بحـث
Like/Tweet/+1
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
اخبار جهينه في العهد القديم وما قبل التاريخ
صفحة 1 من اصل 1
اخبار جهينه في العهد القديم وما قبل التاريخ
.نِسْر جُهَيْنَةَ :
جُهَيْنَةَ بِن زَيْد بِن لَيْث بِن سَوْد بِن أَسْلَم بْن اِلْحَافِ بْن قُضَاعَةَ بْن مَالِك بْن عَمْرِو بْن مُرَّة بْن زَيْد بْن مَالِك بِن حِمْيَر بِن سَبَأَ بْن يَشْجُب بْن يَعْرُبَ بْن قَحْطَان بْن عَابِر (هُوْدٍ عَلَيْهِ الْسَّلَام) بْن شَالَخ بْن أَرْفَخْشَد بْن سَام بْن نُوَح (عَلَيْهِ الْسَّلَام) بْن لَامَك بْن مَهْلَائِيل بْن الْيَارِد بْن أَخْنُوخ (إدْرِيسُ عَلَيْهِ الْسَّلَام) بْن أَنُوش بْن قِيْنَان بْن شِيثِ بْن آَدَمَ (عَلَيْهِ الْسَّلَام)
جَمْهَرَة نَسَب الْإِمَامِ أَبُوْ الْحَسَنِ الْجُهَنِيِّ (الْمُتَوَفَّىً سُنَّةَ 430هـ) بِخَطِّ تِلْمِيْذهُ أَبُوْ شُجَاعٍ فَارِسَ بِن الْحُسَيْنِ الْذُّهْلِيُّ عَلَىَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ النَّجَّارِ فِيْ ذَيْلِ تَارِيْخ
بَغْدَاد :
عَلَيّ بْن أَحْمَد بْن سَلَامَةَ بْن سَالِم بْن شَاغِل بْن عَاذِل بْن حْمُوْد بْن زَيْد بْن مُحَمَّد بْن زِيَادٍ الْأَخْرَس بْن بِشَر (شَهِدَ بَدْراً رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ) بْن عَمْرِو بْن كَعْب بْن عَدِي بْن عَلِي ابْن عَامِر بْن رِفَاعَة بْن كعب (كُلَيْب) بْن موعدة (مَودُعَةَ) بْن عَدِي بْن غَنْم بْن رَبِيْعَة (الرِّبعَةِ) بْن رَشْدَان بْن قَيْسٍ بْن جُهَيْنَةَ بِن زَيْد بِن لَيْث بِن سَوْد بِن أَسْلَم بْن اِلْحَافِ بْن قُضَاعَةَ بْن مَالِك بْن عَمْرِو بْن مُرَّة بْن زَيْد بْن مَالِك بِن حِمْيَر بِن سَبَأَ بْن يَشْجُب بْن يَعْرُبَ بْن قَحْطَان بْن عَابِر (هُوْدٍ عَلَيْهِ الْسَّلَام) بْن شَالَخ بْن أَرْفَخْشَد بْن سَام بْن نُوَح (عَلَيْهِ الْسَّلَام) بْن لَامَك بْن مَهْلَائِيل بْن الْيَارِد بْن أَخْنُوخ (إدْرِيسُ عَلَيْهِ الْسَّلَام) بْن أَنُوش بْن قِيْنَان بْن شِيثِ بْن آَدَمَ (عَلَيْهِ الْسَّلَام)
مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا رَوَاهُ ابْنِ قُتَيْبَةَ الدّينَوَرِيَّ فِي كِتَابِهِ فَضْلِ الْعَرَبِ, وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فِي كِتَابِ الزّينَةِ, وَالسَّنَد لِلدّينَوَرِيَّ, قَال :
حَدّثَنِي أَبُو حَاتِم قَالَ : حَدّثَنِي الْأَصْمَعِيُّ قَال : أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرو بْن الْعَلَاءِ قَال : تِسْعُ قَبَائِلٌ قَدِيمَةً : طَسْمٍ, وَجَدِيسٍ, وَجُهَيْنَةُ, وَضْجمُ, وَالْعَمَالِيق, وَقَحْطَانُ, وَجُرْهُمٍ, وَثَمُودَ, فَهَؤُلَاءِ قُدَمَاءِ الْعَرَبِ الّذِينَ فَتَقَ اللَّه أَلْسِنَتِهِمْ بِهَذَا اللِّسَان, وَكَانَت أَنْبِيَاؤُهُمْ عَرَباً : هُودٍ, وَصَالَحَ, وَشُعَيْبٍ .
