويحاسب
واذا جادلتم عالما بطريقكم
فمرعي على ذاك الجدال يجاوب
وابقوا ليحيي حارسا لجمالكم
فانه سيحميها من الاغارب
ومن يم عليا منور عيني ومهجتي
وصبرا وريا اعز كل الحبايب
هذي وصايا احفظوها جميعا
فان كلامي كله قول صائب
وهذه مقالات الامير ابو على
فقلبي ذاب من هول المصائب
فلما فرغ الامير حسن من هذا الشعر و النظام، بكى كل من كان حاضر ثم تقدمت امراته الست نافلة، اخت الامير دياب وهي في بكاء و انتحاب وجعلت توصي الامير ابو زيد بولدها مرعي وتقول:
تقول فتاة الحي نافلة النسا
بكيت على الفرقا وما قد جرا لها
ابوزيد لا تترك لمرعي وحده
فان غاب مرعي غاب عقلي وزالها
وحافظ عليه في الصباح وفي المسا
وداريه من الاخطار وامنع وبالها
فكم يوما من نجد لبلاد تونس
فاعلمني حتي اعد ليالها
فيا ليت نجد ارضها ما امحلت
و لا راح مرعي للمغارب جالها
فلما فرغت الاميرة نفالة من كلامها، تقدم الامراء فودعوهم ثم رجعوا الى بلادهم وسار الامير ابو زيد يقطع البراري و الفقار و يوصل سير الليل بسير النهار، قاصدا ولتك الديار، واما الامير حسن فانه قال مرادي اكتب تاريخ هذه الزيارة حتي تبقي ذكررا للجميع، فاستدعي الامير زيد بن مانع وكان كاتم اسراره وكاتب الوقائع فلما حضر امره بتسجيل بعض الابيات.
فلم انتهي الامير حسن من هذه الابيلت و سمعها السادات الكرام استحسنوها غاية الاستحسان، وسجلها زيد بن مانع في الديوان لتبقى لهم ذكري في طول الزمان، وكانت جميع النساء والبنات و الامراء و السادات تدعة لرب السماوات في اكثر الاوقات وتطلب منه نجاح ابة زيد في تونس ورجوعه سالما مع مرعي ويخيي ويونس، هذا ما كان من امر القبيلة و الامير حسن. واما ما كان من ابو زيد فانه بعد رحيله من الوطن مازال مجا في المسير حتي اشرف على بلاد حزوة و النير، وهي بلاد كثيرة الخيرات واسعة الاراضى والجهات وكان الحاكم عليها في ذلك الزمان ملك عظيم الشان صاحب ابطال وفرسان اسمه الدبيسي بن مزيد، فقصده ابو زيد وسلم عليه وتمثل بين يديه ووقف مرعي ويحيي ويونس حوليه، فقال ابو زيد اطال الله عمرك و رفع مقامك فانك وحيد العصر و اولى بالمديح والشكر، فلما سمع منه هذا الكلام قال له من أي بلاد انت. قال نحن شعراء حجازية نقصد الامراء الاجاويد ونمدح الملوك الاماجيد فناخذ عطاهم وننقل ثناهم، فقصدناك الان لنمدحك دون غيركم ونشكر فضلك وجزيل خيرك، لاننا سمنعا بجودك وكرمك ومن التفاق الغريب و الامر العجيب اننا مررنا على نجد وتلك الاوطان، مدحنا اميرها حسن بن سرحان فاجازنا بالجوائز السنية وخلع علينا الخلع الملوكية، وتلك البلاد الان في غلية الضيق من شدة المحن وعدم وجود القوت و الدقيق، ثم ان ابو زيد بعد هذا الخطاب عدل الرباب واشار يمدح الدبيسي ويعلمه عن احوال نجد بانشاد الوان القصيد.
قال الراوي فلما سمع الدبسيي منهم الشعر و النضام اكرمهم غاية الاكرام، وقال لهم مرحبا يا وجوه العرب ثم انزلهم في احسن الخيام و اقاموا عنده عشرة ايام، وكان ابو زيد في هذه المدة قد عرف احوال البلاد و وما فيها من عساكر واجناد، وميز مراكزها وجميع ضواحيها وبعد ذلك ودع الدبيسي ورحل من ذلك البلد وهو قاصد بلاد المغارب، وقد جدوا بالمسير و سابقوا بجنودهم الطير وما زالوا يقطعون البراري و الاجام مدة تسعة ايام، وكانوا يستريحون بالنهار ويقطعون الفلاو تحت ظلام الاعتكار، حتى وصلوا الى بلاد العمق وهي بلاد الامير مغامس، وكان دخولهم في الليل الدامس، ولما اقتربوا من الابيات سمعوا اصوات المولدات ودق طبول وزمور تدل على فرح وسرور، فقال ابو زيد لاصحابه ابشروا بالخير فان اهل الخير مشغولون بعرس لهم ومن الصواب ان نقصدهم ونصرف هذا اليوم عندهم( قال الراوي وكان السبب في ذلك انه كان اخاني اميران من اكابر الاعيان اسم الواحد عامر و الثاني ابو الجود و كان للامير عامر ولد اسمه مغامس جميل المنظر وكان لابي الجود بنت اسمها شاة الريم وكانت في الحسن على جانب عظيم، فأتفق ابو الجود على اب يجوزها لمغامس ابن اخيه لانه يحبه وهكذا تم الاتفاق و صار تقديم المهر و الصداق، وكان لهاذين الاميريين عدو من ملوك العربان يقال له نبهان، فغار بجنوده ذات يوم على هولاء، فالتقاه ابو الجود و الامير عامر بالابطال و العساكر وجرت بينهم حروب تشيب رؤوس الاطفال، انجرح فيها الامير عامر وقتل ابو الجود وكان للامير عامر عبد من الشجعان الصناديد يقال له سعيد كان يرعى الجمال بين الروابى و التلال، فلما راي تلك الخال وما خصل بمولاه من الوبال، ركب ظهر الحصان وهجم على نبهان وتبعته الابطال و الفرسان، بقلوب اقوي من الصوان ولم يكن غير ساعة من الزمان حتي طعنه بالمح بين بزيه، فالقاه على الارض يتخبط بعضه ببعض ثم انصب على جيش الاعداء فهزمه في تلك البيداء و بعد ذلك رجع الى القبيله بغائم جزيله فالتقته النساء بالنشائد و المدح الرائد وشكرته الرجال على تلك القتال و اكرموه غاية الاكرام، وفي اليوم الثالث اشتد على الامير عامر الالم حتى صار في حال العدم، فاستقر رايه على ان يقيم عبد سعيدا مكانه لبينما يكبر ابنه مغامس ويرتفع بين الناس قدره وشانه، فجمع اكابر الديوان وقواد الفرسان واعلمهم بذلك الشان ثم احضر سعيدا وقال له بحضور السادات الاماجيد، اعلم ايها الفارس الصنديد، اني قد اقمتك مكاني كلكا على هذه الاقليم بينما يكبر ابني مغامس فتزوجه بابنته عمه شاه الريم ويصير هو الامير وتكون انت له من جمله الوزراء و الاعيان.( قال الراوي) فلما انتهى عامر من كلامه بكى كل من كان حضرا من السادات الكرام وقال سعيد لمولاه سافعل ما امرت به اني عبدك وفي نعمتك قد انتشيت وكبرت ثم تفرقت العرب الى المضارب و الخيام وبعد ثلاثة ايام شرب كاس الحمام فغسلوه ودفنوه بالوقار و الاحترام، وبكي عليه الخاص و العام. وفي اليوم الثاني جلس سعبد على الكرسي مكان مولاه الامير عامر واطاعته الاكابر والاصاغر، فمان يحكم في القبيلة ويفعل ما يريد ولا يعترضه احد حتى تمكن غاية التمكين وصار من جملة الملوك المعظمين، فلما اشتهر امره وانتشر بين الناس ذكره داحله الطمع على اختلاس المملكة والقاء ابن مولاه مغامس في مهاوي التهلكة، فجمع الاعيان والابطال وقال لهم على رؤوس الاشهاد اعلموا ايها السادة الامجاد اني صممت الان على طرد مغامس من الاوطان وارساله الى ابعد مكان، فلا عدتم من الان تساعدوه وتعاملوه بشيء مهما كان، وكل من خالف ولم يمتثل لاحكامي قطعت راسه وخمدت انفاسه، فماذا تقولون: فقالوا سمعا والف طاعة فما عدنا نعامله ولا نتكلم معه من هذه الساعة، لانك انت ملكنا وميرنا وحامي بلادنا واوطاننا فبينما هم في الحديث والكلام واذا بالامير مغامس قد دخل عليهم فحياهم فلم يجسر احد ان يرد الجواب خوفا من القصاص والعقاب، فتاثر من ذلك الامر واحترق قلبه بلهيب الجمر، وعلم ان العبد مراده يمتلك على القبيلة بالقوة الجبرية فارتد رالجعا على الاثر واعلم امه بذلك الخبر ثم بكى وتنهد وانشد شعرا.
(فقال الراوي) فلما انتهى مغامس من شعره ومقاله ورثت امه لحاله وقالت اني خائفة من غدر هذا العبد فانه نكر الجميل والمعروف، وبادانا بالشر بعدما كان راعي جمالنا وعبدنا وخادمنا، فلما انتهت من هذا الكلام حتى اقبل عليها بعض الخدام يخبرها ان تذهب بابنها من تلك الديار، وقد ارسل اليك هذه الناقة الجربانة وهذه الشاة في سبيل الاحسان والصدقة فاذهبي في الحال قبل حلول الوبال فبكت ام مغامس من هذا الكلام، وتذكرت ايام زوجها وما اكنت فيه من العز والانعام وعلو الجاه ورفعة المقام، ولكنها اجابت بالسمع والطاعة ورحلت بابنها، وفي الطريق نصبا خيمة من القش واغصان الشجر لتقيهما من حرارة الشمس وضوء القمر، وجلسا في ذلك المكام تحت مشئية الرحمن(قال الراوي) هذا ما كان من امرهما واما سعيد العبد الخائن اللئيم فانه قد ارسل يطلب شاة الريم واامر امها ان تجهزها تلك الليلة وتصلح حالها حتى يدخل بها، فلما سمعت شاة الريم ذلك الكلام كان عليه اشد من ضرب الحسام، وجعلت تبكي مع امها على مغامس ابن عمها، لانها كانت تحبه ولما زاد عليها الحال انشدت تقولمن فؤاد متبول:
تقول شاة الريم من قلب حزين
ودمع عيني فوق وجناتي غزير
من بعد ابي وعمي قبله
صار راعينا على راس السرير
يارب سعيد العبد اعدمه الحياه
و اكتب نصيبي في مغامس يانصير
فلما انتهت من كلامها وفهمت امها فحوي شعرها ونضامها قالت لها، اعلمي يا بنت ان الصب مفتاح الفرج ولا بد ان نجد لهذا الضيق من مجرج، فاصبري على حكم الله وعلى قدره وقضاه، بان هذا العبد سعيد جبار عنيد وشيطان مريد، و قد ذلت له الفرسان الصناديد وابن عمك مغامس فقير الحال ليس له مال و رجال، وان خالفنا له امر اخذك غصبيا و قهرا، فمن الواجب ان نسمع كلامه ونمتثل اوامره واحكامه، فلما سمعت شاة الريم من امها هذا الكلام صبرت على احكام رب الانام، وكان العبد سيعيد قد صنع في تلك الليله وليمه لها قدرا وقيمة، جمع فيها بعض الاعيان واكابر الديوان، فدقت الطبول ونفخت الزمور وقام في القبيلة الفرحة والسرور، ودقت المولدات بالدفوف ولعبت الفرسان بالرماح والسيوف، فلما سمع مغامس اصوات الطبول وصهيل الخيول قصد الحي تحت ظلام الليل، فعندما وقف على خقيقة الخبر، طار من عينيه الشررؤ من شدة الوجد و الغرام وزواج ابنه عمه بدر التمام بذلك العبد ابن اللئام، فرجع واعلم امه بذلك فبكت شفقة عليه وجعلت تتلطف بخاطره وتقول، الله كريم فلا بد ان تكون من نصيبك شاة الريم، وكان في هذه اللحظة مرور ابو زيد ومن معه فسمع قولهما وبكائهما فنزل اليهما يستفهم عن سبب بكائهما فاعلامه بما جرى من العبد سعيد، فقال في سره لابد ان انصرهما وجلس عندهما فقام مغامس وذبح ناقته التي ليس له غيرها وقدمها لهم فاكلوا وشربوا و اخذ ابو زيد يغني على الرباب وكان راع لسعيد العبد مارا من هناك، فسمع غناء ابو زيد عند مغامس وامه، فذهب واخبر العبد سعيد بما راه، وهذا ارسل في طلبهم فحظروا الى العبد سعيد، فوجدوا عنده جماعة من السادات والاماجيد، وهو متكيء على طهره كانه فحل جاموس ومنتظر قدوم العروس، فسلم ابو زيد عليه ولا اكترث بكلامه، ولكنه قال لهم كيف تكونون من شعراء العرب واصحاب الفضل والادب وتتركون زيارة الامير وتقصدون عجوزا لا قدر لها ولا شأن، فقال ابو زيد اطال الله عمرك وزاد في مقامك وقدرك اننا ما اتينا الى هذه القبيلة الا لنمدح جنابك ونتشرف بساحة اعتابك غير ان وصولنا كان في الظلام وكنا نريد ان نزور حضرتك في ثاني الايام، الى ان ارسلت في طلبنا مع الغلمان، فحضرنا حالا لامرك العالي فلا زالت ايامك في فرح وسرور وافراح مدى الايام والليالي، فلما انتهى ابو زيد من مقاله جلس على يمينه وجلس مرعي يحيى ويونس على شماله، وكان عند جلوسه القى ساعده على فخذ سعيد، بقوة وعزم شديد، فتالم سعيد من تلك الحركة وقال: لا مرحبا بك ولا حلت علينا البركة، قاتل الله اباك وامك فما اثقل دمك، فقال ابو زيد لا تؤاخذنا كثر الله خيرك ومعروفك ثم انشد هذه الابيات:
يليه الجزء (02) من تغريبة بني هلال
رد: قصة ابو زيد الهلالي
قصة أبوزيد الهلالي
( الجزء الثاني من تغريبة بني هلال )
يقول الحجازي والحجازي سلامة
ارى الدهر بندر بالملوك الفاضل
يا حيف اهل العز ول زمانهم
ومن بعدهم حكمت اولاد الرذال
يا لهف قلبي على ملوك قد مضوا
حكم بعدهم في الناس خدام عاطل
انا ناصر الايتام بالسيف والقنا
وطاعن الاعادي فوق ظهر الصايل
انا منصف المظلوم جابر خاطره
انا فارس الفرسان ارد الجحافل
انا زوج الزينات لابناء عمهم
وابعد عنهم كل خبيث مماطل
فلا خير في عبد علا فوق سيده
ولا خير في من يغدر اهل الفضائل
فلا تحسب ان الدهر يصفو لظالم
ولا بد ما اريك طعن الذوابل
( قال الراوي ):
فلما انتهى ابو زيد من هذه القصة اغتاظ منه سعيد وقال له: ما هذا الكلام الغليظ الشديد، يا اخس العبيد، فلولا سواد لونك كنت قطعت راسك، واخمدت انفاسك، فاجلس مكانك واكفنا شرك ولسانك، ودع غيرك يطربنا يا ابن اللئام، فعند ذلك التفت مرعي وقال له: لا تؤاخذه ولا تغضب عليه، فنه من جملة العبيد الذين لايعرفون مقام الملوك ولا لهم خبرة بحسن التصرف والسلوك، فان كنت تريد غنيتك الان بقصيد يستحق الانعام ومزيد الاكرام فتزيل اكدارك وتربح افكارك فقال سعيد هات ما عنك فانشد شعرا اسوا من شعر ابو زيد فلما فرغ من كلامه وشعره ونظامه اغتاظ سعيد الغيظ الشديد، وصاح على الجلاد ان يقطع راسه ويخمد انفاسه فمنذ ذلك اعتذر اليه يحى امام الحاضرين وكبار السادات المقدمين، وقال لا تؤاخذهما من هذا القبيل ايها الملك الجليل، فانهما من اناس بهاليل لا يعرفون مضمون الكلام ولا يميزون بين النور والظلام فانا امدحك بابيات حسان ما سمعها احد الا وزال عنه الهم والاحزان لانها تشرح الصدور وتجلب السرور، فقال هات ما عندك لعن الله اباك وجدك فاجاب يحيى بشعر اسوأ من شعر مرعي، فلما فرغ يحيى من شعره ونظامه وفهم سعيد فحوى كلامه، زاد عليه الحال واستعظم المقال وصاح على الجلاد ان يقطع رأس الثلاثة قصاصا لهم على ذلك الإفتراء، فنهض يونس على الأقدام واعتذر اليه بالكلام، وقال ان هؤلاء الشعراء من اوباش العربان لأنهم تكلموا بحضرتك بما لايليق من الكلام، فان اردت انشدك ابياتا ما سمعها قط انسان الا استحسنها، فقال بارك الله فيك انشد وخذ مني ما يرضيك، فان صدري ضاق وقلبي يحدثني بالفراق فاتشد يونس شعرا اسوا من شعر يحيى.
فلما فرغ يونس من شعره ونظامه وفهم سعيد فحوى كلامه، عظم عليه الامر وتوقد قلبه بلهيب الجمر وقال لهم لهم احضرناكم يا لئام. حتى تطربونا بالشعر والنظام وتاخذون الجوائز والانعام، ولكنكم اساتم الادب وخرجتم عن سنة العرب، وتكلمتم بما لا يليق امامس ولا اعتبرتم قدري ومقامي، فلا بد من قتلكم على كلام الزور والنفاق، فلما انتهى من هذا المقال التقاه ابو زيد مثل سبع الآجام وضربه على رأسه بالحسام فقتله في الحال وأورثه الخبال ثم هجم على باقي العبيد وتيعه مرعي ويحيى ويونس الفرسان الصناديد، ولم تكن إلاّ لحظة من الزمان حتى انزلوا بهم الهوان، ومسحوهم بالسيف الهندوان، وبعد ذلك جمع أبو زيد سادات القبيلة والوجوه الكبار، وقال لهم: ها قد قتلت هذا العبد الغدار وجماعته الأشرار، لأنهم قد طغوا وتجبروا فلا رحم الله العبد اللئيم والوغد الذميم، لأن مرادي استخلاص المملكة من مغامس اليتيم، وأخذ ابنه عمه شاة الريم، فمرادي الآن أن أقيمه أميرا مقام أبيه فما هو رأيكم وماذا تقولون فيه: قالوا هو ابن مولانا وقد رضيناه علينا أميرا ونح عبيده وطوع يديه ولا نبخل بأرواحنا عليه، فعند ذلك ركب أبو زيد الحصان وركبت معه الأبطال والفرسان والسادات والأعيان، وقصدوا الأمير مغامس ومعهم الطبول والزمور، حتى وصلوا اليه فسلموا عليه وتمثلوا بين يديه، وأعلمه أبو زيد بواقعة الحال وكيف أنه قتل ذلك العبد المحتال، ففرح مغامس بهذا الخبر وزال عنه القلق والضجر، ثم أحضره الى الحلة مع أمه بموكب عظيم وزفوا عليه ابنة عمه شاة الريم، واجلسه على الكرسي مكان أبيه وصارت العرب تمدحه وتهاديه، لأنه تخلص من أيدي اولئك العبيد الأوباش، فشكروا أبو زيد ومرعي ويونس على ذلك الصنيع واراد ان يمنعهم عن السفر الى تونس، وان يبقوا عنده فيزيد فرحه ويستانس بهم. فقال أبو زيد ثلاثة ايام في فرح وسرور وغبطة وحبور، وبعد ذلك ودع الأمير مغامس وسار مرعي ويحيى ويونس، قاصدين مدينة تونس وهم يجدون في قطع الروابي والتلال، فوصلوا الى مكة المشرفة وقلوبهم على زيارة المصطفى متلهفة، وبعد ان زاروا المقام وادوا واجبات الوقار والاحترام، اجتمعوا في بيت شكر الشريف بن هاشم وهو زوج الجازية اخت الأمير حسن، واعلموهم بخروجهم من الوطن فترحب بهم وأكرمهم بمشاهدة أبو زيد ومرعي ويحيى ويونس، ثم أنهم ركبوا وساروا يقطون البراري والآكام حتى اشرفوا الى بلاد العجم، فدخلوا عليها وداروا في اسواقها وبعد ذلك رحلوا من تلك الديار، وواصلوا سير الليل بسير النهار حتى وصلوا الى بلاد التركمان، فدخلوا على ملكها الغضبان ومدحوه بالقصائد الحسان، فاكرمهم غاية الاكرام واجازهم بنفائس الانعام، ثم ركبوا الخيول وجدوا في قطع البراري والسهول الى ان وصلوا الى عند السلام الخفاجي عامر حاكم بلاد العراق، فدخلوا وسلموا عليه فرد السلام عليهم واكرمهم غاية الاكرام ثم ان أبو زيد أخذ يمدح الخفاجي عامر، وطلب ان يمن عليه بانعامه.
فلما انتهى أبو زيد من شعره ونظامه وفهم الخفاجي عامر فحوى كلامه، اجازهم بالجوائز الحسان ثم قدم لهم الطعام، فشكروه على هذا الاهتمام واقاموا عنده ثلاثة ايام في عز واكرام ثم ودعوه وجدوا في قطع البراري والآكام الى ان وصلوا الى الشهباء، وكانوا قد تعبوا من السفر، فنزلوا عن خيولهم واستظلوا تحت اغصان الشجر، وكان أمير المدينة رجلا عالي المقام اسمه الأمير بدريس وله وزير عاقل خبير اسمع الخزاعي، وهو صاحب رأي وتدبير فاتفق انه خرج في جماعة من القوم قاصدا الصيد والقنص، فرأى أبو زيد ومن معه فسلم عليه وسالهم عن احوالهم فنهض أبو زيد وحياه، وانشده فاكرمه الأمير واعطاه.
فلما انتهى أبو زيد من هذا الشعر والنظام شكره الخزاعي وقال لهم اعلموا يا شعار العرب واصحاب الفضل والادب، اني الخزاعي وزير بدريس أمير حلب فاقصدوني الى المدينة وانا اخلع عليكم الخلع الثمينة، فيزول عنكم العنا وتنالوا القصد والمنى، ثم تركهم وسار فارسل أبو زيد الأمير يونس الى البلد لياتيهم بالماكل والمشرب لأنهم كانوا في غاية الجوع، فسار بالعجل وجعل يدور فيها ويتامل في اسواقها وحسن مبانيها ثم رجع واخذ يشرح لأبي زيد عن حسن المدينة وعما شاهد فيها من القلاع الحصينة، وبعد ذلك ركب مع جماعته مرعي ويحيى ويونس وجدوا في قطع البراري والآكام ومروا بحماة وحمص وطرابلس حتى اشرفوا على مدينة الشام، وكان الحاكم عليها في ذلك الزمان ملك عظيم الشأن إسمه شبيب التبعي ابن مالك حسان، وساروا ولو كان أجنحة لطاروا الى ان وصلوا الى القدس الشريف، فاقاموا بها يومين ومنها ساروا الى غزة ودخلوا على حاكمها الشركسي ابن نازب، فمدحوه بنفائس الأشعار واعتبرهم غاية الإعتبار، واقاموا عنده عشرة ايام، ثم جدوا في السير حتى وصلوا الى مصر العدية وتلك الأراضي البهية، فقصدوا الفرمند بن متوج ودخلوا عليه ومدحوه بنفائس الأشعار فالتقاهم بالترحيب والوقار، واقاموا عنده ثلاثة ايام وساروا قاصدين بلاد الصعيد وبلاد المغارب حتى وصلوا الى عند القاضي بن مقرب، ودخلوا عليه ومدحوه بالأشعار فاعتبرهم غاية الاعتبار وقاموا عنده في اعزاز واكرام، وكان هذا الرجل من اعلى الناس بكرم الضيوف ويجود بالالوف وهو الذي ذكره المؤرخ الشهير ابن خلدون في كتابه العبر، ثم تأهب أبو زيد للسفر فودع الماضي وسار مع جماعته.
( قال الراوي ):
واتفق ان جماعة من الشعراء العربان كانوا قصدوا بلاد نجد ومدحوا الأمير حسن بن سرحان بالأشعار الحسان كما جرت العادة في ذلك الزمان، فاجازهم بالعطايا الجميلة والمواهب الجزيلة، وكانت من جملتها جارية من بنات الحي تسمى مي، فشكروه على هذا الجميل والاحسان ثم ساروا قاصدين بلاد العرب وتلك الأوطان، حتى وصلوا الى تونس الخضراء ومدحوا الزناتي خليفة والوزراء، فاحسنوا اليهم وانعموا عليهم ثم باعوا تلك الجارية الظريفة الى سعدة بنت الزناتي خليفة، وكانت سعدة من اجمل البنات، لطيفة الذات، قد اتصفت بالأنس والمحاسن، وشاع ذكرها في جميع الأماكن، تجالس الأدباء وتنادم الملوك والأمراء ذات أدب وفضل لها معرفة بضرب الرمل، فاتفق انها سالت تلك الجارية ذات يوم عن سبب وقوعها في ايدي اولئك القوم، فاخبرتها بالقصة وكيف أن الأمير حسن اوهبها لهم على سبيل الهدية، فقالت وهل يوجد نظيري بين نساء العرب في الحسن والأدب؟ فقالت لها يا صاحبة الجود والكرم انه يوجد بين الأمم من يشبهك في الظرف والجمال ومكارم الشيم وحسن الخصال، وهو بطل الأبطال وزينة الرجال الأمير مرعي ابن مولاي حسن أمير بني هلال، فلما سمعت سعداء هذا الكلام تعلق قلبها بمرعي وهام، لأن الإنسان قد يعشق بسمع الآذان قبل المشاهدة والعيان، فقالت سعدة: اذا كان كلامك هو حقيق فاوصفيه لي على التحقيق فاشارت مي تقول:
لو تنظري يا ست مرعي بنظرة
فنظرة في مرعي تزيل المصايب
له وجه مثل البدر عند اكتماله
وخدود تشبه ساطعات الكواكب
له خد احمر والعيون نواعس
وكالسيف ماضي قفلة الحواجب
وطوله كعود الزان ان كان مايل
خلى نار قلبي تزيد اللهايب
فقالت لها سعداء قومي بنا الى البستان وانا اضرب هناك الرمل، وانظر احوال الذين ذكرتهم الآن، فان قلبي تعلق بهم غاية التعليق ومرادي ان اعرف اخبارهم على التحقيق، ثم اخذتها معها الى البستان وكان من احسن النزهات فضربت الرمل وولدت البنات من الأمهات، فتاكد لها ذلك الخبر وعرفت الأمورالتي سوف تجري، وبينما هما في الحديث اقبل عليهما العلام ابن الزناتي خليفة ونائبه في معاطاة الأحكام، صاحب معرفة وفضل وعقل من خبر الناس في ضرب الرمل، وكان يتردد على سعدة في اغلب الأيام لأنه من جملة الأهل و بني الأعمام،فسلم عليها فردت السلام واستقبلته بالترحاب والاكرام، فجلس بقربها وكان قد عرف ما في قلبها لأنه ضرب الرمل في ذلك النهار وظهرت له الأخبار، فاعلمها بافكاره وكشف لها اسراره فطلبت منه ان يكتم ذلك الخبر ولا يبيح به لأحد من البشر، خوفا عليها من الضرر وقالت له اريد منك يا ابن عمي ان تعلمني متى حضر هؤلاء القوم لأني بانتظارهم، فاجابها الى ذلك الطلب ووعدها بالمساعدة على بلوغ الأرب، ودعها وسار طالب الصيد والقنص.
( قال الراوي ):
هذا ما كان من سعدة وابن عمها العلام، واما ما كان من البطل الهمام والأسد الدرغام أبو زيد فارس الصدام ومن معه من السادات الكرام، فانهم كانوا قد جدوا في قطع الروابي والآكام، مدة عشرة أيام حتى وصلوا الى تونس وقت الظلام، فباتوا خارج المدينة وفي اليوم التالي صاروا يتأملون في مبانيها فوجدوها متينة وأبراجها حصينة كثيرة القلاع قوية الدفاع، وانهارها غزيرة وخيراتها كثيرة، فجعلوا يدورون حواليها يتبصرون كيف يكون الهجوم عليها، ثم دخلوا الى بستان واستمروا تحت أغصان الشجر وكانوا يقطفون ويأكلون الثمر، فبينما هم على تلك الحال إذا اقبل عليهم جماعة من الأبطال أرسلهم الزناتي ليقبضوا عليهم ويقيدوهم بالأغلال حيث بلغه خبرهم من بعض الفرسان بأنهم في ذلك البستان، فداروا بهم من اليمين والشمال فلما نظر أبو زيد تلك الفعال استعد للحرب والقتال، وهجم عليهم كالسبع وضرب بالسيف في ذلك الجمع فقتل منهم عدة رجال ومددهم على الرمال، ثم تكاثرت العساكر والجنود أحاطوا بهم، وقبضوا على مرعي ويحيى ويونس أوثقوهم بالقيود والأغلال ولم يقدروا على أبو زيد في الحرب والقتال، فعند ذلك تقدم إليه العلام على انفراد وقال له من تكون من العباد وما هو سبب مجيئكم الى هذه البلاد. فقال أبو زيد أننا شعراء من بلاد الشرق وعادتنا ان نمدح الأمراء وسمعنا بكرم الزناتي خليفة وما خصه الله من الشمائل اللطيفة، فقصدناه لأجل هذه الغاية الوحيدة، وكان وصولنا مساء فبتنا في هذا المكان حيث أننا غرباء لا نعرف احدا، الى ان أشرفتم بجمعكم علينا أوصلتم أذاكم إلينا. وأنا اسمي محمود واسم جماعتي شداد وحماد ومسعود، فقال العلام لقد كذبت في المقال وتكلمت بكلام المحال، ما أنت الا الأمير أبو زيد صاحب المكر والكيد، واما رفقاؤك فهم مرعي ويحيى ويونس، وقد أتيتم الى بلادنا لتعرفوا أحوالنا وقواتنا ثم تهجمون علينا وتحتلون بلادنا، ثم قال امسكوه ولا تؤذوه فانطبقت الفرسان على أبي زيد من اليمين والشمال، حتى قبضوا عليه أخذوه مع باقي أصحابه الى الزناتي، ولما دخلوا عليه تمثلوا بين يديه، وقالوا اعلم يا مولانا ان هذا العبد حاربنا ودهانا، وقتل منا أبطالا وفرسانا، فاغتاظ الزناتي وتكدر من هذا الخبر،وقال لأبي زيد من تكون من العربان يا أخس السودان، قال نحن شعراء نقصد الملوك والأمراء فنمدحهم ونأخذ الأنعام ونحصل على بلوغ المرام، فسمعنا بكرمك فقصدناك من بلاد العرب، طمعا بالفضة والذهب، وحيث أننا من الأعراب وليس لنا في هذه الناحية أصدقاء ولا أحباب، فدخلنا الى ذلك البستان لنأخذ لأنفسنا راحة يا ملك الزمان، ثم نقصد جناحك العالي وباقي السادات والموالي، فأحاطت بنا العساكر مع الأهالي وغاروا علينا قاصدين قتلنا واذانا، فاقتضى الحال أننا دافعنا عن أنفسنا بقدر الإمكان الى ان وقعنا في الأسر والهوان، فأمر بما تشاء وتريد أيها الملك السعيد، فلما سمع الزناتي هذا الكلام أبدى الضحك والابتسام، وقال لهم يا مناحيس ما أنت الا جواسيس، أتيتم لتردوا البلاد وتعرفوا أحوال العباد، ثم تذهبون وتأتون بالعساكر والجمع الوفير، فتملكون بلادنا واراضينا، وتتحكمون بجموعكم فينا، هذا هو السبب الذي قادكم إلينا وحملكم على القدوم والهجوم علينا، فلا بد من قتلكم يا أوغاد على روؤس الأشهاد.
( الجزء الثاني من تغريبة بني هلال )
يقول الحجازي والحجازي سلامة
ارى الدهر بندر بالملوك الفاضل
يا حيف اهل العز ول زمانهم
ومن بعدهم حكمت اولاد الرذال
يا لهف قلبي على ملوك قد مضوا
حكم بعدهم في الناس خدام عاطل
انا ناصر الايتام بالسيف والقنا
وطاعن الاعادي فوق ظهر الصايل
انا منصف المظلوم جابر خاطره
انا فارس الفرسان ارد الجحافل
انا زوج الزينات لابناء عمهم
وابعد عنهم كل خبيث مماطل
فلا خير في عبد علا فوق سيده
ولا خير في من يغدر اهل الفضائل
فلا تحسب ان الدهر يصفو لظالم
ولا بد ما اريك طعن الذوابل
( قال الراوي ):
فلما انتهى ابو زيد من هذه القصة اغتاظ منه سعيد وقال له: ما هذا الكلام الغليظ الشديد، يا اخس العبيد، فلولا سواد لونك كنت قطعت راسك، واخمدت انفاسك، فاجلس مكانك واكفنا شرك ولسانك، ودع غيرك يطربنا يا ابن اللئام، فعند ذلك التفت مرعي وقال له: لا تؤاخذه ولا تغضب عليه، فنه من جملة العبيد الذين لايعرفون مقام الملوك ولا لهم خبرة بحسن التصرف والسلوك، فان كنت تريد غنيتك الان بقصيد يستحق الانعام ومزيد الاكرام فتزيل اكدارك وتربح افكارك فقال سعيد هات ما عنك فانشد شعرا اسوا من شعر ابو زيد فلما فرغ من كلامه وشعره ونظامه اغتاظ سعيد الغيظ الشديد، وصاح على الجلاد ان يقطع راسه ويخمد انفاسه فمنذ ذلك اعتذر اليه يحى امام الحاضرين وكبار السادات المقدمين، وقال لا تؤاخذهما من هذا القبيل ايها الملك الجليل، فانهما من اناس بهاليل لا يعرفون مضمون الكلام ولا يميزون بين النور والظلام فانا امدحك بابيات حسان ما سمعها احد الا وزال عنه الهم والاحزان لانها تشرح الصدور وتجلب السرور، فقال هات ما عندك لعن الله اباك وجدك فاجاب يحيى بشعر اسوأ من شعر مرعي، فلما فرغ يحيى من شعره ونظامه وفهم سعيد فحوى كلامه، زاد عليه الحال واستعظم المقال وصاح على الجلاد ان يقطع رأس الثلاثة قصاصا لهم على ذلك الإفتراء، فنهض يونس على الأقدام واعتذر اليه بالكلام، وقال ان هؤلاء الشعراء من اوباش العربان لأنهم تكلموا بحضرتك بما لايليق من الكلام، فان اردت انشدك ابياتا ما سمعها قط انسان الا استحسنها، فقال بارك الله فيك انشد وخذ مني ما يرضيك، فان صدري ضاق وقلبي يحدثني بالفراق فاتشد يونس شعرا اسوا من شعر يحيى.