جَاءَ فِيْ مَخْطُوْطِ : كَنْز الْأَوْلَاد وَالذَّرَارِي فِي تَارِيْخ الْأَجْدَاد وَالْدِّيَار مِن قَبَائِل الْفُلان الْأَحْرَار وَذَكَر أَنْسَابَهُم الْأَخْيَار وَمَا يَتَعَلَّق بِذَلِك مِمَّا لَابُد مِن ذِكْرِه مِن الْأَخْبَار؛ لِلْمُؤَرِّخِ مُحَمَّد بْن ثُنِّب سَمْبُو الْكُلْوِي الجَغَادِي الْفُلَانِي الْمُتَوَفَّى سَنَة: 1253 مِنْ الْهِجْرَةِ قَوْلُهُ :
أَن قَبِيْلَتِي جُهَيْنَة وَتَمِيْمٍ هاجَرَتا مِنْ جَزِيْرَة بِلَاد الْعَرَب إِلَى الْهِنْد عَقِبَ فِتْنَة بُخْت نَصَّر وَتَخْرِيبُهُ لَهَا؛ وَذَلِك مَابَيْن ( 2000 – 750 قَبْلَ مِيْلادِ الْمَسِيْحِ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ) وَعَادَتا مُرَّة أُخْرَى إِلَى الْجَزِيْرَة الْعَرَبِيَّة بَعْد انْتِهَاء الْفِتْنَة؛ وَكَان مَع تَمِيْم الْأَبْقَار وَالْسُّيُوْف وَالطَاقِيّة ذَات الْلِّسَانَيْن؛ وَمَع جُهَيْنَة الْأَغْنَام؛ وَلِقِلَّة الْمَرَاعِي أَوْصَلَت الْقَبِيلَتَان هِجْرَتِهِمَا إِلَى أَفْرِيْقْيَا حَيْث تَتَوَفَّر الْمَرَاعِي؛ فَسَلَكْت تَمِيْم طَرِيْق الْشَّام إِلَى صَحْرَاء سِيْنَاء؛ حَيْث اسْتَقَرَّت فِي طُوّر سَيْنَاء فُتْرَة مِن الْزَّمَن؛ وَاسْتَمَرَّت مُوَاصَلَة هَجَرَتْهَا إِلَى أَن وَصَلَت إِلَى مِنْطَقَة لِيَبْى (لِيُبَيّا) الْحَالِيَّة؛ وَسَلَكْت جُهَيْنَة طَرِيْق الْيَمَن إِلَى أَن وَصَلَت إِلَى مِنْطَقَة لِيُبْيَا حَيْث تَعِيْش رَفِيْقَة دَرْبُهَا؛ وَلَكِنَّهَا انْتَشَرَت جَنُوْبِا؛ فِي الْوَقْت ذَاتِه وَاصَلَت تَمِيْم رِحْلَتَهَا إِلَى أَقْصَى غَرْب أَفْرِيْقْيَا وَالْمَغْرِب الْأَقْصَى حَتَّى وَصَلَت إِلَى أوْدَّاغُست Audagist وَالَّتِي سُمِّيَت أَخِيِرَا بِأَرْض غَانَا Gana الْقَدِيْمَة؛ الَّتِي تَقَع مَابَيْن مَالِي ومُرْوْتَانَا (مُوْرِيَتَانِيَّا) الْحَالِيَّة وَصَحْرَاء تُوَات Tuwat الْجَزَائِر حَالِيّا؛ الْأَرْض الَّتِي كَانَت تَحْت تَأْثِيْر الْحُكْم الْرُّوْمَانِي؛ وَقَد عَادَت بَعْض هَذِه الْأَسْر مِن تَمِيْم مُرَّة أُخْرَى إِلَى وَطَنِهَا فِي الْجَزِيْرَة الْعَرَبِيَّة؛ فَلَمَّا ظَهَر الْإِسْلام قَاد أَحْفَاد هَؤُلَاء الْعَائِدِيْن حَمَلَة فَتَح غَرْب أَفْرِيْقْيَا بِقِيَادَة : ( عُقْبَة بْن نَافِع – وَعُقْبَة بْن عَامِر الْجُهَيْنِي – وَعُقْبَة الْنَّهْدِي ) وَغَيْرِهِم مِن الْمُجَاهِدِيْن رِضْوَان عَلَيْهِم وَسَلَامُه.
فَأَسْلَم مُلْك الْرُّوْم : وَهُو مَلِك غَانَا وَيُدْعَى بَرْمَنْدانَا Brmindana بَعْد مُقَاوَمَةٍ ضَعِيْفَة؛ وَتَزَوَّج عُقْبَة بْن نَافِع مِن ابْنَة الْمَلِك الَّتِي تُدْعَى بِج مَنْقو Bjjo-mango وَوَلَدَت لَه خَمْسَة أَوْلَاد وَبِنْتَاً وَاحِدَةَ وَهُم :
1- عُثْمَان (تُوْرُو)
2- مُحَمَّد (فُلَان)
3- أَبُو بَكْر (فْلَات)
4- عُمَر (دَرْدَو)
5- عَلَي (غْرْدو)
6- فَاطِمَة (شَلفَو)
ذَكَرَ مَدِيْنَة أَوْجله الَلِّيَبِيَّة الْمُؤَرِّخ الْإِغْرِيقِي هِيْرُوْدُوَت Herodote فِي تَارِيْخِه وَذَلِك حِيْن زَارَهَا سُنَّة (400 ق.م) فَقَالَ :
وَكَان النْسامُونِيْس مِتَعُودُون تَرَك قُطْعَانِهِم فِى الْصَيِف بِجِوَار الْبَحْر وَيَصْعَدُوْن نَحْو مَوْقِع أَوغِلّة awjella ليَجَنُوا الْتَّمْر مِنْ الْنَّخِيل الَّذِي يَنْمُو هُنَاك بِكَثْرَة .
وَقَال الْزُّبَيْدِي فِي تَاجِ الْعَرُوْس (مَادَّة / أُوْجَلِة) :
وَبَنُو أَوْجَل : بَطَنٌ مِنْ جُهَيْنَة؛ وَهُم إِخْوَة أَحْمَس وَأَكْتُم؛ وَهُم: بَنُو عَامِر بِن مَوْدُوَعَة؛ غُرِبوا وَبِهِم سُمِّيَت أُوْجَلِة؛ مَدِيْنَة بَيْن بِرِقَّة وَفَزَّان؛ ذَكَرَهُ الْشَّرِيِف الْنَّسَّابَة .
قَال أَبُو صَفْوَان الْجُهَنِي :
قَوْل الْزُّبَيْدِي ذَكَرَهُ الْشَّرِيِف الْنَّسَّابَة يَعْنِي بِه: أَبُو عَلِي مُحَمَّد بْن أَسْعَد الْجَوَّانِي صَاحِب الْمُقَدِّمَة الْفَاضِلَة فِي الْأَنْسَاب الْمُتَوَفَّى سَنَة 588هـ؛ وَالزُّبَيْدِي صَرَّح فِي مَوْضِع آَخَر مِن مُعْجَمِه بِأَنَّه يَنْقُل عَنه مِن مُقَدَّمَة الْأَنْسَاب لَهُ؛ وَقَد رَجَعْت إِلَى مُقَدِّمَة الْشَّرِيف الْجَوَّانِي فَوَجَدْتُهَا مُحَقِّقَة عَلَى نَسْخ نَاقِصَة مِن آَخِرِهَا؛ فَلَعَلَّه ذِكْر بَنُو أَوْجَل الْجُهَنِيِّين فِي الْجُزْء الْمَفْقُوْد مِن الْكِتَاب وَقَوْلُه (غُرِبوا) لَعَلَّهُ مَأْخُوْذ مِن الْتَغْرِيْب؛ وَهُو الْطَّرْد وَالْإِبْعَاد مِن بِلَاد الْعُرْب إِلَى مَغْرِب الْأَرْض؛ وَقَدْ يَكُوْنُ (غَرَبُوا) مِنْ الْهِجْرَةِ وَالتَّوَجُهِ نَحْوَ الْغَرْبِ .