فلما فرغ يونس من شعره ونظامه وفهم سعيد فحوى كلامه، عظم عليه الامر وتوقد قلبه بلهيب الجمر وقال لهم لهم احضرناكم يا لئام. حتى تطربونا بالشعر والنظام وتاخذون الجوائز والانعام، ولكنكم اساتم الادب وخرجتم عن سنة العرب، وتكلمتم بما لا يليق امامس ولا اعتبرتم قدري ومقامي، فلا بد من قتلكم على كلام الزور والنفاق، فلما انتهى من هذا المقال التقاه ابو زيد مثل سبع الآجام وضربه على رأسه بالحسام فقتله في الحال وأورثه الخبال ثم هجم على باقي العبيد وتيعه مرعي ويحيى ويونس الفرسان الصناديد، ولم تكن إلاّ لحظة من الزمان حتى انزلوا بهم الهوان، ومسحوهم بالسيف الهندوان، وبعد ذلك جمع أبو زيد سادات القبيلة والوجوه الكبار، وقال لهم: ها قد قتلت هذا العبد الغدار وجماعته الأشرار، لأنهم قد طغوا وتجبروا فلا رحم الله العبد اللئيم والوغد الذميم، لأن مرادي استخلاص المملكة من مغامس اليتيم، وأخذ ابنه عمه شاة الريم، فمرادي الآن أن أقيمه أميرا مقام أبيه فما هو رأيكم وماذا تقولون فيه: قالوا هو ابن مولانا وقد رضيناه علينا أميرا ونح عبيده وطوع يديه ولا نبخل بأرواحنا عليه، فعند ذلك ركب أبو زيد الحصان وركبت معه الأبطال والفرسان والسادات والأعيان، وقصدوا الأمير مغامس ومعهم الطبول والزمور، حتى وصلوا اليه فسلموا عليه وتمثلوا بين يديه، وأعلمه أبو زيد بواقعة الحال وكيف أنه قتل ذلك العبد المحتال، ففرح مغامس بهذا الخبر وزال عنه القلق والضجر، ثم أحضره الى الحلة مع أمه بموكب عظيم وزفوا عليه ابنة عمه شاة الريم، واجلسه على الكرسي مكان أبيه وصارت العرب تمدحه وتهاديه، لأنه تخلص من أيدي اولئك العبيد الأوباش، فشكروا أبو زيد ومرعي ويونس على ذلك الصنيع واراد ان يمنعهم عن السفر الى تونس، وان يبقوا عنده فيزيد فرحه ويستانس بهم. فقال أبو زيد ثلاثة ايام في فرح وسرور وغبطة وحبور، وبعد ذلك ودع الأمير مغامس وسار مرعي ويحيى ويونس، قاصدين مدينة تونس وهم يجدون في قطع الروابي والتلال، فوصلوا الى مكة المشرفة وقلوبهم على زيارة المصطفى متلهفة، وبعد ان زاروا المقام وادوا واجبات الوقار والاحترام، اجتمعوا في بيت شكر الشريف بن هاشم وهو زوج الجازية اخت الأمير حسن، واعلموهم بخروجهم من الوطن فترحب بهم وأكرمهم بمشاهدة أبو زيد ومرعي ويحيى ويونس، ثم أنهم ركبوا وساروا يقطون البراري والآكام حتى اشرفوا الى بلاد العجم، فدخلوا عليها وداروا في اسواقها وبعد ذلك رحلوا من تلك الديار، وواصلوا سير الليل بسير النهار حتى وصلوا الى بلاد التركمان، فدخلوا على ملكها الغضبان ومدحوه بالقصائد الحسان، فاكرمهم غاية الاكرام واجازهم بنفائس الانعام، ثم ركبوا الخيول وجدوا في قطع البراري والسهول الى ان وصلوا الى عند السلام الخفاجي عامر حاكم بلاد العراق، فدخلوا وسلموا عليه فرد السلام عليهم واكرمهم غاية الاكرام ثم ان أبو زيد أخذ يمدح الخفاجي عامر، وطلب ان يمن عليه بانعامه.
فلما انتهى أبو زيد من شعره ونظامه وفهم الخفاجي عامر فحوى كلامه، اجازهم بالجوائز الحسان ثم قدم لهم الطعام، فشكروه على هذا الاهتمام واقاموا عنده ثلاثة ايام في عز واكرام ثم ودعوه وجدوا في قطع البراري والآكام الى ان وصلوا الى الشهباء، وكانوا قد تعبوا من السفر، فنزلوا عن خيولهم واستظلوا تحت اغصان الشجر، وكان أمير المدينة رجلا عالي المقام اسمه الأمير بدريس وله وزير عاقل خبير اسمع الخزاعي، وهو صاحب رأي وتدبير فاتفق انه خرج في جماعة من القوم قاصدا الصيد والقنص، فرأى أبو زيد ومن معه فسلم عليه وسالهم عن احوالهم فنهض أبو زيد وحياه، وانشده فاكرمه الأمير واعطاه.
فلما انتهى أبو زيد من هذا الشعر والنظام شكره الخزاعي وقال لهم اعلموا يا شعار العرب واصحاب الفضل والادب، اني الخزاعي وزير بدريس أمير حلب فاقصدوني الى المدينة وانا اخلع عليكم الخلع الثمينة، فيزول عنكم العنا وتنالوا القصد والمنى، ثم تركهم وسار فارسل أبو زيد الأمير يونس الى البلد لياتيهم بالماكل والمشرب لأنهم كانوا في غاية الجوع، فسار بالعجل وجعل يدور فيها ويتامل في اسواقها وحسن مبانيها ثم رجع واخذ يشرح لأبي زيد عن حسن المدينة وعما شاهد فيها من القلاع الحصينة، وبعد ذلك ركب مع جماعته مرعي ويحيى ويونس وجدوا في قطع البراري والآكام ومروا بحماة وحمص وطرابلس حتى اشرفوا على مدينة الشام، وكان الحاكم عليها في ذلك الزمان ملك عظيم الشأن إسمه شبيب التبعي ابن مالك حسان، وساروا ولو كان أجنحة لطاروا الى ان وصلوا الى القدس الشريف، فاقاموا بها يومين ومنها ساروا الى غزة ودخلوا على حاكمها الشركسي ابن نازب، فمدحوه بنفائس الأشعار واعتبرهم غاية الإعتبار، واقاموا عنده عشرة ايام، ثم جدوا في السير حتى وصلوا الى مصر العدية وتلك الأراضي البهية، فقصدوا الفرمند بن متوج ودخلوا عليه ومدحوه بنفائس الأشعار فالتقاهم بالترحيب والوقار، واقاموا عنده ثلاثة ايام وساروا قاصدين بلاد الصعيد وبلاد المغارب حتى وصلوا الى عند القاضي بن مقرب، ودخلوا عليه ومدحوه بالأشعار فاعتبرهم غاية الاعتبار وقاموا عنده في اعزاز واكرام، وكان هذا الرجل من اعلى الناس بكرم الضيوف ويجود بالالوف وهو الذي ذكره المؤرخ الشهير ابن خلدون في كتابه العبر، ثم تأهب أبو زيد للسفر فودع الماضي وسار مع جماعته.
( قال الراوي ):
واتفق ان جماعة من الشعراء العربان كانوا قصدوا بلاد نجد ومدحوا الأمير حسن بن سرحان بالأشعار الحسان كما جرت العادة في ذلك الزمان، فاجازهم بالعطايا الجميلة والمواهب الجزيلة، وكانت من جملتها جارية من بنات الحي تسمى مي، فشكروه على هذا الجميل والاحسان ثم ساروا قاصدين بلاد العرب وتلك الأوطان، حتى وصلوا الى تونس الخضراء ومدحوا الزناتي خليفة والوزراء، فاحسنوا اليهم وانعموا عليهم ثم باعوا تلك الجارية الظريفة الى سعدة بنت الزناتي خليفة، وكانت سعدة من اجمل البنات، لطيفة الذات، قد اتصفت بالأنس والمحاسن، وشاع ذكرها في جميع الأماكن، تجالس الأدباء وتنادم الملوك والأمراء ذات أدب وفضل لها معرفة بضرب الرمل، فاتفق انها سالت تلك الجارية ذات يوم عن سبب وقوعها في ايدي اولئك القوم، فاخبرتها بالقصة وكيف أن الأمير حسن اوهبها لهم على سبيل الهدية، فقالت وهل يوجد نظيري بين نساء العرب في الحسن والأدب؟ فقالت لها يا صاحبة الجود والكرم انه يوجد بين الأمم من يشبهك في الظرف والجمال ومكارم الشيم وحسن الخصال، وهو بطل الأبطال وزينة الرجال الأمير مرعي ابن مولاي حسن أمير بني هلال، فلما سمعت سعداء هذا الكلام تعلق قلبها بمرعي وهام، لأن الإنسان قد يعشق بسمع الآذان قبل المشاهدة والعيان، فقالت سعدة: اذا كان كلامك هو حقيق فاوصفيه لي على التحقيق فاشارت مي تقول:
لو تنظري يا ست مرعي بنظرة
فنظرة في مرعي تزيل المصايب
له وجه مثل البدر عند اكتماله
وخدود تشبه ساطعات الكواكب
له خد احمر والعيون نواعس
وكالسيف ماضي قفلة الحواجب
وطوله كعود الزان ان كان مايل
خلى نار قلبي تزيد اللهايب
فقالت لها سعداء قومي بنا الى البستان وانا اضرب هناك الرمل، وانظر احوال الذين ذكرتهم الآن، فان قلبي تعلق بهم غاية التعليق ومرادي ان اعرف اخبارهم على التحقيق، ثم اخذتها معها الى البستان وكان من احسن النزهات فضربت الرمل وولدت البنات من الأمهات، فتاكد لها ذلك الخبر وعرفت الأمورالتي سوف تجري، وبينما هما في الحديث اقبل عليهما العلام ابن الزناتي خليفة ونائبه في معاطاة الأحكام، صاحب معرفة وفضل وعقل من خبر الناس في ضرب الرمل، وكان يتردد على سعدة في اغلب الأيام لأنه من جملة الأهل و بني الأعمام،فسلم عليها فردت السلام واستقبلته بالترحاب والاكرام، فجلس بقربها وكان قد عرف ما في قلبها لأنه ضرب الرمل في ذلك النهار وظهرت له الأخبار، فاعلمها بافكاره وكشف لها اسراره فطلبت منه ان يكتم ذلك الخبر ولا يبيح به لأحد من البشر، خوفا عليها من الضرر وقالت له اريد منك يا ابن عمي ان تعلمني متى حضر هؤلاء القوم لأني بانتظارهم، فاجابها الى ذلك الطلب ووعدها بالمساعدة على بلوغ الأرب، ودعها وسار طالب الصيد والقنص.
( قال الراوي ):
هذا ما كان من سعدة وابن عمها العلام، واما ما كان من البطل الهمام والأسد الدرغام أبو زيد فارس الصدام ومن معه من السادات الكرام، فانهم كانوا قد جدوا في قطع الروابي والآكام، مدة عشرة أيام حتى وصلوا الى تونس وقت الظلام، فباتوا خارج المدينة وفي اليوم التالي صاروا يتأملون في مبانيها فوجدوها متينة وأبراجها حصينة كثيرة القلاع قوية الدفاع، وانهارها غزيرة وخيراتها كثيرة، فجعلوا يدورون حواليها يتبصرون كيف يكون الهجوم عليها، ثم دخلوا الى بستان واستمروا تحت أغصان الشجر وكانوا يقطفون ويأكلون الثمر، فبينما هم على تلك الحال إذا اقبل عليهم جماعة من الأبطال أرسلهم الزناتي ليقبضوا عليهم ويقيدوهم بالأغلال حيث بلغه خبرهم من بعض الفرسان بأنهم في ذلك البستان، فداروا بهم من اليمين والشمال فلما نظر أبو زيد تلك الفعال استعد للحرب والقتال، وهجم عليهم كالسبع وضرب بالسيف في ذلك الجمع فقتل منهم عدة رجال ومددهم على الرمال، ثم تكاثرت العساكر والجنود أحاطوا بهم، وقبضوا على مرعي ويحيى ويونس أوثقوهم بالقيود والأغلال ولم يقدروا على أبو زيد في الحرب والقتال، فعند ذلك تقدم إليه العلام على انفراد وقال له من تكون من العباد وما هو سبب مجيئكم الى هذه البلاد. فقال أبو زيد أننا شعراء من بلاد الشرق وعادتنا ان نمدح الأمراء وسمعنا بكرم الزناتي خليفة وما خصه الله من الشمائل اللطيفة، فقصدناه لأجل هذه الغاية الوحيدة، وكان وصولنا مساء فبتنا في هذا المكان حيث أننا غرباء لا نعرف احدا، الى ان أشرفتم بجمعكم علينا أوصلتم أذاكم إلينا. وأنا اسمي محمود واسم جماعتي شداد وحماد ومسعود، فقال العلام لقد كذبت في المقال وتكلمت بكلام المحال، ما أنت الا الأمير أبو زيد صاحب المكر والكيد، واما رفقاؤك فهم مرعي ويحيى ويونس، وقد أتيتم الى بلادنا لتعرفوا أحوالنا وقواتنا ثم تهجمون علينا وتحتلون بلادنا، ثم قال امسكوه ولا تؤذوه فانطبقت الفرسان على أبي زيد من اليمين والشمال، حتى قبضوا عليه أخذوه مع باقي أصحابه الى الزناتي، ولما دخلوا عليه تمثلوا بين يديه، وقالوا اعلم يا مولانا ان هذا العبد حاربنا ودهانا، وقتل منا أبطالا وفرسانا، فاغتاظ الزناتي وتكدر من هذا الخبر،وقال لأبي زيد من تكون من العربان يا أخس السودان، قال نحن شعراء نقصد الملوك والأمراء فنمدحهم ونأخذ الأنعام ونحصل على بلوغ المرام، فسمعنا بكرمك فقصدناك من بلاد العرب، طمعا بالفضة والذهب، وحيث أننا من الأعراب وليس لنا في هذه الناحية أصدقاء ولا أحباب، فدخلنا الى ذلك البستان لنأخذ لأنفسنا راحة يا ملك الزمان، ثم نقصد جناحك العالي وباقي السادات والموالي، فأحاطت بنا العساكر مع الأهالي وغاروا علينا قاصدين قتلنا واذانا، فاقتضى الحال أننا دافعنا عن أنفسنا بقدر الإمكان الى ان وقعنا في الأسر والهوان، فأمر بما تشاء وتريد أيها الملك السعيد، فلما سمع الزناتي هذا الكلام أبدى الضحك والابتسام، وقال لهم يا مناحيس ما أنت الا جواسيس، أتيتم لتردوا البلاد وتعرفوا أحوال العباد، ثم تذهبون وتأتون بالعساكر والجمع الوفير، فتملكون بلادنا واراضينا، وتتحكمون بجموعكم فينا، هذا هو السبب الذي قادكم إلينا وحملكم على القدوم والهجوم علينا، فلا بد من قتلكم يا أوغاد على روؤس الأشهاد.
رد: قصة ابو زيد الهلالي
( قال الراوي ):
وكان الزناتي قد وقف على الخبر اليقين من المنجمين، وبعد مفاوضات طويلة مع ارباب المجلس استقر الراي على شنق أبي زيد ومرعي ويحيى ويونس، فاخذهم العسكر ومروا بهم من تحت قصر الأميرة سعداء فلما سمعت ضجيج العسكر قامت جاريتها لتعلم ما الخبر فطلت راسها من الشباك وامعنت النظر فيهم فاعتراها الكدر، وقالت لمولاتها اعلمي يا زينة الدنيا ان هؤلاء الثلاثة هم مرعي ويحيى ويونس واما هذا العبد الرابع فهو ليث الوقائع الأمير أبو زيد فارس المعامع، فلما سمعت سعداء هذا الكلام، تبدل نهارها بالظلام لأنها كانت تعلقت بحب مرعي دون الأنام، فصاحت على الجلادين والعساكر والمحافظين وقالت لهم ارجعوا الى ابي بهؤلاء العرب واياكم ان تقتلوهم فيحل بكم العطب، واني ساتبعكم لأقف على حقيقة الخبر، فلما سمعوا رجعوا في الحال، وذلك لما يعهدون من علو منزلتها ونفوذ كلمتها، ثم ان سعدا لبست افخر الثياب وذهبت تخبر اباها بما فعلت ونصحته بعدم قتلهم لعدم ثبوت جرمهم واقترحت عليه حبسهم في قصرها، فاجابها الى طلبها.
فاخذت الأربعة انفار وحبستهم عندها في الدار، ثم اخذت من الطعام ما يكفيهم ونزلت اليهم فاجتمعت بمرعي في اول الأمر وقالت له: كل ولا تخبر احدا بل احفظ ذلك بالسر ثم فعلت هكذا بيحيى ويونس وقالت ليونس ان يرسل لها ابو زيد فلما حضر قدمت له شيئا من الطعام فشكرها على هذا الاهتمام، ثم انه قسمه على سبعة اقسا فسالته عن سبب ذلك فقال لها اعلمي يا زينة الممالك وبدر الليل الحالك، انني انا وجماعتي اربعة وانت والجارية اثنان على التمام، والحصة السابعة ساحزمها بحزام وارسلها الى ابنة عمي عاليا، فقالت له سعدا لماذا لا تتغذى وحدك، فتنهد من فؤاد متبول وانشد يقول:
اذا اكلت انا وجاعت جماعتي
فلا عشت عمري لسكب الصفائح
واذا جعت انا واكلت جماعتي
احمد ربي وهو كريم مسامح
ايا ست زاد اثنين يكفي ثلاثة
ويكفي اربعة يا ست والكل رايح
ويكفي خمسة من اجاويد حينا
ويكفي لستة من هلال السمائح
فضحكت سعدة من كلامه واعجبها فحوى شعره ونظامه، ثم انها اخرجتهم من الحبس واحضرتهم الى عندها وقدمت لهم الطعام واخذت تحادثهم بالكلام وتسالهم عن احوالهم وعن بلادهم فقال ابو زيد: نحن من جملة الشعراء نقصد الملوك والأمراء فنمدحهم بنفائس الأشعار ونرجع الى الديار بالدرهم والدينار، فقالت انكم لم تعلموني على التحقيق مع انني عارفة باحوالكم فاخذت تعلمهم بسفرهم وما جرى لهم في الطريق والسبب في قدومهم الى تلك الديار شعرا.
فلما فرغت سعدة من كلامها شكرها الأمير ابو زيد على اهتمامها، وباتوا تلك الليلة في سرور وانشراح، ولما اصبح الصباح امر الزناتي باحضارهم، فلما حضروا قال للأبو زيد اذا اطلقناك الى ان تاتي جماعتكم من الأوطان، فكم يوم تغيب عنا وماذا تجيب لنا، فقال اغيب ثلاثة شهور واجيب لك اربع مية الف مدرع مشهور، فقال وما هو مرادك من المدرع ايها البطل الصميدع، فاخرج الأمير ابو زيد من جيبه قطعة من الفضة الخاص وقال: هذا هو المدرع، ففرح الزناتي بذلك وقال اذهب بأمان، فقال اعطني عدة حرب وحصان لأن الطريق مخطرة، فاعطاه ما طلب فودع الزناتي وذهب، وجعل يدور البلاد ويطوف المدائن، حتى اشرف على وادي الغباين وتلك الأماكن، فوجدها كثيرة المياه والنبات متسعة البراري والفلوات تصلح للحرب والقتال، ومرعي النوق والحمال، ثم سار من هناك الى فابس ومنها الى عين دورس فوجدها احسن محل لإمتلاك تونس، وقد تعجب من خيرات البلاد وكثرة ما فيها من الايراد، ثم طاف جميع البلاد وعرف السهول والوهاد ورجه ليرى احوال البلاد، ولما دخل الى قصر سعدا فرآه مطليا بالرصاص وكان الوقت نصف الليل فارعدت الدنيا وابرقت، حتى قام الأولاد من نومهم وعادوا يذكرون بلادهم وصار مرعي ينشد الشعر ممزوجا بالبخيبة.
فلما فرغ مرعي من شعره كان ابو زد واقفا تحت القصر يسمع، ثم رآه الطواشي ففتح له ودخل عندهم وسلم عليهم، فقالوا له اين كنت يا ابا زيد الى الآن، انت في تونس ونحن نقاسي اشد الضيق، فقال انني تهت عن الطريق وقد صممت الآن على السفر واتيت لوداعكم، ثم تندم وودعهم واوصى سعدا بهم بكى بكاء شديدا وتقدم الأمير مرعي يودعه.
فلما فرغ الأمير من كلامه قال ابو زيد، لا يكون لك ادنى فكر لأنني سابذل الجهد في تخليصكم، ثم ودعهم وسار وعيناه تذرف بالدموع، وسار يقطع البراري والقفار مدة عشرين يوما حتى اقبل الى ارض الصعيد، فدخل على القاضي بن مقرب واخبره بما جرى له من الأول الى الآخر، فبكى القاضي بكاء شديدا، ثم انه بقي بضيافته نحو يومين وبعد ذلك ودعهم وسار يقطع البراري القفار عدة ايام حتى وصل نواحي حلب فجلس في ظل شجرة هناك أخذ راحة، فبينما هو جالس اقبل عليه تاجر قاصد بلاد المغرب، فقال له هل تعرف الأمير علام؟ فقال له: من اعز اصحابي واعظم احبابي فقال له ابو زيد ارغب ان اعطيك كتابا توصله اليه فقال اكتب ما بدا لك فعند ذلك اخذ ابو زيد يكتب للعلام يقول:
يقول ابو زيد الهلالي سلامة
فمن كان شقي لاتسعده الأيام
نعم انا ايها الغادي وحامل كتابنا
تجد السرى في واسع الآكام
اذا جيت تونس وقابس وارضها
فسلم على الفتى المسمى العلام
اوصيك في مرعي ويحيى ويونس
اولاد اختي من فروع كرام
فلا بد ما ارجع اعود وانثني
ولا بد ما آني بقوم لزام
باربع تسعينات الوف عدادهم
تشبه جرادا منتشر بغمام
ولابد من لطمة على باب تونس
ويبقى الدما فوق الثرى عوام
ولابد من قتل الهيدي بصارمي
وابقى الزناتي بالقبور ينام
واهلك بلاد الغرب بحد صارمي
واملكك في الغرب يا علام
فلما فرغ ابو زيد من كلامه طوى الكتاب فاخذه التاجر وسار يقطع البراري والقفارحتى اشرف الى تونس وتلك الديار فاخذ المكتوب وسلمه الى العلام، ففضه وقراه وعرف حقيقة فحواه، واما الأمير ابوزيد فانه ما زاال يجد في المسير مدة خمسين يوما حتى اقبل الى نجد، وحين دخوله الى نجع بني هلال التقاه الكبار والصغار حتى اقبل الى صيوان الأمير حسن فدخل وسلم عليه وعلى الذين حواليه فلما رآه الأمير حسن والأمير دياب والقاضي بدير والأمير زيدان تقدموا اليه وقبلوه بين عينيه واجلسه الأمير حسن بجنبه ودارت البشائر في بلاد نجد بان الأمير ابو زيد حضر من بلاد الغرب، فاجتمعت الفرسان من كل جانب ومكان حتى احتبك الديوان، وحينئذ سالوه عن مرعي ويحيى ويونس، فعند ذلك بكى الأمير ابو زيد بكاء شديدا واشار يخبرهم عما جرى له بقصيدة انشدها امامهم.
فلما فرغ ابو زيد من الشعر بكى الأمير حسن ومن حضر من السادات الكرام لاسيما اهل الاولاد، فقد تفطرت منهم الأكباد وقالوا لأبو زيد اعلم يا فارس الفرسان اننا لانفك عنك ولا نعرف اولادنا الا منك، فقال كونوا براحة بال فاني كما اخذتهم من الطلال سارجعهم وهم على احسن حال وانعم بال، فالتفت الأمير حسن الى الحاضرين وقال لهم مرادي الرحيل الى بلاد الغرب واقيم هناك الحرب واخلص الأمراء بالطعن والضرب، فاستحسنوا هذا الخطاب وقال ابو زيد هذا هو الراي الصواب، ولكن قبل الرحيل من هذه الأطلال بالفرسان والأبطال والنساء والعيال، يجب ان تاتوا بالجازية لتركب امام ظعون بني هلال مع الست ريما والست عدلا والست ريا وسعد الرجا وبدر النعام وجوهرة العقول ونجمة السحور وزين الدار والست عليا لأنه اذا اشتعلت نيران الحرب ووقع الطعن والضرب تكون الجازية وباقي السيدات امام الأبطال في العماريات لأن الجازية من النساء المشاهير ذات راي وتدبير، وهكذا تم الراي بين الأمراء والأعيان وارسلوا اربعة وعشرين فارسا من الشجعان للرحيل بنساء القبيلة، وتاهبوا للطعن والضرب والسير الى تونس الغرب، وامر الأمير حسن بدق طبل الرجوج فدق الطبل في الحال واجتمعت الفرسان والابطال، وسارت الرجال ودخلوا على الأمير حسن بن سرحان وهو في الديوان، فاخبرهم بما جرى وقال لهم استقر راينا ان نرحل من الأوطان ونقصد بلاد الغرب بعد ستة ايام فكونوا في الاستعداد التام لن ارضنا قد امحلت ووقع بنا الغلا واولادنا في اسر الزناتي خليفة يقاسون العنا.
( قال الراوي ):
وفي اليوم السابع تهجز الابطال للمسير والارتحال فهدت المضارب والخيام وانتشرت الرايات والاعلام ودقت الطبول وركبت الفرسان ظهور الخيول، واعتقلوا بالسيوف والنصول وركبت الحريم والعيال والاولاد والاطفال ونساء الامراء والجازية ام محمد وكان الامير ابو زيد في مقدمة الفرسان، وساروا عدة ايام حتى اشرفوا على بلاد حزوة والنير فنزلوا هناك ونصبوا المضارب والخيام وكان الحاكم عليها الدبيسي بن مزيد وكان من صناديد الابطال.
وكان الزناتي قد وقف على الخبر اليقين من المنجمين، وبعد مفاوضات طويلة مع ارباب المجلس استقر الراي على شنق أبي زيد ومرعي ويحيى ويونس، فاخذهم العسكر ومروا بهم من تحت قصر الأميرة سعداء فلما سمعت ضجيج العسكر قامت جاريتها لتعلم ما الخبر فطلت راسها من الشباك وامعنت النظر فيهم فاعتراها الكدر، وقالت لمولاتها اعلمي يا زينة الدنيا ان هؤلاء الثلاثة هم مرعي ويحيى ويونس واما هذا العبد الرابع فهو ليث الوقائع الأمير أبو زيد فارس المعامع، فلما سمعت سعداء هذا الكلام، تبدل نهارها بالظلام لأنها كانت تعلقت بحب مرعي دون الأنام، فصاحت على الجلادين والعساكر والمحافظين وقالت لهم ارجعوا الى ابي بهؤلاء العرب واياكم ان تقتلوهم فيحل بكم العطب، واني ساتبعكم لأقف على حقيقة الخبر، فلما سمعوا رجعوا في الحال، وذلك لما يعهدون من علو منزلتها ونفوذ كلمتها، ثم ان سعدا لبست افخر الثياب وذهبت تخبر اباها بما فعلت ونصحته بعدم قتلهم لعدم ثبوت جرمهم واقترحت عليه حبسهم في قصرها، فاجابها الى طلبها.
فاخذت الأربعة انفار وحبستهم عندها في الدار، ثم اخذت من الطعام ما يكفيهم ونزلت اليهم فاجتمعت بمرعي في اول الأمر وقالت له: كل ولا تخبر احدا بل احفظ ذلك بالسر ثم فعلت هكذا بيحيى ويونس وقالت ليونس ان يرسل لها ابو زيد فلما حضر قدمت له شيئا من الطعام فشكرها على هذا الاهتمام، ثم انه قسمه على سبعة اقسا فسالته عن سبب ذلك فقال لها اعلمي يا زينة الممالك وبدر الليل الحالك، انني انا وجماعتي اربعة وانت والجارية اثنان على التمام، والحصة السابعة ساحزمها بحزام وارسلها الى ابنة عمي عاليا، فقالت له سعدا لماذا لا تتغذى وحدك، فتنهد من فؤاد متبول وانشد يقول:
اذا اكلت انا وجاعت جماعتي
فلا عشت عمري لسكب الصفائح
واذا جعت انا واكلت جماعتي
احمد ربي وهو كريم مسامح
ايا ست زاد اثنين يكفي ثلاثة
ويكفي اربعة يا ست والكل رايح
ويكفي خمسة من اجاويد حينا
ويكفي لستة من هلال السمائح
فضحكت سعدة من كلامه واعجبها فحوى شعره ونظامه، ثم انها اخرجتهم من الحبس واحضرتهم الى عندها وقدمت لهم الطعام واخذت تحادثهم بالكلام وتسالهم عن احوالهم وعن بلادهم فقال ابو زيد: نحن من جملة الشعراء نقصد الملوك والأمراء فنمدحهم بنفائس الأشعار ونرجع الى الديار بالدرهم والدينار، فقالت انكم لم تعلموني على التحقيق مع انني عارفة باحوالكم فاخذت تعلمهم بسفرهم وما جرى لهم في الطريق والسبب في قدومهم الى تلك الديار شعرا.
فلما فرغت سعدة من كلامها شكرها الأمير ابو زيد على اهتمامها، وباتوا تلك الليلة في سرور وانشراح، ولما اصبح الصباح امر الزناتي باحضارهم، فلما حضروا قال للأبو زيد اذا اطلقناك الى ان تاتي جماعتكم من الأوطان، فكم يوم تغيب عنا وماذا تجيب لنا، فقال اغيب ثلاثة شهور واجيب لك اربع مية الف مدرع مشهور، فقال وما هو مرادك من المدرع ايها البطل الصميدع، فاخرج الأمير ابو زيد من جيبه قطعة من الفضة الخاص وقال: هذا هو المدرع، ففرح الزناتي بذلك وقال اذهب بأمان، فقال اعطني عدة حرب وحصان لأن الطريق مخطرة، فاعطاه ما طلب فودع الزناتي وذهب، وجعل يدور البلاد ويطوف المدائن، حتى اشرف على وادي الغباين وتلك الأماكن، فوجدها كثيرة المياه والنبات متسعة البراري والفلوات تصلح للحرب والقتال، ومرعي النوق والحمال، ثم سار من هناك الى فابس ومنها الى عين دورس فوجدها احسن محل لإمتلاك تونس، وقد تعجب من خيرات البلاد وكثرة ما فيها من الايراد، ثم طاف جميع البلاد وعرف السهول والوهاد ورجه ليرى احوال البلاد، ولما دخل الى قصر سعدا فرآه مطليا بالرصاص وكان الوقت نصف الليل فارعدت الدنيا وابرقت، حتى قام الأولاد من نومهم وعادوا يذكرون بلادهم وصار مرعي ينشد الشعر ممزوجا بالبخيبة.
فلما فرغ مرعي من شعره كان ابو زد واقفا تحت القصر يسمع، ثم رآه الطواشي ففتح له ودخل عندهم وسلم عليهم، فقالوا له اين كنت يا ابا زيد الى الآن، انت في تونس ونحن نقاسي اشد الضيق، فقال انني تهت عن الطريق وقد صممت الآن على السفر واتيت لوداعكم، ثم تندم وودعهم واوصى سعدا بهم بكى بكاء شديدا وتقدم الأمير مرعي يودعه.
فلما فرغ الأمير من كلامه قال ابو زيد، لا يكون لك ادنى فكر لأنني سابذل الجهد في تخليصكم، ثم ودعهم وسار وعيناه تذرف بالدموع، وسار يقطع البراري والقفار مدة عشرين يوما حتى اقبل الى ارض الصعيد، فدخل على القاضي بن مقرب واخبره بما جرى له من الأول الى الآخر، فبكى القاضي بكاء شديدا، ثم انه بقي بضيافته نحو يومين وبعد ذلك ودعهم وسار يقطع البراري القفار عدة ايام حتى وصل نواحي حلب فجلس في ظل شجرة هناك أخذ راحة، فبينما هو جالس اقبل عليه تاجر قاصد بلاد المغرب، فقال له هل تعرف الأمير علام؟ فقال له: من اعز اصحابي واعظم احبابي فقال له ابو زيد ارغب ان اعطيك كتابا توصله اليه فقال اكتب ما بدا لك فعند ذلك اخذ ابو زيد يكتب للعلام يقول:
يقول ابو زيد الهلالي سلامة
فمن كان شقي لاتسعده الأيام
نعم انا ايها الغادي وحامل كتابنا
تجد السرى في واسع الآكام
اذا جيت تونس وقابس وارضها
فسلم على الفتى المسمى العلام
اوصيك في مرعي ويحيى ويونس
اولاد اختي من فروع كرام
فلا بد ما ارجع اعود وانثني
ولا بد ما آني بقوم لزام
باربع تسعينات الوف عدادهم
تشبه جرادا منتشر بغمام
ولابد من لطمة على باب تونس
ويبقى الدما فوق الثرى عوام
ولابد من قتل الهيدي بصارمي
وابقى الزناتي بالقبور ينام
واهلك بلاد الغرب بحد صارمي
واملكك في الغرب يا علام
فلما فرغ ابو زيد من كلامه طوى الكتاب فاخذه التاجر وسار يقطع البراري والقفارحتى اشرف الى تونس وتلك الديار فاخذ المكتوب وسلمه الى العلام، ففضه وقراه وعرف حقيقة فحواه، واما الأمير ابوزيد فانه ما زاال يجد في المسير مدة خمسين يوما حتى اقبل الى نجد، وحين دخوله الى نجع بني هلال التقاه الكبار والصغار حتى اقبل الى صيوان الأمير حسن فدخل وسلم عليه وعلى الذين حواليه فلما رآه الأمير حسن والأمير دياب والقاضي بدير والأمير زيدان تقدموا اليه وقبلوه بين عينيه واجلسه الأمير حسن بجنبه ودارت البشائر في بلاد نجد بان الأمير ابو زيد حضر من بلاد الغرب، فاجتمعت الفرسان من كل جانب ومكان حتى احتبك الديوان، وحينئذ سالوه عن مرعي ويحيى ويونس، فعند ذلك بكى الأمير ابو زيد بكاء شديدا واشار يخبرهم عما جرى له بقصيدة انشدها امامهم.