وَأَحْمَس وَرَدَ ذِكْرُهُ فِي كِتَاب الْمُقَدِّمَة الْفَاضِلَة فِي أُصُول الأَْحْسَابِ وَأُصُول الأَْنْسَابِ لِلنّسّابَة الشّرِيف أَبِي الْبَرَكَات الْجَوْنِيِّ الْمُتَوَفى سَنَةَ 588 لِلْهِجْرَةِ, فَقَال : وَفِي بَنِي جُهَيْنَةَ بَنُو الْحُرْقَةِ, وَهُمْ بَنُو أَحْمَسَ بْن عَامِرٍ بن مُودَعَةً ابْنُ جُهَيْنَةَ؛ وَفِي كِتَاب الْيَمَنِ الْكَبِير لنْسَابَة الْعَرَبِ ابْنُ الْسَّائِب الْكَلْبِيَّ قَالَ : هَؤُلاء بَنُو قَيْس بِن جُهَيْنَةَ : وَوَلَد مَوْدوعَة بْن جُهَيْنَة بْن زَيْد بْن لَيْث بْن سَوْد بْن أَسْلَم ابْن الْحَاف بْن قُضَاعَة: ثَعْلَبَة؛ فَوُلِد ثَعْلَبةُ بْن مَوْدوعَة: عَمْراً، وَعَامِراً؛ فَدَخَل عَمْرو فِي عَامِلَةَ؛ وَوُلِد عَامِر بْن ثَعْلَبَة بْن مَوْدوعَةَ بْن جُهَيْنَة: حُمَِيْساً، وَهُوَ الحُرَقَةَ، بَطْنٌ؛ عِدَادِهِم فِي بَنِي مُرَّة بْن عَوْف بْن ذُبْيَان؛ وَإِنَّمَا سُمُّوْا الْحُرَقَة لِأَنَّهُم أَحْرَقُوُا بَنِي سَهْم بْن مُرَّة بِالْنِّبَل؛ وَذِبْيَانَ بِن عَامِرٍ، بَطْنٌ قَلِيْلُ؛ وَشَبَابَةَ، بَطْنٌ قَلِيْلُ؛ وَجِئَاوَةَ، بَطْنٌ وَهُم قَلِيْلٌ؛ وَصُفَارَة؛ بَطْنٌ دَرَجُوْا .
بَابٌ فِي خَبَرِ مُبْتَدَإِ نُزُوْلِ جُهَيْنَةَ أَرْضِ الْحِجَازِ :
رَوَىَ هِشَام بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ الْسَّائِب الْكَلْبِيِّ الْقُضَاعِيُّ فِيْ كِتَابِهِ (افْتِرَاق الْعَرَبِ)؛ وَابْنُ أَبِيْ الْدُّنْيَا فِيْ (الْإِشْرَافِ فِيْ مَنَازِلِ الْأَشْرَافِ)؛ بِإِسْنَادٍ صَحِيْحٍ رِجَالُهُ كُلُّهُمْ أَئِمَّةٌ ثِقَاتٌ: فَقَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بْنُ يَعْقُوْبَ الْطَّالَقَانِي؛ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْلَّهِ بْن الْمُبَارَكِ؛ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَىْ بْنُ عَلِي بْنِ رَبَاح؛ عَنْ أَبِيْهِ؛ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ؛ وَالْفَاكِهِيُّ فِيْ (أَخْبَارِ مَكَّةَ)؛ وَالْنَّسَّابَةُ ابْنُ حَبِيْبٍ الْبَغْدَادِيِّ فِيْ (الْمُنَمَّقِ مِنْ أَخْبَارِ قُرَيْشٍ)؛ وَالأَزُّرَاقِيّ فِيْ (أَخْبَارِ مَكَّةَ وَمَا جَاءَ فِيْهَا مِنْ الْآَثَارِ)؛ وَأَبُوْ عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ فِيْ (مُعْجَمِ مَا اسْتُعْجِمَ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَوَاضِعِ وَالْبُلْدَان)؛ وَالْجَاحِظُ فِيْ (الْبَيَانِ وَالْتَّبْيِيِنِ) أَوْرَدَ أَبْيَاتٍ؛ وَالْسُّهَيْلِيُّ فِيْ (الْرَّوْضِ الْأُنُف)؛ وَيَاقُوْت الْحَمَوِي فِيْ (مُعْجَمِ الْبُلْدَانِ)؛ قَالُوا :
وَكَانَ أَوَّلَ أَمْرِ جُهَيْنَةَ بْن زَيْد بْن لَيْث بْن أَسْلَم بْن اِلْحَاف ابْن قُضَاعَة فِي مَسِيْرِهِم إِلَى جِبَالهم وَحُلوَلَهُم بِهَا؛ فِيْمَا حَدَّثَنِي أَبُو عَبْد الْرَّحْمَن الْمَدَنِي؛ عَن غَيْر وَاحِدٍ مِن الْعَرَبِ : أَنَّ الْنَّاس بَيْنَمَا هُم حَوْل الْكَعْبَة؛ إِذ هُم بِخَلقٍ عَظِيْم يَطَّوَّف؛ قَد وَازَىَ رَأْسَهُ أَعْلَى الْكَعْبَة؛ فَأَجَفَلَ الْنَّاس هَارِبِيْن؛ فَنَادَاهُم : أَلَا ترَاعُوا؛ فَاقْبَلُوْا إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُوْل :
اللهُمَّ رَبَ البَيتِ ذِي المَناكِبْ ...... وَرَبَّ كُلِّ رَاجِلٍ وَرَاكِبْ
أنت وهَبْتَ الفِتيَةَ السَلاهِبْ ....... وهَجْمةً يَحَارُ فِيهَا الحَالِبْ
وَثلَةٌ مِثلَ الجَرَادِ السّارِبْ .......... متاعَ أيَامٍ وكُلٌّ ذَاهِبْ
فَنَظَرُوْا فَإِذَا هِيَ امْرَأَةٌ، فَقَالُوَا: مَا أَنْتِ: إنْسِيّةٌ أَمْ جِنّيّةٌ ؟؛ فَقَالَتْ: لا :
بَلْ إنْسِيّةٌ مِنْ آَلِ جُرْهُمْ ...... أَهْلَكْنَا الذَّر زَمَانُ يَعْلمْ
بمُجْحفّاتٍ وَبِمَوْتٍ لَهْذَمْ .... بِالْبَغْيِ مِنَّا وَرُكُوْبِ الْمَأْثَمْ
ثُمَّ قَالَتْ :
مَنْ يَنْحَرُ لِيَ كُلَّ يَوْمٍ جَزُوْرا ؛؛ وَيَعِدّ لِيَ زَادَ وَبَعِيْرا ؛؛ وَيُبَلِّغُنِيْ بِلَادَ أقورا ( قَطُورَا )؛؛ أعْطِهِ مَالْاً كَثِيْرَا .