فلما فرغ ابو زيد من الشعر بكى الأمير حسن ومن حضر من السادات الكرام لاسيما اهل الاولاد، فقد تفطرت منهم الأكباد وقالوا لأبو زيد اعلم يا فارس الفرسان اننا لانفك عنك ولا نعرف اولادنا الا منك، فقال كونوا براحة بال فاني كما اخذتهم من الطلال سارجعهم وهم على احسن حال وانعم بال، فالتفت الأمير حسن الى الحاضرين وقال لهم مرادي الرحيل الى بلاد الغرب واقيم هناك الحرب واخلص الأمراء بالطعن والضرب، فاستحسنوا هذا الخطاب وقال ابو زيد هذا هو الراي الصواب، ولكن قبل الرحيل من هذه الأطلال بالفرسان والأبطال والنساء والعيال، يجب ان تاتوا بالجازية لتركب امام ظعون بني هلال مع الست ريما والست عدلا والست ريا وسعد الرجا وبدر النعام وجوهرة العقول ونجمة السحور وزين الدار والست عليا لأنه اذا اشتعلت نيران الحرب ووقع الطعن والضرب تكون الجازية وباقي السيدات امام الأبطال في العماريات لأن الجازية من النساء المشاهير ذات راي وتدبير، وهكذا تم الراي بين الأمراء والأعيان وارسلوا اربعة وعشرين فارسا من الشجعان للرحيل بنساء القبيلة، وتاهبوا للطعن والضرب والسير الى تونس الغرب، وامر الأمير حسن بدق طبل الرجوج فدق الطبل في الحال واجتمعت الفرسان والابطال، وسارت الرجال ودخلوا على الأمير حسن بن سرحان وهو في الديوان، فاخبرهم بما جرى وقال لهم استقر راينا ان نرحل من الأوطان ونقصد بلاد الغرب بعد ستة ايام فكونوا في الاستعداد التام لن ارضنا قد امحلت ووقع بنا الغلا واولادنا في اسر الزناتي خليفة يقاسون العنا.
( قال الراوي ):
وفي اليوم السابع تهجز الابطال للمسير والارتحال فهدت المضارب والخيام وانتشرت الرايات والاعلام ودقت الطبول وركبت الفرسان ظهور الخيول، واعتقلوا بالسيوف والنصول وركبت الحريم والعيال والاولاد والاطفال ونساء الامراء والجازية ام محمد وكان الامير ابو زيد في مقدمة الفرسان، وساروا عدة ايام حتى اشرفوا على بلاد حزوة والنير فنزلوا هناك ونصبوا المضارب والخيام وكان الحاكم عليها الدبيسي بن مزيد وكان من صناديد الابطال.
رد: قصة ابو زيد الهلالي
قصة الدبيسي بن مزيد( الجزء الثالث )
لايقدر العواقب ولا يخشى حلول المصائب، وكان في الشجاعة والفروسية في طبقة علية يفتخر بنفسه ويفضل ذاته على جميع الفرسان في ساحة الميدان ويقول انه اذا ركب الجواد لا يوجد من يقاومه في الحرب والطراد، ولو كان ابو الفوارس عنترة بن شداد، وكان له اربعة وزراء يركن اليهم ويعتقد في اموره عليهم، وهم مقلد وهمام وراشد وسلام وله ولد اسمه مزيد قد سماه على اسم جده وكان يحبه كثيرا، ومن شدة محبته فيه اراد ان يزوجه بابنة اخيه فجمع وزراءه واخبرهم بما قد صمم عليه فاجابو على ذلك المرام ما عدا الوزير همام، فانه كان صاحب راي وتدبير فنهاه عن ذلك في الوقت الحاضر، واعلمه بقدوم بني هلال الى تلك البلاد بالجيوش والعساكر، فانذهل الدبيسي وحار في امره وبينما هو مجلسه دخل عليه الرعيان واخبروه بقدوم بني هلال وانهم ملأوا الأرض بجيشهم فاستشار الدبيسي وزراءه فاشاروا عليه بان يرسل من يستطلع عددهم، فارسل العبد راشد الى مضارب بني هلال، فانذهل مما راى من كثرة الرجال والابطال والفرسان ورجع الى الدبيسي واخبره بما راى فزاد خوفه وفزعه فاستدعى اليه الوزراء واخبرهم بذلك، فلم يجبه احد بكلام، فقال لهم ما بالكم لا ترون الجواب فقال الوزير راشد انه من الواجب ان ترسل لهم كتابا تامرهم بدفع عشر المال مع النوق والجمال، فان امتنعوا عن ذلك نقاتلهم في الحال ونشتتهم في البراري والتلال، فاكتب لهم بهذا الصدد وانا آخذه اليهم وآتيك بالجواب، فاستصوب الملك رايه وكتب لهم كتابا يقول فيه:
يقول الدبيسي والدبيسي مزيد
بدمع جرى فوق الخدود بدود
الا ياغاديا على متن ضامر
تشابه غزالا بالفلاة شرود
اذا جيت عند الهلالي ابو علي
اعطيه مكتوبي تنال سعود
الا يا حسن اسمع كلامي واعتبر
وافهم مني غاية المقصود
فان كان قصدك تجوز بلادنا
فارسل لنا عشر مالك ترود
ارسل لنا الفين حمرة سليلة
والف جواد يامير هدود
والفين سيف يا أمير مسقطة
والف درع من عمل داود
وارسل لنا الجازية ام محمد
مع الست عليا بغية المقصود
وارسل لنا معها بنات امارتك
واحذر تخالف ولا تكون حقود
وان كنت لا تدفع لنا ما ذكرته
فارجع لأرضك واياك تعود
ثم ختم الكتاب واعطاه للوزير راشد، فاذه وسار حتى اشرف على بني هلال فنزل من على الحصان فسلم على السلطان، وعلى باقي الأمراء فردوا عليه السلام والتقوه بالترحاب والاكرام، وامر له بالجلوس فجلس بقربه وسال عن اسمه وعربه فاعلمه بواقعة الحال وعن سبب حضوره الى تلك الاطلال ثم اعطاه الكتاب، فاخذه الأمير وقراه، ولما وقف على حقيقة فحواه غضب الغضب الشديد لكنه اخفى الكمد واظهر الجلد، ثم امر الغلمان ان ياخذوا الوزير الى دار الضيافة، ولما خرج من الديوان التفت اللا الأمراء والأعيان واطلعهم على خطاب الدبيسي الذي طلب فيه عشر المال، فقال ابو زيد انه من الصواب ان تقول للدبيسي ان يمهلنا عشرة ايام ونحن نرسل له طلبه بالتمام ومتى انقضت المدة ولح في الطلب تقول له ليس عندنا مال ولا ذهب سوى الحرب والقتال في ساحة المجال، وبهذه الحال تكون فرساننا قد استراحت من تعب الطريق.
وتبادل الدبيسي وحسن الحوار شعرا، ثم ان حسن طوى الكتاب وختمه في الحال وسلمه الى الوزير فاوصله الوزير الى الدبيسي ودخل وسلم عليه واعطاه الكتاب ففتحه وقراه وعرف ما حواه ففرح واستبشر وايقن بالنجاح وبلوغ الوطر، ولما انتهت العشرة ايام لم ترسل بنو هلال الموال، قال الدبيسي للوزير ها قد مضت المدة المعينة ولم نقف على افادة ولا وردت الأموال، فيجب ان تسير اليه وتطلب منهم ان يبادروا بارسالها في الحال والا حاربناهم وانزلنا بهم الوبال فامتثل الوزير امره وسار الى صيوان الأمير حسن ودخل وسلم عليه، ثم جلس قليلا وبعد ذلك طالبه بالمال، ولامه على ذلك الاهمال، فقالت السادات ارجع الى مولاك وقل له ليس عندنا مال ولا نوق ولا جمال، غير ضرب السيف وطعن النصال، فاغتاظ الوزير من هذا الكلام ورجع الى مولاه واخبره بما سمعه من القوم فزاد غيظ الدبيسي، وامر الرؤساء والقادة بجمع العساكر والاجنا، فعند ذلك دقت الطبول وركبت الفرسان ظهور الخيل واعتقلت بالرماح وخفقت الرايات وركبت الابطال باربع مائة الف مقاتل.
( قال الراوي ):
فلما ركب الدبيسي ومعه العسار والاجناد، طالبا ديار بني هلال، اقترب منهم فالتقوا به ودنو من بعضهم، فبرز من فرسان الدبيسي فارس كانه الاسد الكاسر اسمه الامير خاطر، فبرز اليه دياب فقال له: من تكون من بني هلال؟
فقال: انا دياب المصادم وصاح فيه؛ وهجم عليه فالتقاه الفارس كالاسد الكاسر، وجرى بينهما حروب واهوال تشيب رؤوس الاطفال وبعد ذلك اختلف بينهما ضربتان قاطعتان، وكان السابق الأمير دياب لأنه اعلم في اصول الحرب واخبر في مواقع الطعن والضرب، فوقعت الضربة على هامه فقدته نصفين، ثم سال وجال وطلب مبارزة الابطال، فبرز اليه فارس آخر فقتله وثان جندله وثالث عجل الى المقابر مرتحله، وما زال يبارز الفرسان والابطال ويمددها على وجه الرمال الى وقت الزوال، دقت طبول الانفصال وبات الفريقين يتحارسان تحت مشيئة الرحمن، ولما اصبح الصباح واشرق بنوره ولاح، برز الأمير دياب الى الميدان وطلب مبارزة الفرسان، فبرز اليه الوزير راشد، فالتقاه الأمير دياب بقلب كالحديد، ثم التقى البطلان كانهما جبلان او اسدان كاسران، وحان عليهما الحين وغنى على راسيهما غراب البين ولم تكن الا ساعة من الزمان، حتى استطال عليه دياب في الميدان وطعنه بالرمح في صدره، خرج يلمع من ظهره فوقع على الارض قتيلا وفي دمه جديلا، فلما قتل الوزير راشد هجمت جموع الدبيسي بقلب واحد فتلقتهم بنو هلال بقلوب كالجبال واشتد بين العسكرين القتال، وعظمت الاهوال، فما كنت ترى الا وقع السيوف على السيوف وقتال يشيب الاطفال، وما زال القوم على تلك الحال وهم في اشد القتال الى وقت الزوال، فعد ذلك دقت طبول الانفصال فتاخرت عساكر الدبيسي خاسرة ورجعت بنو هلال ظافرة، وفي ثاني الايام دقت طبول الحرب والكفاح، فركبت الفرسان واعتقلت بالسيوف والرماح وبرز الأمير دياب فصال وجال في ساحة المجال، وطلب مبارزة الأبطال فبرز اليه الوزير محمود فالتقاه الأمير دياب بقلب شديد.
ثم ان الوزير هم على دياب فالتقاه دياب بقلب شديد وهجم عليه هجوم الصناديد، واشتد بينهما القتال في ساحة المجال، فاختلف بين الاثنين ضربتان قاطعتان وكان السابق الوزير محمود، فغطس دياب تحت الخضرا فراحت الضربة خائبة، ثم انتصب الأمير دياب وهجم عليه سبع الغب فضربه بالسيف عل هامه، فقطعه نصفين وكان له اخ يدعى الهداف، فلما راى اخاه قد مات زادت عليه الحسرات فهجم على الأمير دياب لياخذ بثأر اخيه فالتقاه الأمير دياب في الميدان بقلب اقوى من الصوان، وجرى بينهما حروب واهوال تشيب رؤوس الاطفال، واستمرا على تلك الحال وهما في اشد القتال، الى ان ولى النهار واقبل الليل، فوقفا عن القتال وباتت العساكر في البطاح، ولما اصبح الصباح دقت طبول الحرب والكفاح وبرز الهداف الى الميدان وطلب مبارزة الفرسان، فبرز اليه دياب وصدمه كليث الغاب، فالتقاه الهداف وهجم عليه الاسد الرئبال، وما زالا في اشد قتال وطعان يذهل العقول الشجعان، الى ان انتصف النهار وكان ان استظهر عليه دياب وضربه على عنقه بالسيف البتار فقطعه نصفين والقاه في ساحة المجال، فلما رات جموع الدبيسي ما حل بوزيرها، هجمت على دياب، فعند ذلك هجمت بنو هلال من اليمين والشمال، والتقت الرجال بالرجال، وجرى الدم وسال من شدة الحرب والقتال، وما زالوا على تلك الحال الى وقت الزوال، فدقت طبول الانفصال وباتت بنو هلال في سرور، وبات الدبيسي في قلق وضجر لأنه قد قتل الشجعان الملك الدبيسي، فصال وجال في ساحة المجال ونادى اين فرسان بني هلال، فلتبرز الآن الى ساحة القتال، فما تم كلامه حتى صار الأمير دياب قدامه وانشد شعرا يهدد به الدبيسي فاغتاظ الدبيسي منه، ورد عليه فاغتاظ دياب بدوره وانطبق عله، وفعل الدبيسي مثل ما فعل واخذا في الحرب والقتال وجرى بينهما عجائب واهوال، الى ان ولى النهار واقبل الليل بالاعتكار، فافترقا عن بعضهما البعض وعند رجوع الأمير دياب من معركة الصدام التقاه الأمير حسن باعزاز واكرام وشكره على ما فعل، وقال له لا تنزل غدا الى الميدان لأن لك عدة ايام في الحرب والصدام والدبيسي مرتاح ثم ختم الكلام بهذا الشعر والنظام:
قال الفتى حسن الهلالي ابو علي
الدمع من فوق الخدود سيولا
يامرحبا بك يا دياب الغانم
يا فارس الفرسان يوم الهولا
يا فارس الفرسان يا ليث العدا
يا ليت عمرك يا امير يطولا
يا امير انك قد قتلت لراشد
وسلام اضحى ميتا مقتولا
اما الفتى محمود ولى وانمحى
واخوه هدافا غدا مجدولا
فقهرتهم يوم الوغى حتى غدوا
قتلى بحد الصارم المصقولا
واليوم قد نزل الدبيسي صادمك
في حومة الميدان مثل الغولا
يا امير دع غيرك في غدا ينازله
فاسمع كلامي وافهم المنقولا
اخاف توقع يا دياب بغدره
تضحى صريعا في الفلا مقتولا
( قال الرواي ):
فلما فرغ الأمير حسن من شعره ونظامه وفهم دياب فحوى كلامه، توقف عن رد الجواب فقال له حسن علامك يا دياب لا ترد الجواب فقال ارجو ايها الهمام ان لا تمنعني عن هذا الطلب وان قتلت فروحي فداك فاني لااخشى الموت في قتال اعدائك فشكره حسن وقبله في صدره وقال له: انا ما تفوهت بهذا الكلام الا لما وجدتك تعبان وما دام الامر كذلك فابرز نهار غد وقاتل خصمك واتكل على الله.
ثم باتوا تلك الليلة في سرور وانشراح ولما اقبل الصبح واشرق بنوره ولاح، دقت الطبول وركبت الفرسان ظهور الخيول واعتقلوا بالرماح والنصول، وتقدموا الى ساحة الميدان وكان اسبقهم الأمير دياب، ولما صار في معركة القتال طلب الدبيسي، فانحدر اليه فالتقاه كسبع الآجام، واخذ معه في الحرب والصدام واشتد بين البطلين القتال وعظمت الأهوال، وكانا تارة يتقدمان وتارة يتاخران وكانت عيون الفرسان شاخصة اليهما ومازا على تلك الحال الى وقت الزوال، فدقت طبول الانفصال فافترقا على سلام ورجعا الى الخيام، ولما اصبح الصباح ركب الأمير دياب فتقدمت اليه ابنته وطفا وهي تبكي بدموع غزار، فتعجب من ذلك وقال لها اعلميني بما اصابك قالت مرادي ان تتوقف هذا اليوم عن قتال القوم فقد رايت حلما في المنام اصبحت منه في اوهام وقصت خكاية حلمها شعرا، فقال لها: لا تخافي من هذا المنام فانه اضغاث احلام، فلا بد لي من الحرب والصدام فاذهبي الى خيامك ولا تخافي، فرجعت الى الخيام وتقدم دياب الى معركة الصدام فوجد الدبيسي بانتظاره، فصالا وجالا في ساحة الميدان واخذا بالضرب والطعن حتى حيرا الأذهان، فاختلف بين الاثنين ضربتان قاطعتان، وكان السابق الأمير دياب فابطلها الدبيسي بمعرفته ثم هجم على دياب كسبع الغاب وطعنه بالرمح طعنة قوية فجاء الرمح في فخذه فسالت دماء ويئس من الحياة، واراد الدبيسي ان يعجل فناه، واذا بفارس من بني هلال قد اقبل كانه قطعة من جبل وهو يهدر كالأسد، فخلص دياب من يد الدبيسي واعاده الى المضارب، ثم اقتحم الصفوف والمواكب، وهو يصيح وينادي اتاكم أبو زيد ليث الأعادي، وجعل ينخى بني هلال على الحرب والقتال فحملوا على جيش العدا من كل جانب، فعند ذلك حملت العساكر على العساكر وتقاتلوا بالسيوف والخناجر وحمل حسن بن سرحان وتبعه السادات والأعيان، ولم تكن ساعة من الزمان حتى اشتدت الأهوال وتمددت الأبطال على وجه الرمال وما زالوا في أشد قتال الى وقت الزوال، وكانت عساكر الدبيسي قد استظهرت في ذلك النهار واسرت عشرين فارسا من بني هلال الأخيار من جملتهم الامير عرندس والرياشي ومفرج والهدار، فلما شاهد حسن تلك الأهوال خاف على بني هلال من الهلاك والوبال فلما نزل في المضارب جمع قادة المواكب واخذ يستشيرهم بالقصيد.
فرد عليه ابو زيد وفهم الامير حسن فحوى مرامه فاستحسنه مع جميع السادات. هذا ما كان من بني هلال واما الدبيسي فانه عند رجوعه من القتال، كبرت في نفسه واحضر الاسرى بين يديه وتهددهم بالقتل والدمار، فوجدهم لا يبالون بالاخطار فارسلهم الى الحبس بعد ان شفى منهم غليل النفس، ولما اصبح الصباح واشرق بنوره ولاح،برز القاضي بدير الى الميدان وطلب مبارزة الفرسان، فبرز اليه فارس يقال له جاسر فحمل على بعضهما البعض وتجاول في الطول والعرض وتضاربا بالسيوف وتطاعنا بالرماح ولم يزالا في حرب وقتل وطعن الى قرب الزوال.
وكان القاضي قد استظهر على جاسر وهجم عليه كالاسد الكاسر وطعنه بالرمح في صدره خرج يلمع من ظهره، فوقع على الارض يتخبط بعضه ببعض ثم هجم آخر فقتله وعجل من الدنيا مرتحله، فعند ذلك دقت طبول الانفصال فرجع القاضي من معركة القتال فالتقته بنو هلال بالاكرام والاجلال وهنأته بالسلامة من الوبال، وباتوا تلك الليلة الى أن اصبح الصباح فتواثبوا الى الحرب والكفاح، فبرز من قوم الدبيسي فارس يقال له تميم، وطلب فتال الفرسان فبرز اليه الامير عقيل وهو اخو ابو زيد، فصدمه تميم صدمة جبار واشار يقول شعرا، فرد عليه عقيل، ولما فرغ من شعره حمل عليه واخذا في الصدام والعراك واشتبكا اشد اشتباك، وما زالا على تلك الحال وهما في اشد قتال، وكان عقيل قد استظهر على خصمه اشد الاستظهار، فضربه على عنقه بالسيف البتار وذا براسه قد طار، وكان له اخ اسمه ناصر فلما رأى ما حل باخيه هجم على عقيل هجمة الاسود، فالتقاه عقيل بقلب كالجبل والتحم بينهما القتال، وكان عقيل يريد سرعة الانجاز فلاصقه وضايقه وضربه بالحسام على رأسه فشقه ووقع على الفلاة وعدم الحياة، وكان الوقت قريب لزوال فدقت طبول الانفصال ورجع عقيل الى بني هلال، فالتقاه قومه بالكرامة وهنأوه بالسلامة وشكروه على فعاله وزادوا في اكرامه واجلاله، واما الدبيسي بن مزيد فقد تنغص عيشه وتنكد. فاجتمعت الاكابر والعمد ودخلوا على اميرهم وتمثلوا بين يديه وقالوا الى متى هذا الحال،فقد قتل منا عدة ابطال، فجعل يوعدهم في الانتصار، وثاني الايام برز الدبيسي الى الميدان وطلب مبارزة الابطال، فبرز اليه غنيم ابن مفلح، وكان غلاما جميلا فقال له الدبيسي من تكون يا غلام حتى تبرز في معركة الصدام، ثم صدمه بقوة واهتمام، وما زالوا في قتال شديد فمد الدبيسي يده واقتلعه مثل العصفور وسلمه الى اصحابه فاوثقوه بالكتاف، ثم صال الدبيسي وجال وطلب مبارزة الابطال، فبرز اليه زيدان وصدمه بقلب اقوى من الصوان، فالتقاه الدبيسي كالاسد الغضبان وأخذا يتضاربان ويتحاربان واستمرا على ذلك الشأن نحو ثلاث ساعات، ثم افترقا بالسلامة والامان، وبينما كان الامير زيدان راجعا من الميدان، ضرب الدبيسي حصانه فرماه على الارض، فانقضت عليه جموع الدبيسي فأخذوه واوثقوه، فهاج بنو هلال النساء والرجال واستعظموا تلك الاحوال وذهبت منهم جماعة من الاعيان الى عند أبي زيد فارس الفرسان، فوقعوا عليه وطلبوا منه ان يسعى لتخليص الفرسان والابطال من الاسر والاعتقال، فطيب قلوبهم ووعدهم بأنه سيبذل المجهود، ثم انه غير زيه وتنكر ولبس حلة من الحرير الاخضر ووضع طيلسانا على رأسه حتى لم يعد يعرفه احد، وقصد الملك الدبيسي ودعا له بالعز والانعام، وكان كلامه معه باللغة الفارسية فلما رآه الدبيسي على تلك الصفة ظن بانه من دراويش الاعجام فاحترمه غاية الاحترام وقال له: من اين أتيت يا ابن الاجواد؟ قال من مدينة بغداد واني فقير من فقراء عبد القادر رب الفضائل والمآثر، فقال ادعو لنا يا درويش الاعجام بالنجاح والانتصار، وان يرزقنا الله بأبي زيد المخادع الماكر حتى نقتله على رؤوس الاشهاد، لانه هو السبب في قدوم بني هلال الى هذه المنازل واطلال فاذا استجاب الله طلبك بلغناك اربك، فقال له الله يبلغك المرام بجاه مولاك عبد القادر وباقي الاولياء العظام، وما دام كذلك اريد منك ان تأمر لي بالذهاب الى البلد حتى انام في جامع عبد الصمد، فسمح له بالذهاب وامر الحجاب ان يفتحوا له الابواب.
لايقدر العواقب ولا يخشى حلول المصائب، وكان في الشجاعة والفروسية في طبقة علية يفتخر بنفسه ويفضل ذاته على جميع الفرسان في ساحة الميدان ويقول انه اذا ركب الجواد لا يوجد من يقاومه في الحرب والطراد، ولو كان ابو الفوارس عنترة بن شداد، وكان له اربعة وزراء يركن اليهم ويعتقد في اموره عليهم، وهم مقلد وهمام وراشد وسلام وله ولد اسمه مزيد قد سماه على اسم جده وكان يحبه كثيرا، ومن شدة محبته فيه اراد ان يزوجه بابنة اخيه فجمع وزراءه واخبرهم بما قد صمم عليه فاجابو على ذلك المرام ما عدا الوزير همام، فانه كان صاحب راي وتدبير فنهاه عن ذلك في الوقت الحاضر، واعلمه بقدوم بني هلال الى تلك البلاد بالجيوش والعساكر، فانذهل الدبيسي وحار في امره وبينما هو مجلسه دخل عليه الرعيان واخبروه بقدوم بني هلال وانهم ملأوا الأرض بجيشهم فاستشار الدبيسي وزراءه فاشاروا عليه بان يرسل من يستطلع عددهم، فارسل العبد راشد الى مضارب بني هلال، فانذهل مما راى من كثرة الرجال والابطال والفرسان ورجع الى الدبيسي واخبره بما راى فزاد خوفه وفزعه فاستدعى اليه الوزراء واخبرهم بذلك، فلم يجبه احد بكلام، فقال لهم ما بالكم لا ترون الجواب فقال الوزير راشد انه من الواجب ان ترسل لهم كتابا تامرهم بدفع عشر المال مع النوق والجمال، فان امتنعوا عن ذلك نقاتلهم في الحال ونشتتهم في البراري والتلال، فاكتب لهم بهذا الصدد وانا آخذه اليهم وآتيك بالجواب، فاستصوب الملك رايه وكتب لهم كتابا يقول فيه:
يقول الدبيسي والدبيسي مزيد
بدمع جرى فوق الخدود بدود
الا ياغاديا على متن ضامر
تشابه غزالا بالفلاة شرود
اذا جيت عند الهلالي ابو علي
اعطيه مكتوبي تنال سعود
الا يا حسن اسمع كلامي واعتبر
وافهم مني غاية المقصود
فان كان قصدك تجوز بلادنا
فارسل لنا عشر مالك ترود
ارسل لنا الفين حمرة سليلة
والف جواد يامير هدود
والفين سيف يا أمير مسقطة
والف درع من عمل داود
وارسل لنا الجازية ام محمد
مع الست عليا بغية المقصود
وارسل لنا معها بنات امارتك
واحذر تخالف ولا تكون حقود
وان كنت لا تدفع لنا ما ذكرته
فارجع لأرضك واياك تعود
ثم ختم الكتاب واعطاه للوزير راشد، فاذه وسار حتى اشرف على بني هلال فنزل من على الحصان فسلم على السلطان، وعلى باقي الأمراء فردوا عليه السلام والتقوه بالترحاب والاكرام، وامر له بالجلوس فجلس بقربه وسال عن اسمه وعربه فاعلمه بواقعة الحال وعن سبب حضوره الى تلك الاطلال ثم اعطاه الكتاب، فاخذه الأمير وقراه، ولما وقف على حقيقة فحواه غضب الغضب الشديد لكنه اخفى الكمد واظهر الجلد، ثم امر الغلمان ان ياخذوا الوزير الى دار الضيافة، ولما خرج من الديوان التفت اللا الأمراء والأعيان واطلعهم على خطاب الدبيسي الذي طلب فيه عشر المال، فقال ابو زيد انه من الصواب ان تقول للدبيسي ان يمهلنا عشرة ايام ونحن نرسل له طلبه بالتمام ومتى انقضت المدة ولح في الطلب تقول له ليس عندنا مال ولا ذهب سوى الحرب والقتال في ساحة المجال، وبهذه الحال تكون فرساننا قد استراحت من تعب الطريق.
وتبادل الدبيسي وحسن الحوار شعرا، ثم ان حسن طوى الكتاب وختمه في الحال وسلمه الى الوزير فاوصله الوزير الى الدبيسي ودخل وسلم عليه واعطاه الكتاب ففتحه وقراه وعرف ما حواه ففرح واستبشر وايقن بالنجاح وبلوغ الوطر، ولما انتهت العشرة ايام لم ترسل بنو هلال الموال، قال الدبيسي للوزير ها قد مضت المدة المعينة ولم نقف على افادة ولا وردت الأموال، فيجب ان تسير اليه وتطلب منهم ان يبادروا بارسالها في الحال والا حاربناهم وانزلنا بهم الوبال فامتثل الوزير امره وسار الى صيوان الأمير حسن ودخل وسلم عليه، ثم جلس قليلا وبعد ذلك طالبه بالمال، ولامه على ذلك الاهمال، فقالت السادات ارجع الى مولاك وقل له ليس عندنا مال ولا نوق ولا جمال، غير ضرب السيف وطعن النصال، فاغتاظ الوزير من هذا الكلام ورجع الى مولاه واخبره بما سمعه من القوم فزاد غيظ الدبيسي، وامر الرؤساء والقادة بجمع العساكر والاجنا، فعند ذلك دقت الطبول وركبت الفرسان ظهور الخيل واعتقلت بالرماح وخفقت الرايات وركبت الابطال باربع مائة الف مقاتل.
( قال الراوي ):
فلما ركب الدبيسي ومعه العسار والاجناد، طالبا ديار بني هلال، اقترب منهم فالتقوا به ودنو من بعضهم، فبرز من فرسان الدبيسي فارس كانه الاسد الكاسر اسمه الامير خاطر، فبرز اليه دياب فقال له: من تكون من بني هلال؟
فقال: انا دياب المصادم وصاح فيه؛ وهجم عليه فالتقاه الفارس كالاسد الكاسر، وجرى بينهما حروب واهوال تشيب رؤوس الاطفال وبعد ذلك اختلف بينهما ضربتان قاطعتان، وكان السابق الأمير دياب لأنه اعلم في اصول الحرب واخبر في مواقع الطعن والضرب، فوقعت الضربة على هامه فقدته نصفين، ثم سال وجال وطلب مبارزة الابطال، فبرز اليه فارس آخر فقتله وثان جندله وثالث عجل الى المقابر مرتحله، وما زال يبارز الفرسان والابطال ويمددها على وجه الرمال الى وقت الزوال، دقت طبول الانفصال وبات الفريقين يتحارسان تحت مشيئة الرحمن، ولما اصبح الصباح واشرق بنوره ولاح، برز الأمير دياب الى الميدان وطلب مبارزة الفرسان، فبرز اليه الوزير راشد، فالتقاه الأمير دياب بقلب كالحديد، ثم التقى البطلان كانهما جبلان او اسدان كاسران، وحان عليهما الحين وغنى على راسيهما غراب البين ولم تكن الا ساعة من الزمان، حتى استطال عليه دياب في الميدان وطعنه بالرمح في صدره، خرج يلمع من ظهره فوقع على الارض قتيلا وفي دمه جديلا، فلما قتل الوزير راشد هجمت جموع الدبيسي بقلب واحد فتلقتهم بنو هلال بقلوب كالجبال واشتد بين العسكرين القتال، وعظمت الاهوال، فما كنت ترى الا وقع السيوف على السيوف وقتال يشيب الاطفال، وما زال القوم على تلك الحال وهم في اشد القتال الى وقت الزوال، فعد ذلك دقت طبول الانفصال فتاخرت عساكر الدبيسي خاسرة ورجعت بنو هلال ظافرة، وفي ثاني الايام دقت طبول الحرب والكفاح، فركبت الفرسان واعتقلت بالسيوف والرماح وبرز الأمير دياب فصال وجال في ساحة المجال، وطلب مبارزة الأبطال فبرز اليه الوزير محمود فالتقاه الأمير دياب بقلب شديد.
ثم ان الوزير هم على دياب فالتقاه دياب بقلب شديد وهجم عليه هجوم الصناديد، واشتد بينهما القتال في ساحة المجال، فاختلف بين الاثنين ضربتان قاطعتان وكان السابق الوزير محمود، فغطس دياب تحت الخضرا فراحت الضربة خائبة، ثم انتصب الأمير دياب وهجم عليه سبع الغب فضربه بالسيف عل هامه، فقطعه نصفين وكان له اخ يدعى الهداف، فلما راى اخاه قد مات زادت عليه الحسرات فهجم على الأمير دياب لياخذ بثأر اخيه فالتقاه الأمير دياب في الميدان بقلب اقوى من الصوان، وجرى بينهما حروب واهوال تشيب رؤوس الاطفال، واستمرا على تلك الحال وهما في اشد القتال، الى ان ولى النهار واقبل الليل، فوقفا عن القتال وباتت العساكر في البطاح، ولما اصبح الصباح دقت طبول الحرب والكفاح وبرز الهداف الى الميدان وطلب مبارزة الفرسان، فبرز اليه دياب وصدمه كليث الغاب، فالتقاه الهداف وهجم عليه الاسد الرئبال، وما زالا في اشد قتال وطعان يذهل العقول الشجعان، الى ان انتصف النهار وكان ان استظهر عليه دياب وضربه على عنقه بالسيف البتار فقطعه نصفين والقاه في ساحة المجال، فلما رات جموع الدبيسي ما حل بوزيرها، هجمت على دياب، فعند ذلك هجمت بنو هلال من اليمين والشمال، والتقت الرجال بالرجال، وجرى الدم وسال من شدة الحرب والقتال، وما زالوا على تلك الحال الى وقت الزوال، فدقت طبول الانفصال وباتت بنو هلال في سرور، وبات الدبيسي في قلق وضجر لأنه قد قتل الشجعان الملك الدبيسي، فصال وجال في ساحة المجال ونادى اين فرسان بني هلال، فلتبرز الآن الى ساحة القتال، فما تم كلامه حتى صار الأمير دياب قدامه وانشد شعرا يهدد به الدبيسي فاغتاظ الدبيسي منه، ورد عليه فاغتاظ دياب بدوره وانطبق عله، وفعل الدبيسي مثل ما فعل واخذا في الحرب والقتال وجرى بينهما عجائب واهوال، الى ان ولى النهار واقبل الليل بالاعتكار، فافترقا عن بعضهما البعض وعند رجوع الأمير دياب من معركة الصدام التقاه الأمير حسن باعزاز واكرام وشكره على ما فعل، وقال له لا تنزل غدا الى الميدان لأن لك عدة ايام في الحرب والصدام والدبيسي مرتاح ثم ختم الكلام بهذا الشعر والنظام:
قال الفتى حسن الهلالي ابو علي
الدمع من فوق الخدود سيولا
يامرحبا بك يا دياب الغانم
يا فارس الفرسان يوم الهولا
يا فارس الفرسان يا ليث العدا
يا ليت عمرك يا امير يطولا
يا امير انك قد قتلت لراشد
وسلام اضحى ميتا مقتولا
اما الفتى محمود ولى وانمحى
واخوه هدافا غدا مجدولا
فقهرتهم يوم الوغى حتى غدوا
قتلى بحد الصارم المصقولا
واليوم قد نزل الدبيسي صادمك
في حومة الميدان مثل الغولا
يا امير دع غيرك في غدا ينازله
فاسمع كلامي وافهم المنقولا
اخاف توقع يا دياب بغدره
تضحى صريعا في الفلا مقتولا
( قال الرواي ):
فلما فرغ الأمير حسن من شعره ونظامه وفهم دياب فحوى كلامه، توقف عن رد الجواب فقال له حسن علامك يا دياب لا ترد الجواب فقال ارجو ايها الهمام ان لا تمنعني عن هذا الطلب وان قتلت فروحي فداك فاني لااخشى الموت في قتال اعدائك فشكره حسن وقبله في صدره وقال له: انا ما تفوهت بهذا الكلام الا لما وجدتك تعبان وما دام الامر كذلك فابرز نهار غد وقاتل خصمك واتكل على الله.