فَانْتَدَبَ لِذَلِكَ رَجُلَانِ مِنَ جُهَيْنَةَ بْن زَيْد؛ فَسَارَا بِهَا أَيَّامَا حَتَّىَ انْتَهَتْ إِلَىَ جَبَلِ جُهَيْنَةَ؛ فَأَتَتْ عَلَىَ قَرْيَةِ نَمْلٍ وَذَرٍّ، فَقَالَتْ : يَا هَذَان؛ هَهُنَا هَلَكَ قَوْمِي فاحْتَفِرا هَذَا الْمَكَان؛ فَأَحْتَفَرا عَنْ مَالٍ كَثِيْرٍ : مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ؛ فأوَقْرا بَعِيْرَيْهِمَا؛ ثُمَّ قَالَتْ لَهُمَا : إِيَّاكُمَا أَنْ تَلتَفِتَا فَيُخْتَلَسُ مَا مَعَكُمَا؛ قَالَ: وَأَقْبَلَ الذَّرِّ حَتَّىَ غَشِيَهُمَا؛ فَمَضَيَا غَيْرَ بَعِيْدٍ فَالْتَفَّتَا؛ فَاخْتُلِسَ مَا كَانَ مَعَهُمَا مِنْ الْمَالِ؛ فَنَادْيَاهَا: هَلْ مِنْ مَاءٍ ؟؛ فَقَالَتْ : نَعَمْ؛ انْظُرَا فِيْ مَوْضِعِ هَذِهِ الْهِضَابِ؛ وَقَالَتْ وَقَدْ غَشيْهَا الذَّرِّ :
يَاوَيْلَتِي يَا وَيْلِي مِنْ أَجلِي ...... أَرَىَ صِغَار الذَّرِّ تَبْغِيْ هَبَلِي
سُلْطَنَ يَفْرِيَنَّ عَلَيَّ محْمَلِي ....... لَمَّا رَأَيْت أَنَّهُ لَا بُدَّ لِي
مِنْ مِنْعَةٍ أَحْرَزَ فِيْهَا مَعْقِلِي
وَدَخَلَ الذَّرِّ مَنْخِرَيْهَا وَمَسَامِعِهَا؛ فَخَرْت لِشَقِّها فَهَلَكَتْ؛ وَوَجَدَ الْجُهْنْيانَ الْمَاءِ عِنْدَ الْهَضْبَةِ حَيْثُ قَالَتْ؛ وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِيْ يُقَالُ لَهُ : مَثْجِر؛ وَهُوَ بِنَاحِيَةِ فَرْشَ مَلَلٍ، مِنْ مَكَّةَ عَلَىَ سَبْعٍ أَوْ نَحْوِهَا؛ وَمِنْ الْمَدِينَةِ عَلَىَ لَيْلَةٍ؛ إلَى جَانِبِ مَثْعَر؛ مَاءٌ لِجُهَيْنَةَ مَعْرُوْفٍ؛ فَيُقَال: إِنَّهُمَا بَقِيَا بِتِلْكَ الْبِلَادِ؛ وَصَارَتْ بِهَا جَمَاعَة جُهَيْنَة؛ وَكَانَتْ بَقَايَا مِنْ جُذَامٍ (جُرْهُمٍ) سُكَّانُ أَرْضٍ بِتِلْكَ الْبِلَادِ؛ يُقَالُ لَهَا: يندد (تَيْدَدْ)؛ فأَجَلْتِهُمْ عَنْهَا جُهَيْنَةَ؛ وَبِهَا نَخْلٌ وَمَاءً؛ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُذَامٍ (جُرْهُمٍ) حِيْنَ ظَعَنَ مِنْهَا؛ وَالْتَفَتَ إِلَىَ تيْددْ وَنَخْلُهَا :تأبَّرِي تَيْدَدْ لا آبِرَ لَكِ
وَكَانَ لَعَجُوْزٌ مِنْ (جُرْهُمٍ) هُنَاكَ نُخَيْلَاتٍ بِفِنَاءِ بَيْتِهَا؛ وَكَانَتْ إِذَا سُئِلْتَ عَنْهُنَّ قَالَتْ : هُنََّ بَنَاتِي؛ فَقِيْلَ لَهُنّ : بَنَات بَحْنَة؛ وَلَا يَعَلَمُوْنَهَا كَانَتْ بِمَوْضِعٍ قَبْلَ تيْددْ؛ وَفِيْهَا يَقُوْلُ الْرَّاجِزُ :
لا يَغْرِسُ الْغَارِسَ إِلا عَجْوَهْ ...... وَابْن طَابٍ ثَابتَاً فِيْ نَجْوهْ
أَوْ الصيَاحِي أَوْ بَنَاتِ بَحنَهْ
فَنَزَلَتْ جُهَيْنَةَ تِلْكَ الْبِلاد؛ وَتَلَاقَتِ قَبَائِلَهُمْ وَفَصَائِلَهُمْ؛ فَصَارَتْ نَحْوَاً مِنْ عِشْرِيْنَ بَطَنْاً؛ وَتَفَرَّقَتْ قَبَائِلَ جُهَيْنَةَ فِيْ تِلْكَ الْجِبَال؛ وَهِيَ : الْأَشْعَرَ ؛ وَالْأَجْرَد ؛ وَقُدْسَ ؛ وَآَرَةُ ؛ وَرَضْوَى ؛ وَصَنْدَد ؛ وَانْتَشَرُوْا فِيْ أَوْدِيَتِهَا؛ وَشِعَابِهَا؛ وعِرَاصهَا؛ وَفِيْهَا : الْعُيُوْن ؛ وَالْنَّخْلَ ؛ وَالْزَّيْتُونَ ؛ وَالْبَانُ ؛ وَالَياسَمِينْ ؛ وَالْعَسَلَ ؛ وَضَرَبٍ مِنْ الْأَشْجَارِ وَالْنَّبَاتِ؛ وَأَسْهَلُوا إِلَىَ بَطْنِ إِضَمْ وَأَعْرَاضَهْ؛ وَهُوَ وَادٍ عَظِيْمٌ؛ تَدْفَعُ فِيْهِ أَوْدِيَةٌ؛ وَيُفْرِعُ فِيْ الْبَحْرِ؛ وَنَزَلُوا : ذَا خُشُبٍ ؛ وَتَيْدَدُ ؛ وَالْحَاضِرَةِ ؛ وَلَقَفا ؛ وَالْفَيْضِ ؛ وَبُوَاطُ ؛ وَالْمُصَلَّى ؛ وَبَدْرَاً ؛ وَجِفَاف ؛ وَوَدَّانَ ؛ وَيَنْبُعَ ؛ وَالْحَوْرَاءُ