ثم باتوا تلك الليلة في سرور وانشراح ولما اقبل الصبح واشرق بنوره ولاح، دقت الطبول وركبت الفرسان ظهور الخيول واعتقلوا بالرماح والنصول، وتقدموا الى ساحة الميدان وكان اسبقهم الأمير دياب، ولما صار في معركة القتال طلب الدبيسي، فانحدر اليه فالتقاه كسبع الآجام، واخذ معه في الحرب والصدام واشتد بين البطلين القتال وعظمت الأهوال، وكانا تارة يتقدمان وتارة يتاخران وكانت عيون الفرسان شاخصة اليهما ومازا على تلك الحال الى وقت الزوال، فدقت طبول الانفصال فافترقا على سلام ورجعا الى الخيام، ولما اصبح الصباح ركب الأمير دياب فتقدمت اليه ابنته وطفا وهي تبكي بدموع غزار، فتعجب من ذلك وقال لها اعلميني بما اصابك قالت مرادي ان تتوقف هذا اليوم عن قتال القوم فقد رايت حلما في المنام اصبحت منه في اوهام وقصت خكاية حلمها شعرا، فقال لها: لا تخافي من هذا المنام فانه اضغاث احلام، فلا بد لي من الحرب والصدام فاذهبي الى خيامك ولا تخافي، فرجعت الى الخيام وتقدم دياب الى معركة الصدام فوجد الدبيسي بانتظاره، فصالا وجالا في ساحة الميدان واخذا بالضرب والطعن حتى حيرا الأذهان، فاختلف بين الاثنين ضربتان قاطعتان، وكان السابق الأمير دياب فابطلها الدبيسي بمعرفته ثم هجم على دياب كسبع الغاب وطعنه بالرمح طعنة قوية فجاء الرمح في فخذه فسالت دماء ويئس من الحياة، واراد الدبيسي ان يعجل فناه، واذا بفارس من بني هلال قد اقبل كانه قطعة من جبل وهو يهدر كالأسد، فخلص دياب من يد الدبيسي واعاده الى المضارب، ثم اقتحم الصفوف والمواكب، وهو يصيح وينادي اتاكم أبو زيد ليث الأعادي، وجعل ينخى بني هلال على الحرب والقتال فحملوا على جيش العدا من كل جانب، فعند ذلك حملت العساكر على العساكر وتقاتلوا بالسيوف والخناجر وحمل حسن بن سرحان وتبعه السادات والأعيان، ولم تكن ساعة من الزمان حتى اشتدت الأهوال وتمددت الأبطال على وجه الرمال وما زالوا في أشد قتال الى وقت الزوال، وكانت عساكر الدبيسي قد استظهرت في ذلك النهار واسرت عشرين فارسا من بني هلال الأخيار من جملتهم الامير عرندس والرياشي ومفرج والهدار، فلما شاهد حسن تلك الأهوال خاف على بني هلال من الهلاك والوبال فلما نزل في المضارب جمع قادة المواكب واخذ يستشيرهم بالقصيد.
فرد عليه ابو زيد وفهم الامير حسن فحوى مرامه فاستحسنه مع جميع السادات. هذا ما كان من بني هلال واما الدبيسي فانه عند رجوعه من القتال، كبرت في نفسه واحضر الاسرى بين يديه وتهددهم بالقتل والدمار، فوجدهم لا يبالون بالاخطار فارسلهم الى الحبس بعد ان شفى منهم غليل النفس، ولما اصبح الصباح واشرق بنوره ولاح،برز القاضي بدير الى الميدان وطلب مبارزة الفرسان، فبرز اليه فارس يقال له جاسر فحمل على بعضهما البعض وتجاول في الطول والعرض وتضاربا بالسيوف وتطاعنا بالرماح ولم يزالا في حرب وقتل وطعن الى قرب الزوال.
وكان القاضي قد استظهر على جاسر وهجم عليه كالاسد الكاسر وطعنه بالرمح في صدره خرج يلمع من ظهره، فوقع على الارض يتخبط بعضه ببعض ثم هجم آخر فقتله وعجل من الدنيا مرتحله، فعند ذلك دقت طبول الانفصال فرجع القاضي من معركة القتال فالتقته بنو هلال بالاكرام والاجلال وهنأته بالسلامة من الوبال، وباتوا تلك الليلة الى أن اصبح الصباح فتواثبوا الى الحرب والكفاح، فبرز من قوم الدبيسي فارس يقال له تميم، وطلب فتال الفرسان فبرز اليه الامير عقيل وهو اخو ابو زيد، فصدمه تميم صدمة جبار واشار يقول شعرا، فرد عليه عقيل، ولما فرغ من شعره حمل عليه واخذا في الصدام والعراك واشتبكا اشد اشتباك، وما زالا على تلك الحال وهما في اشد قتال، وكان عقيل قد استظهر على خصمه اشد الاستظهار، فضربه على عنقه بالسيف البتار وذا براسه قد طار، وكان له اخ اسمه ناصر فلما رأى ما حل باخيه هجم على عقيل هجمة الاسود، فالتقاه عقيل بقلب كالجبل والتحم بينهما القتال، وكان عقيل يريد سرعة الانجاز فلاصقه وضايقه وضربه بالحسام على رأسه فشقه ووقع على الفلاة وعدم الحياة، وكان الوقت قريب لزوال فدقت طبول الانفصال ورجع عقيل الى بني هلال، فالتقاه قومه بالكرامة وهنأوه بالسلامة وشكروه على فعاله وزادوا في اكرامه واجلاله، واما الدبيسي بن مزيد فقد تنغص عيشه وتنكد. فاجتمعت الاكابر والعمد ودخلوا على اميرهم وتمثلوا بين يديه وقالوا الى متى هذا الحال،فقد قتل منا عدة ابطال، فجعل يوعدهم في الانتصار، وثاني الايام برز الدبيسي الى الميدان وطلب مبارزة الابطال، فبرز اليه غنيم ابن مفلح، وكان غلاما جميلا فقال له الدبيسي من تكون يا غلام حتى تبرز في معركة الصدام، ثم صدمه بقوة واهتمام، وما زالوا في قتال شديد فمد الدبيسي يده واقتلعه مثل العصفور وسلمه الى اصحابه فاوثقوه بالكتاف، ثم صال الدبيسي وجال وطلب مبارزة الابطال، فبرز اليه زيدان وصدمه بقلب اقوى من الصوان، فالتقاه الدبيسي كالاسد الغضبان وأخذا يتضاربان ويتحاربان واستمرا على ذلك الشأن نحو ثلاث ساعات، ثم افترقا بالسلامة والامان، وبينما كان الامير زيدان راجعا من الميدان، ضرب الدبيسي حصانه فرماه على الارض، فانقضت عليه جموع الدبيسي فأخذوه واوثقوه، فهاج بنو هلال النساء والرجال واستعظموا تلك الاحوال وذهبت منهم جماعة من الاعيان الى عند أبي زيد فارس الفرسان، فوقعوا عليه وطلبوا منه ان يسعى لتخليص الفرسان والابطال من الاسر والاعتقال، فطيب قلوبهم ووعدهم بأنه سيبذل المجهود، ثم انه غير زيه وتنكر ولبس حلة من الحرير الاخضر ووضع طيلسانا على رأسه حتى لم يعد يعرفه احد، وقصد الملك الدبيسي ودعا له بالعز والانعام، وكان كلامه معه باللغة الفارسية فلما رآه الدبيسي على تلك الصفة ظن بانه من دراويش الاعجام فاحترمه غاية الاحترام وقال له: من اين أتيت يا ابن الاجواد؟ قال من مدينة بغداد واني فقير من فقراء عبد القادر رب الفضائل والمآثر، فقال ادعو لنا يا درويش الاعجام بالنجاح والانتصار، وان يرزقنا الله بأبي زيد المخادع الماكر حتى نقتله على رؤوس الاشهاد، لانه هو السبب في قدوم بني هلال الى هذه المنازل واطلال فاذا استجاب الله طلبك بلغناك اربك، فقال له الله يبلغك المرام بجاه مولاك عبد القادر وباقي الاولياء العظام، وما دام كذلك اريد منك ان تأمر لي بالذهاب الى البلد حتى انام في جامع عبد الصمد، فسمح له بالذهاب وامر الحجاب ان يفتحوا له الابواب.
رد: قصة ابو زيد الهلالي
يــــاب بن غانـــم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صبحكم - مساكم الله بالخير
هذا ثاني موضوع أطل عليكم به وانتم تستاهلون الطيب واعذروني على هالغياب
ذياب بن غانم
قبل مانبدأ عنه بوريكم فرس من سلالة خيل بني هلال من مربط الدهما
نسبه وقصصه :
ذياب بن غانم من الزغابا من بني هلال .
(1)
أبوه غانم ويلقب ب(النواق) لأنه رجال وعنده مال وحلال والله رازقه ولكنه أبطى ماتزوج وهو مع عيال عمه بني هلال لأنه رجال وعنده مال وحلال والله رازقه ولكنه أبطى ماتزوج وهو مع عيال عمه بني هلال ذا قطنوا على الماءوعزبت البل واجنبوا معها الفرسان ياخذون لهم ذبيحه من أباعر النواق وإذا وردوا أباعر النواق أخر من تسقى من البير وتشرب منه يعني الرجال كان مظلوم ومأخوذ حقه بسبب ماقلت مسبقاً أنه أعزب وشايب وماعنده عيال وفي يوم من الأيام مرت عجوز من بني هلال إلا هي تشوف غانم النواق في مراح البل جالس ويبكي على حاله ويشتكي ضعفه وقالت له :
إن كنت من ضيم الرجال بتجزعي .................. عليك بأوراك الصبايا الرجعي
ناداها غانم وقال لها : دبريني وأنا رجال من يدك هذي ليدك هذي وابد ماعصى شورك .
قالت العجوز : هذا فلان وسمته بإسمه عنده بنته عزبه (مطلقه) اخطبها عسى الله يجيب منها ولد يشب نارك ويحييها لأن قبل الحياه صعبه واللي ماعنده عيال يروح عزه لو كان من كان .
وغانم يقول الرجال مهوب مزوجني .أشارت عليه العجوز وقالت له : أجمع كبار بني هلال خلهم يصيرون جاهه ويبدون على الرجال ويزوجك .
ويروح غانم النواق ويجمع كبار بني هلال ويبدي بهم على أبو البنت ويقال أنهم جلسوا عنده من طلعة الشمس إلى المغيب وهم يحاولون فالرجال يزوج غانم بنته ويالله وافق بالشفاعات والوجاهات .
تزوج غانم بنت بن سرحان وشيب وجاب منها ولد وسماه ذياب ويقولون أنه ولدهم الوحيد وفيه ناس يقولون أن له ولد إسمه زيدان بن غانم .
عاد وصل عمر ذياب بن غانم لأربع طعش سنه وكانوا في وقت الربيع والعرب مربعين وشرى غانم لولده فرس طيبه من مربط الدهما( وهالمربط معروف أنه لقبيلة هوازن وخاصةً فخذ عامر بن صعصعه اللي ينحدر منها بعض عتيبه وسبيع ) يبغاه يعسفها إلا ذياب طريقته ماعجبت غانم ولاكأنه طلع مطلاع الرجال الفريس اللي ينشد بهم الظهر طلع ابن حلال خبيل وبارد .
وجاء وقت القيض (المقطان يكون في هالوقت عند الباديه ) وأم ذياب تعد العده سوت المحص (الرشا) من جلد البل والدلو جلد ناقه لقيه (3 سنين ) وامرحوا العرب ,ويوم قاموا واصبحوا الصبح وإلاهم يبون ياردون الما وامه وابوه عايفين طريقته وبروده وقعدوا قدام البيت يتلاومون .
أمه تقول :
لاوبني ياهلامه مقصر ................. ماعاد لك فالطايلات نصيب
وغانم يقول :
عشرين من بني هلال نقيتهم ............. وقعدت بهم عند ابوك خطيب
من طلعة الشمس وحنا نطلبه ............ ولاعطانا لين جات تغيب
وزرعت لي زرعٍ دقاق إرقابه .......... وارجي عسى زرعٍ زرعت يطيب
وإلا ذياب يسمعهم وقال أصبحوا أصبحوا :
وليا أصبح المصباح وانا بن غانم ............. يبدي فرجٍ مابدا به ضيق
وذياب يسري على أباعرهم في المراح وأطلقها ويصيح على عبيد أبوه وكلنا عبيد لله يقول وردوها الماء
والعبيد تورد البل على البير وذياب معه دلوه ورشاه وهو يرد على الماء قبل بني هلال وهو كذا يكسر الشيء والعاده اللي تعودوا عليه بني هلال وجوا بني هلال واستغربوا من هالشي ويلقون ذياب ويجادلونه ويلجونه وشهوله تورد البل قدامنا ومن خلاك تورد وذياب ساكت ومايكلمهم ولايرد عليهم وهو يهوبل (الهوباله غناء لأبيات القصيد بطريقه جميله ) :
اردي ...كبي المردي ...... وجهه يردي ................ اردي .. كبي المردي .... وجهه يردي
ويجيه خاله حسن بن سرحان أمير بني هلال وإلا ذياب مهوب مهتم لأحد وأباعره ترد الما ويقرب منه خاله ويبي ياخذ منه الرشات إلا هو مهوب زي ذياب فالقوه وماقدر ياخذ منه الرشا ويلتفت حسن لبني هلال ويقول : يابني هلال خلوا اباعر ذياب تشرب والله الظاهر ان تاليكم عنده .
وبني هلال يتباعدون عنه لين شربت أباعر ذياب وصدرت البل وهو معها على الدهما يلوح ويقود معها .
ومن عادت الجنب من بني هلال مثل ماذكرت أنهم من عادتهم أخذ الذبيحه من أباعر النواق .
أرسلوا لهم صانع من صناع بني هلال يجيب الذبيحه لأنهم أستوحشوا من فعلة ذياب بن غانم فيهم ماقدروا يروحون وعشان كذا أرسلوا الصانع وعطوه حصان والصانع ركب حصانه وراح يم أباعر النواق وإلا ذياب عند البل على الدهما وقال الصانع : ياذياب الجنب يبون ذبيحتهم من البل .
وذياب ساكت مايكلمه وراح الصانع ويهمز له لقيه يبي يقودها للجنب ويوم استاق اللقيه إلا ذياب معه على الدهما ويطير راسه بالسيف وياخذ راسه ويربطه في عرف الحصان ويرسل الحصان للجنب ويوم شافوها وإلا خافوا من فعلة ذياب ومن بعدها ظهر ذياب وطلع مطلاع الرجال .
(2)
كان ذياب حاصل بينه وبين خواله السراحين أمراء بني هلال زعل وحساسيه والنفوس مهيب صافيه والسراحين نسووه وخلوه بدون سلاح وأعزل ومايروح ويجي إلا تحت نظرهم . إلا فيه وحده مزيونه وعزبه من قبيله ثانيه تسمع بصيت ذياب بن غانم ولاشافته وودها تشوفه لدرجة أناه رصدت جمالها الثلاثه للي يوريها ذياب بن غانم وكانت تصيح بين الرجال من يوريني ذياب وله جمالي الثلاثه وطلع لها واحد وقال أنا أوريك ذياب بن غانم وعطته الجمال الثلاث وراح الرجال .والبنت تزينت وراحت لذياب وتمشي عشان تلفت إنتباهه إلا يوم شافته إنصدمت فيه وطلع غير اللي توقعته طلع رجال شايب قصير وكان متحيزم ويطلى له ناقه صايبها جرب قالت :
لاواجمالي ياذياب بن غانم ................. ماعاد لي يوم الرحيل جمال
لانته بزينٍ تعشق البيض زينك ............ ولامن ذرا قومٍ ولا لك مال
قال ذياب :
حنا ليا شبنا غدينا عوارف ............................ واخذت من شبانكن غزال
وانتن ليا شبتن غديتن سوارف ....................... ولافالكن للطيبين بفال
راحت من عنده ولاجاز لها ذياب (سبحان الله تبي المظاهر بس ماهنا مظاهر )
(3)
عقب مده من هالسالفه مر ذياب بن غانم صانع بني هلال في بيته .
قال ذياب بن غانم للصانع : أنت تعرف أن خوالي جردوني من سلاحي وماعندي اللي يفكني من الحنشل ةأنا جايك أبيك تصلح لي دبسا (عجرا) من حديد ولاتعلم احد وان صلحتها والله لأجازيك بشي ماقط ذقته في حياتك .
طمع الصانع ونسى وصاة عمانه وقال:خذ يومين وارجع لي . وراح صلح له دبسا ومره ذياب وقال بختبرها ويضرب بالدبسا في زبرة تراب عند الصانع والا الدبسا منكسره قال ذياب هذي ماتصلح سو لي وحده اطيب
قال الصانع: خذ يومين وتعال .
جا ذياب بعد يومين إلا الصانع مسوي له دبسا واختبرها ذياب وإلا الدبسا قويه .
هنا الصانع قال : عطني شرطي (أجري) .
قال ذياب : أبشر . وذياب راح ورا الصانع ويضربه بالدبسا على راسه والصانع مات وقال ذياب : هاذق اللي ماقط ذقته في حياتك --------> ذيبان
ويروح ذياب لخاله حسن ويقول له : ياخالي حسن وهو يبكي .
قال له خاله :وش فيك ياذياب .
قال ذياب : خالي أبو زيد (الهلالي) زعلان علي ويتهددني يبغا يذبحني وابغاك تروح تتوسط لي عنده .
قال حسن: يعقب أبا التركات والفعلات مايخسى إلا هو .
مشى حسن مع ذياب ويوم أنتصفوا الطريق وذياب يجي حسن من ورى ويضربه إلاهو ميت .
وراح ذياب لأبو زيد ويناديه :ياخالي أبو زيد خالي حسن زعلان علي ويتوعدني وماقدرت ارقد الليل وابغاك تتوسطلي عنده كود يسامحني .
راح معه أبو زيد ويوم أقبلوا على مكان حسن اللي ذبحه فيه ذياب ويجي ذياب من ورى أبو زيد ويضربه بالدبسا
وقال أبو زيد :
لاواسنوني من جماتي تناصلت ............ لاوادماغي تقل لقمة زاد
ويطيح إلاهو ميت .
(4)
وحكم ذياب تونس الخضراء وعثا في السراحين قتل وتعذيب كل ولد صغير من السراحين يذبحه ويقومون حريم السراحين ويدسون العيال الصغار بالبنات وهم حوالي الثلاثين ويعلمون العيال الفروسيه وركوب الخيل في الليل ويدسونهم في النهار وكبروا العيال وجاء وقت الأخذ بالثار من ذياب إلا ذياب شايب معاد فيه حيل يقوم وجوه على الخيل وقالوا ربع ذياب : جتنا خيل أنكريه ..!
قال ذياب أرفعوا جفوني عن عيوني خلوني أشوف هالخيل اللي جتنا ويوم عصبوا راسه عشان يشوفهم ويقول ذياب :
خيلٍ عليها من السراحين ركبه ............. جوانا حماقا يبون ذبح ذياب
ووصلوا لذياب وكل مانزل عليه واحد يبغا يذبح ذياب قال : عود مافي فود ارفع جفوني عن عيوني .
رفعها عنه وخلاه عايفه مايبغا يذبحه الشايب إلا فيه واحد من السراحين ولد جاريه وصل لذياب ونزل عليه من ظهر الفرس وقال له ذياب : عود مافي فود ارفع جفوني عن عيوني . قال له ولد الجاريه : عود وفي بطنك جمل (يعني أن عندك ثار لنا ونبغا ناخذه ) ويضرب ذياب ويذبحه .
وبتسذا ياطويلين الأعمار قفلنا عن سيرة فارس من فرسان العرب المعدودين عن ألف فارس هو من قاد بني هلال لإحتلال تونس وقتل الزيناتي خليفه وهذي لها قصه نفردها في مويضيع مستقل ياطويلين العمر .........
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صبحكم - مساكم الله بالخير
هذا ثاني موضوع أطل عليكم به وانتم تستاهلون الطيب واعذروني على هالغياب
ذياب بن غانم
قبل مانبدأ عنه بوريكم فرس من سلالة خيل بني هلال من مربط الدهما
نسبه وقصصه :
ذياب بن غانم من الزغابا من بني هلال .
(1)
أبوه غانم ويلقب ب(النواق) لأنه رجال وعنده مال وحلال والله رازقه ولكنه أبطى ماتزوج وهو مع عيال عمه بني هلال لأنه رجال وعنده مال وحلال والله رازقه ولكنه أبطى ماتزوج وهو مع عيال عمه بني هلال ذا قطنوا على الماءوعزبت البل واجنبوا معها الفرسان ياخذون لهم ذبيحه من أباعر النواق وإذا وردوا أباعر النواق أخر من تسقى من البير وتشرب منه يعني الرجال كان مظلوم ومأخوذ حقه بسبب ماقلت مسبقاً أنه أعزب وشايب وماعنده عيال وفي يوم من الأيام مرت عجوز من بني هلال إلا هي تشوف غانم النواق في مراح البل جالس ويبكي على حاله ويشتكي ضعفه وقالت له :
إن كنت من ضيم الرجال بتجزعي .................. عليك بأوراك الصبايا الرجعي
ناداها غانم وقال لها : دبريني وأنا رجال من يدك هذي ليدك هذي وابد ماعصى شورك .
قالت العجوز : هذا فلان وسمته بإسمه عنده بنته عزبه (مطلقه) اخطبها عسى الله يجيب منها ولد يشب نارك ويحييها لأن قبل الحياه صعبه واللي ماعنده عيال يروح عزه لو كان من كان .
وغانم يقول الرجال مهوب مزوجني .أشارت عليه العجوز وقالت له : أجمع كبار بني هلال خلهم يصيرون جاهه ويبدون على الرجال ويزوجك .
ويروح غانم النواق ويجمع كبار بني هلال ويبدي بهم على أبو البنت ويقال أنهم جلسوا عنده من طلعة الشمس إلى المغيب وهم يحاولون فالرجال يزوج غانم بنته ويالله وافق بالشفاعات والوجاهات .
تزوج غانم بنت بن سرحان وشيب وجاب منها ولد وسماه ذياب ويقولون أنه ولدهم الوحيد وفيه ناس يقولون أن له ولد إسمه زيدان بن غانم .
عاد وصل عمر ذياب بن غانم لأربع طعش سنه وكانوا في وقت الربيع والعرب مربعين وشرى غانم لولده فرس طيبه من مربط الدهما( وهالمربط معروف أنه لقبيلة هوازن وخاصةً فخذ عامر بن صعصعه اللي ينحدر منها بعض عتيبه وسبيع ) يبغاه يعسفها إلا ذياب طريقته ماعجبت غانم ولاكأنه طلع مطلاع الرجال الفريس اللي ينشد بهم الظهر طلع ابن حلال خبيل وبارد .
وجاء وقت القيض (المقطان يكون في هالوقت عند الباديه ) وأم ذياب تعد العده سوت المحص (الرشا) من جلد البل والدلو جلد ناقه لقيه (3 سنين ) وامرحوا العرب ,ويوم قاموا واصبحوا الصبح وإلاهم يبون ياردون الما وامه وابوه عايفين طريقته وبروده وقعدوا قدام البيت يتلاومون .
أمه تقول :
لاوبني ياهلامه مقصر ................. ماعاد لك فالطايلات نصيب
وغانم يقول :
عشرين من بني هلال نقيتهم ............. وقعدت بهم عند ابوك خطيب
من طلعة الشمس وحنا نطلبه ............ ولاعطانا لين جات تغيب
وزرعت لي زرعٍ دقاق إرقابه .......... وارجي عسى زرعٍ زرعت يطيب
وإلا ذياب يسمعهم وقال أصبحوا أصبحوا :
وليا أصبح المصباح وانا بن غانم ............. يبدي فرجٍ مابدا به ضيق
وذياب يسري على أباعرهم في المراح وأطلقها ويصيح على عبيد أبوه وكلنا عبيد لله يقول وردوها الماء
والعبيد تورد البل على البير وذياب معه دلوه ورشاه وهو يرد على الماء قبل بني هلال وهو كذا يكسر الشيء والعاده اللي تعودوا عليه بني هلال وجوا بني هلال واستغربوا من هالشي ويلقون ذياب ويجادلونه ويلجونه وشهوله تورد البل قدامنا ومن خلاك تورد وذياب ساكت ومايكلمهم ولايرد عليهم وهو يهوبل (الهوباله غناء لأبيات القصيد بطريقه جميله ) :
اردي ...كبي المردي ...... وجهه يردي ................ اردي .. كبي المردي .... وجهه يردي
ويجيه خاله حسن بن سرحان أمير بني هلال وإلا ذياب مهوب مهتم لأحد وأباعره ترد الما ويقرب منه خاله ويبي ياخذ منه الرشات إلا هو مهوب زي ذياب فالقوه وماقدر ياخذ منه الرشا ويلتفت حسن لبني هلال ويقول : يابني هلال خلوا اباعر ذياب تشرب والله الظاهر ان تاليكم عنده .
وبني هلال يتباعدون عنه لين شربت أباعر ذياب وصدرت البل وهو معها على الدهما يلوح ويقود معها .
ومن عادت الجنب من بني هلال مثل ماذكرت أنهم من عادتهم أخذ الذبيحه من أباعر النواق .
أرسلوا لهم صانع من صناع بني هلال يجيب الذبيحه لأنهم أستوحشوا من فعلة ذياب بن غانم فيهم ماقدروا يروحون وعشان كذا أرسلوا الصانع وعطوه حصان والصانع ركب حصانه وراح يم أباعر النواق وإلا ذياب عند البل على الدهما وقال الصانع : ياذياب الجنب يبون ذبيحتهم من البل .
وذياب ساكت مايكلمه وراح الصانع ويهمز له لقيه يبي يقودها للجنب ويوم استاق اللقيه إلا ذياب معه على الدهما ويطير راسه بالسيف وياخذ راسه ويربطه في عرف الحصان ويرسل الحصان للجنب ويوم شافوها وإلا خافوا من فعلة ذياب ومن بعدها ظهر ذياب وطلع مطلاع الرجال .
(2)
كان ذياب حاصل بينه وبين خواله السراحين أمراء بني هلال زعل وحساسيه والنفوس مهيب صافيه والسراحين نسووه وخلوه بدون سلاح وأعزل ومايروح ويجي إلا تحت نظرهم . إلا فيه وحده مزيونه وعزبه من قبيله ثانيه تسمع بصيت ذياب بن غانم ولاشافته وودها تشوفه لدرجة أناه رصدت جمالها الثلاثه للي يوريها ذياب بن غانم وكانت تصيح بين الرجال من يوريني ذياب وله جمالي الثلاثه وطلع لها واحد وقال أنا أوريك ذياب بن غانم وعطته الجمال الثلاث وراح الرجال .والبنت تزينت وراحت لذياب وتمشي عشان تلفت إنتباهه إلا يوم شافته إنصدمت فيه وطلع غير اللي توقعته طلع رجال شايب قصير وكان متحيزم ويطلى له ناقه صايبها جرب قالت :
لاواجمالي ياذياب بن غانم ................. ماعاد لي يوم الرحيل جمال
لانته بزينٍ تعشق البيض زينك ............ ولامن ذرا قومٍ ولا لك مال
قال ذياب :
حنا ليا شبنا غدينا عوارف ............................ واخذت من شبانكن غزال
وانتن ليا شبتن غديتن سوارف ....................... ولافالكن للطيبين بفال
راحت من عنده ولاجاز لها ذياب (سبحان الله تبي المظاهر بس ماهنا مظاهر )
(3)
عقب مده من هالسالفه مر ذياب بن غانم صانع بني هلال في بيته .
قال ذياب بن غانم للصانع : أنت تعرف أن خوالي جردوني من سلاحي وماعندي اللي يفكني من الحنشل ةأنا جايك أبيك تصلح لي دبسا (عجرا) من حديد ولاتعلم احد وان صلحتها والله لأجازيك بشي ماقط ذقته في حياتك .
طمع الصانع ونسى وصاة عمانه وقال:خذ يومين وارجع لي . وراح صلح له دبسا ومره ذياب وقال بختبرها ويضرب بالدبسا في زبرة تراب عند الصانع والا الدبسا منكسره قال ذياب هذي ماتصلح سو لي وحده اطيب
قال الصانع: خذ يومين وتعال .
جا ذياب بعد يومين إلا الصانع مسوي له دبسا واختبرها ذياب وإلا الدبسا قويه .
هنا الصانع قال : عطني شرطي (أجري) .
قال ذياب : أبشر . وذياب راح ورا الصانع ويضربه بالدبسا على راسه والصانع مات وقال ذياب : هاذق اللي ماقط ذقته في حياتك --------> ذيبان
ويروح ذياب لخاله حسن ويقول له : ياخالي حسن وهو يبكي .
قال له خاله :وش فيك ياذياب .
قال ذياب : خالي أبو زيد (الهلالي) زعلان علي ويتهددني يبغا يذبحني وابغاك تروح تتوسط لي عنده .
قال حسن: يعقب أبا التركات والفعلات مايخسى إلا هو .
مشى حسن مع ذياب ويوم أنتصفوا الطريق وذياب يجي حسن من ورى ويضربه إلاهو ميت .
وراح ذياب لأبو زيد ويناديه :ياخالي أبو زيد خالي حسن زعلان علي ويتوعدني وماقدرت ارقد الليل وابغاك تتوسطلي عنده كود يسامحني .
راح معه أبو زيد ويوم أقبلوا على مكان حسن اللي ذبحه فيه ذياب ويجي ذياب من ورى أبو زيد ويضربه بالدبسا
وقال أبو زيد :
لاواسنوني من جماتي تناصلت ............ لاوادماغي تقل لقمة زاد
ويطيح إلاهو ميت .
(4)
وحكم ذياب تونس الخضراء وعثا في السراحين قتل وتعذيب كل ولد صغير من السراحين يذبحه ويقومون حريم السراحين ويدسون العيال الصغار بالبنات وهم حوالي الثلاثين ويعلمون العيال الفروسيه وركوب الخيل في الليل ويدسونهم في النهار وكبروا العيال وجاء وقت الأخذ بالثار من ذياب إلا ذياب شايب معاد فيه حيل يقوم وجوه على الخيل وقالوا ربع ذياب : جتنا خيل أنكريه ..!
قال ذياب أرفعوا جفوني عن عيوني خلوني أشوف هالخيل اللي جتنا ويوم عصبوا راسه عشان يشوفهم ويقول ذياب :
خيلٍ عليها من السراحين ركبه ............. جوانا حماقا يبون ذبح ذياب
ووصلوا لذياب وكل مانزل عليه واحد يبغا يذبح ذياب قال : عود مافي فود ارفع جفوني عن عيوني .
رفعها عنه وخلاه عايفه مايبغا يذبحه الشايب إلا فيه واحد من السراحين ولد جاريه وصل لذياب ونزل عليه من ظهر الفرس وقال له ذياب : عود مافي فود ارفع جفوني عن عيوني . قال له ولد الجاريه : عود وفي بطنك جمل (يعني أن عندك ثار لنا ونبغا ناخذه ) ويضرب ذياب ويذبحه .
وبتسذا ياطويلين الأعمار قفلنا عن سيرة فارس من فرسان العرب المعدودين عن ألف فارس هو من قاد بني هلال لإحتلال تونس وقتل الزيناتي خليفه وهذي لها قصه نفردها في مويضيع مستقل ياطويلين العمر .........
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين 25 يونيو 2012, 11:25 pm من طرف Admin
» العنا والعشق والقلب الجريح
الخميس 31 مايو 2012, 2:31 am من طرف Admin
» تحية طيبة عطرة زكية
الأربعاء 23 مايو 2012, 10:01 pm من طرف الدبــ سليمان ــيسي
» الشاعر مبارك بن مسند الدبيسي وقصيدة عسى عدوي
الثلاثاء 01 مايو 2012, 6:36 pm من طرف أبو عدى
» الا يالله غفرانكـ وبدل سيتي بحسنات
الأحد 29 أبريل 2012, 12:55 am من طرف Admin
» اكبر مصيبة ليا ربي بلاكـ @ بالمشاكل و احرمكـ طول الصبر
الأحد 29 أبريل 2012, 12:45 am من طرف Admin
» اليا رضينا الصعب يصبح سهالات@ واليا زعلنا السهل يصبح قضيه
الأحد 29 أبريل 2012, 12:37 am من طرف Admin
» نسيت أنساك لاتنسا وتنسا من نسا ينساكـ @@ وتنسا انسان نسيانه نسا ينساكـ يا ناسي
الأحد 29 أبريل 2012, 12:19 am من طرف Admin
» مسكنكـ بالجمرات حوض الشياطين @تاقف مكان ابليس والناس ترجمكـ
الأحد 29 أبريل 2012, 12:13 am من طرف Admin