وَنَزَلُوا مَا أَقْبَلَ مِنْ الْعَرْجِ ؛ وَالخْبِتَينَ ؛ وَالْرُّوَيْثَةِ ؛ وَالرَّوْحَاءِ ؛ ثُمَّ اسْتَطَالُوْا عَلَىَ الْسَّاحِلَ؛ وَامْتَدُّوا فِيْ التَّهَائِمِ وَغَيْرِهَا؛ حَتَّىَ لَقُوْا بَلِيٍّاً وَجُذَامٍ بِنَاحِيَةِ حَقْلٍ مِنْ سَاحِلِ تَيْمَاءَ؛ وَجَاوَرَهُمْ فِيْ مَنَازِلِهِمْ عَلَىَ الْسَّاحِلِ قَبَائِلَ مِنْ كِنَانَةَ؛ وَنَزَلَتْ طَوَائِفُ مِنْ جُهَيْنَةَ بِذِى الْمَرْوَةِ وَمَا يَلِيْهَا إِلَىَ لَفِيْفٌ (فَيْف)؛ فَلَمْ تَزَلْ جُهَيْنَةَ بِمَنَازْلَهَا حَتَّىَ جَاوَرْتُهُمْ بِهَا أَشْجَعُ بْنِ رَيْثِ بْنِ غَطَفَانَ بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسٍ بْنِ عَيْلَانَ؛ ثُمَّ نَزَلَتْهَا مَعَهُمْ مُزَيَّنَةٍ بْنِ أُدٍّ بْنِ طَابِخَةَ بْنِ الْيَاسُ بْنِ مُضَرَ؛ فَتَجاوَرّتِ هَذِهِ الْقَبَائِلُ فِيْ هَذِهِ الْبِلادِ؛ وَتَنَافَسُوُا فِيْهَا؛ وَبَيَانِ مَا صَارَ لِكُلِّ قَبِيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ الْجِبَالَ وَبِلَادِهَا؛ فِيْ الْمَوْضِعِ الَّذِيْ فِيْهِ حَدِيْثَ تِلْكَ الْقَبِيْلَةِ وَعُلَِّمَ أَمْرُهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ؛ فخالفت (فَحَالَفَتْ) بُطُوْنٍ مِنْ جُهَيْنَةَ بُطُوْنِاً مِنْ قَيْس بْن عَيْلَان؛ وَنَزَلُوا نَاحِيَةِ خَيْبَرَ ؛ وَحَرَّةُ الْنَّارِ ؛ إِلَىَ الْقُفِّ ؛ وَفِيْ ذَلِكَ يَقُوْلُ الْحُصَيْنِ ابِنْ الْحَمَامِ الْمُرِّيُّ فِيْ الْحَرْبِ الَّتِيْ كَانَتْ بَيْنَ صِرْمَةَ بْنِ مُرَّةَ وَسَهْمٌ بْنِ مُرَّةَ :
فَيَا أَخَوَيْنَا مِنْ بَنِيَّ أَبِيْنَا وَأُمّنَا ...... ذَرْوَا مَوْلَيَيْنَا مِنْ قُضَاعَةَ يَذْهَبَا
فَإِنَّ انْتُمْ لَمْ تَفْعَلُوَا لَا أَبَا لَكُمْ ...... فَلَا تُعْلِقُونَا مَا كَرِهْنَا فَنَغْضَبَا
فَلَمْ تَزَلْ جُهَيْنَةَ فِيْ تِلْكَ الْبِلادِ وَجِبَالِهَا وَالْمَوَاضِعِ الَّتِيْ حَصَلَتْ لَهَا؛ بَعْدَ الَّذِيْ صَارَ لِأَشْجَعِ وَمُزَيْنَةَ مِنْ الْمَنَازِلِ وَالْمُحَالِ الَّتِيْ هُمْ بِهَا؛ إِلَىَ أَنْ قَامَ الْإِسْلَامُ؛ وَهَاجَرَ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ أَبُوْ صَفْوَانَ الْمَرْوانِيّ الْجُهَنِيّ عَفَا الْلَّهُ عَنْهُ :
وَجُهَيْنَةُ لِعِزّهَا وَمَنَعَتِهَا لَمْ تُغْلَبُ وَتُضْرَسُ مِنْ بِِلَادِهَا فِيْ قَدِيمِ الدّهْرِ أَوْ حَدِيثِهِ؛ كَمَا أُجْلِيَتْ عَنْ مَحَالّهَا أَكْثَرُ الْأَعَارِيبِ فِي الْجَاهِلِيّةِ وَالْإِسْلَامِ؛ وَقَدْ قَالَ شَاعِرٌ جَاهِلِيٌّ قَدِيمٌ مِنْ جُهَيْنَةَ فِي (كِتَابِ وَصَايَا الْمُلُوْكِ وَأَبْنَاء الْمُلُوْكِ مِنْ وَلَدِ قَحْطَانَ بْنِ هُوْد) :
نَحْنُ الْلِّيُّوْثُ إِذَا حَمَّسنَا فِيْ الْوَغَىْ ...... وَالْحِلْمُ شِيْمَتُنَا إِذَا لَمْ نَحْمسِ
نَحْنُ الصُّخُورُ فَمَنْ يُحَاوِلُ عَضَّهَا ...... تَفْلُلْ نَوَاجِذُهُ الْصُّخُوْرُ وَيُضَرَسِ
نَحْنُ الْبُحُوْرُ فَمَنْ يَخُضْ أَمْوَاجَهَا ...... تَعْطِفْ عَلَيْهِ بِيَمِّهَا المُغْلَنْطَسِ
وَأَرْضِ الْحِجَازِ أَوّلِ مَنْ سَكَنَهَا: الْعَمَالِيقِ ؛ وَجُرْهُمٍ ؛ وَقَطُورَا ؛ فِيمَا ذَكَرَ أَصْحَابِ التّوَارِيخِ وَالنّسّابُونَ؛ وَجُهَيْنَةُ نَزَلَتْ عَلَى بَقَايَا مِنْ جُرْهُمٍ الْآخِرَة عُمُومَةِ بَنِي قَطُورَا؛ وَلِهَذَا قَالَتْ الْجُرْهُمِيّةَ لِلْجُهَنِيّانِ : وََيُبَلِّغُنِيْ بِلَادَ قَطُورَا ؟؛ وَقُطُوْرا: فِيْ تَرْجَمَة الْلُّغَةِ الْعِبْرِيَّةِ تَعْنِيْ: (الْبَخُورِ)؛ وَلَعَلَّ لِلْاسْمِ عَلَاقَةٌ وَصِلَةِ مَا بِقَوَافِلَ الْبَخُورِ الْقَدِيْمَةِ؛ الْمُتجَّةِ مِنْ بِلَادِ الْعَرَبِ نَحْوَ بِلَادِ الْكَنْعَانِيِّيْنَ مِصْرَ؛ وَالْشَّام؛ وَفِلَسْطِيْن؛ وَكَانَ الْبَخُور ؛ وَالبَانُ ؛ وَالْعُطُوْر ؛ يَجْلِبُ مِنْ بِلَادٍ الْعُرْبِ وَيُسْتَعْمَلُ كطُقَوسُ فِيْ الْمَعَابِدِ كَمَا تَذْكُرُ نُصُوْصِ الْتَّوَّارِة .
وَأمَّا الْعَمَالِيقُ فَكَانُوا جَبَابِرَةٌ هَلَكُوا قَبْلَ مَنْزَلِ جُهَيْنَةَ؛ وَقَدْ وَرَدَ فِيْ الْعَهْدِ الْقَدِيْم (سفْر الْخُرُوْجِ) خَبَر مُحَارَبَةِ الْعَمَالِيَق لِبَنِي إسْرَائِيلَ :
17-8 : وَجَاء بَنُو الْعَمَالِيَق؛ فَحَارَبُوا إِسْرَائِيْل فِي رَفِيْدِيْمَ
17-9 : فَقَال مُوْسَى لِيَشُوع: خُذ خِيَرَةِ رِجَالِكَ وَاخْرُج لِمُحَارَبَةَ الْعَمَالِيَق؛ وَغْداً أَّقِفُ عَلَى رَأْسِ الْتَّلَّة وَعَصَا الْلَّهِ فِي يَدِي
17-10 : فَفَعَل يَشُوْعُ كَمَا قَال لَه مُوْسَى فَحَارَب الْعَمَالِيَق؛ وَمُوَسَى وَهَرُوْن وَحُوْر صَعِّدُوْا إِلَى رَأْس الْتَّلَّةِ
17-11: فَكَان إِذَا رَفَع مُوْسَى يَدَهُ يَنْتَصِرُ بَنُو إِسْرَائِيْل؛ وَإِذَا حَط يَدَه يَنْتَصِرُ الْعَمَالِيَقُ
17-12: وَلَمَّا تَعِبَت يَدَا مُوْسَى؛ أَقْعَدَهُ هَرُوَنَ وَحُوْرُ عَلَى حَجَرٍ وَسَنَدَا يَدَيْهِ؛ إِحداهُمَا مِن هُنَا وَالأُخَرى مِن هُنَاك؛ فَكَانَت يَدَا مُوْسَى ثَابِتَتَيْن إِلَى غُرُوْبِ الْشَّمْس
17-13: فَهَزَمَ يَشُوْع بَنِي عَمَالِيْق بِحَدَّ الْسَّيْفِ
17-14: وَقَال الْرَّب لِمُوْسَى: (أُكْتُب خَبَرَ هَذَا الْنَّصَّرِ ذِكْراً فِي الْكِتَابِ وَقُل لِيَشُوعَ: سَأَمْحُو ذِكْرَ عَمَالِيْقَ مِن تَحْتِ الْسَّمَاء)
ثُمّ سَلّطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ بُخْتُ نُصّرَ الْبَابِلِيّ فَدَوّخَهُمْ وَجَاسَ خِلَالَ دِيَارِهِمْ؛ وَلَمْ يُبْقِي مِنْهُمْ غَيْر َبَقَايَا وَطَلَائِعٌ تَحْصَنَتْ فِي الشّوَاهِقِ وَالْجِبَال؛ قَالَ الطّبَرِيّ : وَذُكِرَ أَنّ اللّهَ تَعَالَى أَوْحَى فِي ذَلِكَ الزّمَانِ إلَى إرْمِيَاءَ بن حَلْقِيَا أَنْ اذْهَبْ إلَى بُخْتَنَصّرَ فَأَعْلِمْهُ أَنّي قَدْ سَلّطْته عَلَى الْعَرَبِ . انتهى؛ وَقَدْ أَلْفَيْتُ مِصْدَاقُ هَذَا فِي (سفر إرْمِيَا) :
49-29 : خُذُوْا خِيَامَهُمْ؛ وَغَنَمَهُمْ؛ وَسَتَائِرَهُمْ؛ وَجَمِيْعَ أَدَوَاتِهِمْ وَجِمَالَهُمْ؛ وَنَادَوْا عَلَيْهِمْ بِالْرُّعْبِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ
49-30 : أُهْرُبُوا سَرِيْعا وَاخْتَبِئُوْا يَا سُكَّانَ حَاصُوْرَ؛ لِأَنَّ نُبُوَخُذْ نَصَّرَ مَلِكَ بَابِلَ نَوَىً عَلَيْكُمْ شَرُا وَدَبَّرَ مَكَيْدَةً .
وَأَمّا جُرْهُمَ وَقَطُورَاءَ فَهُمْ إخْوَةٌ نَزَلُوْا بِمَكَّةَ عَلَىَ هَاجَرَ وَإِسْمَاعِيْلَ عَلَيْهِمَا الْسَّلَام؛ فَبَغَوْا فِي الْحَرَمِ وَتَنَافَسُوا فِي الْمُلْكَ وَتَحَارَبُو بِهَا فَسَلّطَ اللّهُ عَلَيْهِم الذّرّ وَالنَغَافُ وَأَهْلَكَ بَقِيّتَهُمْ غَرقاً بِسَيْلِ وَادِي إِضَمَ فِي دَارِ جُهَيْنَةَ؛ يَقُولُ ابْنُ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيّ فِي «كِتَابِ الْمَعَارِفِ »: وَمَنْ وُلِد أَرْفَخْشَدْ: يَقْطُنُ بْنِ عَابِرَ بْنِ شَالِخَ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامَ بْنِ نُوَحٍ؛ وَيَقْطُنُ هُوَ: أَبُوْ جُرْهُمَ بْنِ يَقْطَنَ، وَجُرْهُمٍ هُوَ ابْنُ عَمِ يَعْرُبَ؛ وَكَانَتْ جُرْهُمٍ مِمَّنْ سَكَنَ الْيَمَنِ وَتَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ؛ ثُمَّ نَزَلُوْا بِمَكَّةَ فَكَانُوْا بِهَا؛ وَقُطُوْرا بَنُوْ عَمٍّ لَهُمْ؛ ثُمَّ أَسْكَنَهَا الْلَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِسْمَاعِيْلُ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ فَنَكَحَ فِيْ جُرْهُمَ فَهُمْ أَخْوَالِ وَلَدِهِ .
قَالَ الْبَاحِث الْفِلِسْطِيْنِي مُحَمَّد صَالِخ الْخَيْرِي فِيْ بَحْثٍ عَنْ قَبِيْلَةِ جُهَيْنَةَ :
دِيَار جُهَيْنَةَ الْأُوْلَى :
كَانَ الْمَوْطِنِ الْأَصْلِي لِلْشَعْب الْقَحْطَانِي بِلَاد الْيَمَنِ؛ فِيْ الْرُّكْنِ الْجَنُوْبِي مِنْ جَزِيْرَةِ الْعَرَب؛ وَلِذَلِكَ عُرِفُوْا بِاسْم عَرَب الْجَنُوْب؛ وَكَانَ قُضَاعَةُ جَدَّ الْقُضَاعْيِّينَ الْأَكْبَر عَلَى رِوَايَة أَهْلِ الْأَخْبَارِ مِثْلَ سَائِرِ أَبْنَاءِ سَبَأٍ مُقَيِّماً فِيْ الْيَمَنِ أَرْضِ آَبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ؛ وَهَذا رَأْيُ عَدَدٍ مِنَ الْبَاحِثِيْنَ؛ مِثْلَ: شرادر - وَكبيرت - وهارتمان - ودلتشِ - وفريتزهومل؛ رَأَوُا أَنََّ الْسَّبَئِيِّينَ عَاشُوْا أَصْلاً فِيْ شَمَالِ شِبْهِ الْجَزِيْرَةِ الْعَرَبِيَّةِ قُرْبَ مِنْطَقَةِ الْجَوْفِ بالْشِّمَال؛ وَاسْتَمَرُّوا فِيْهَا عَلَى الْبَدَاوَةِ زَمَناً طَوَيْلَا؛ ثُمَّ دَفَعَتْهُمْ دَوَافِع مُعَيَّنَةٍ إِلى الاتِّجَاهِ نَحْوَ جَنُوْب شُبِّهَ الْجَزِيرَةِ قُبَيْلَ بِدَايَّةِ الْقَرْنِ الْثَامِنِ قَبْلَ الْمِيْلَادِ بِقَلِيْلٍ حَيْث اسْتَقَرُّوْا فِيْهِ؛ أَمَّا الْرأي الْآَخر فَقَدْ أَلْمَحَ إِلَيْهِ بَاحِثُوْنَ أَخَرُونَ مِنْهُمْ: موللر - وجلاسر - وفنكلر - ومايروموزيل؛ وَيَرَوْنَ فِيْهِ أَنَّ الْسَّبَئِيِّينَ عَاشُوْا مُنْذُ بِدَايَةِ أَمْرِهِم فِيْ الْجَنُوْب الْعَرَبِي؛ وَلَكِن جَالِيَّةً مِنْهُمْ اتَّجَهَتْ خِلَال الْقَرْن الْثَامِنِ ق.م أَوْ قَبْله بِقَلِيْل إِلَى الْشِّمَالِ؛ وَأَقَامَتْ قُرْبَ وَاحَة تَيْمَاءَ وَمِنْطَقَةِ الْجَوْف الْشِّمَالِي؛ لِتَرْعَى الْمَصَالِحِ الْتِّجَارِيَّةِ لِقَوْمِهَا فِي شَمَال شُبِّهَ الْجَزِيرَةِ وَعَلى طُرُق الْقَوَافِلِ الْمُتَهْجَّة مِنْهَا إِلَى الْهِلَال الْخَصِيب .
قَالَ الْحَافِظُ الْسُّيُوْطِيُّ فِيْ كِتَابِهِ الْشَّمَارِيْخ فِيْ عِلْمِ الْتَّارِيْخ :
بَابٌ فِي مُبْتَدَإِ الْتَّأرِيْخ : قَال ابْن خَيْثَمَة فِي تَارِيْخِه: قَالَ عَلِي بْن مُحَمَّد الْمَدَائنِي؛ عَن عَلِي بْن مُجَاهِد؛ عَن ابْن إِسْحَاق؛ عَن الْزُّهْرِي؛ عَن مُحَمَّد بْن صَالِح وَالْشَّعْبِي؛ قَالاَ : لَمَا أُهْبِطَ آَدَمَ مِن الْجَنَّة؛ وَانْتَشَر وَلَدِه؛ أَرَخَ بَنَوْه مِنْ هُبُوْط آَدَم؛ فَكَان ذَلِك الْتَّأرِيْخ حَتَّى بَعَث الْلَّه نُوْحاً؛ فَأَرَخُوا بِبَعْث نُوْح حَتَّى كَان الْغَرَق؛ فَهَلَك مَن هَلَك مِمَّن كَان عَلَى وَجْه الْأَرْض فَلَمَّا هَبَطَ نُوْحً وَذُرِّيَّتَه وَكُل مَن كَان مَعَهُ فِي السَّفِيْنَة قَسَم الْأَرْض بَيْن وَلَدِه أَثْلَاثاً؛ فَجَعَلَ « لِسَام » وَسَطَاً مِن الْأَرْض؛ فَفِيْهَا: بَيْت الْمَقْدِس؛ وَالْنَّيْل؛ وَالْفُرَات؛ وَدِجْلَةَ؛ وَسَيْحَان؛ وَجَيْحَان؛ وَمَيْمُوْن؛ وَذَلِك مَا بَيْن مَيْمُوْن إِلَى شَرْقِي الْنَّيْل؛ وَمَا بَيْن مِنْخَر رِيْح الْجَنُوْب إِلَى مِنْخَر الرِّيَح الْشِّمَالِي؛ وَجَعَل « لِحَام » قِسْمَة غَرْبِي الْنَّيْل؛ فَمَا وَرَاءَه إِلَى مِنْخَر رِيَح الْدَّبُوْر؛ وَجَعَل قَسَم « يَافَث » مِنْ قَاسَيُوَنَ؛ فَمَا وَرَاءَهُ إِلَى مِنْخَر رِيْح الْصِبَا؛ فَكَان الْتَّارِيْخ مِن الطُّوْفَان إِلَى نَارِ إِبْرَاهِيْم؛ فَلَمَّا كَثُرَ بَنُو إِبْرَاهِيْم افْتَرَقُوْا؛ فَأَرْخ بَنُوْا إِسْحَاق مِن نَار إِبْرَاهِيْم إِلَى مَبْعَث يُوَسُفَ؛ وَمَن مَبْعَثِ يُوْسُف إِلَى مَبْعَث مُوْسَى؛ وَمَن مَبْعَثِ مُوْسَى إِلَى مَبْعَثِ سُلَيْمَان؛ وَمَن مَلَك سُلَيْمَان إِلَى مَبْعَث عِيْسَى بْن مَرْيَمَ؛ وَمِن مَبْعَث عِيْسَى بْن مَرْيَم إِلَى مَبْعَث مُحَمَّدٍ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَرَّخ بَنُو إِسْمَاعِيْل مِن نَار إِبْرَاهِيْم إِلَى بِنَاء الْبَيْت حِيْنَ بَنَاهُ إِبْرَاهِيْم وَإِسْمَاعِيْل؛ ثُم أَرَّخ بَنُو إِسْمَاعِيْل مِن بُنْيَان الْبَيْت إِلَى أَن تَفَرَّقَت بَعْدَ ذَلِكَ؛ فَكَانَ كُلَّمَا خَرَجَ قَوْمٌ مِنْ تِهَامَةَ أَرْخَو بِخُرُوْجِهِمْ؛ وَمَن بَقِيَّ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيْل يُؤَرِّخُوْن مِنْ خُرُوْج ( سَعْدٍ ؛ وَنَهْدَ ؛ وَجُهَيْنَةَ ) حَتَّى مَات كَعْب بْن لُؤَي؛ فَأَرِّخُوا مِن مَوْتِهِ إِلَى الْفِيل؛ فَكَان الْتَّأرِيْخ مِن الْفِيل إِلَى أَن أَرَّخ عُمَرَ بْن الْخَطَّاب من الْهِجْرَة؛ وَكَانَ ذَلِكَ سَنَةَ سَبْعِ عَشْرَةَ أَو ثَمَانِ عَشْرَةَ؛ أَخْرَجَه ابْن جَرِيْر فِي تَارِيْخِه .
قَالَ أَبُوْ صَفْوَانَ الْمَرْوانِيّ :
وَقُضَاعَةَ مِنْ أَعْظَمِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ قَاطِبَةً؛ فَكَانَ مِنْهُمْ الْوُزَرَاءِ لِسُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام, وَنَبِيّ اللَّه شُعَيْب؛ وَكَانُوا مَعَ الْعَبْد الصّالِحِ ذِي الْقَرْنَيْنِ؛ وَلُقْمَان الْحَكِيم عَلَيْهِ السّلَام كَانَ مَوْلىً للْقَيْنِ بْنِ جَسْرِ بْنِ شَيْعِ اللّهِ بْنِ رُفَيْدَةَ بْنِ وَبَرَةَ بْنِ تَغْلِبَ بْنِ حُلْوَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَافّ بْنِ قُضَاعَةَ؛ قَالَهُ الْهَمْدَانِيّ وَبَعْضُ الْإِخْبَارِيّين؛ وَذَكَرَ الْوَزِيْرِ الْمَغْرَبِي فِيْ الْإِينَاسِ بِعِلْم الْأَنْسَابِ قَوْلُهُ: وَرَأَيْتُ بِخَطِّ شِبْلٍ الْنَّسَّابَةُ: قَالَ أَبُوْ هُرَيْرَةَ: كَانَ حَوْتَكَة بْنِ سُوْد ابْنِ أَسْلُمٌ صَاحِبِ فِرْعَوْنَ بِمِصْرَ؛ وِلَا أَدْرِيْ مَا صِحَة ذَلِكَ . وَقَالَ الْأَمِيرُ نَصْرٍ : قَالَ أَبُو الْمُنْذِر : جُهَيْنَةُ؛ وَسَعْدَ بْن هُذَيْم؛ وَنَهْدَ بْنِ زَيْدٍ؛ كَانَا أَوّل مَنْ أصْحَرَ مِنْ الْعَرَبِ؛ فَسُمّيَا بِصَحَار؛ فَوَلَدَ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ لَيْثٍ : عُذْرَةَ بَطْنٍ, وَالْحَارِثُ بَطْنٍ, فِي بَنِي عُذْرَةَ؛ وَنَقَلْتهُ مِنْ كِتَاب الْمُؤْتَلِف وَالْمُخْتَلِف فِي الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى وَالْأَنْسَاب؛ وَوَقَعَ فِي كِتَاب ابْنُ السّائِبِ الْكَلْبِيّ الْيَمَن الْكَبِير؛ وَقَالَ الْهَمْدَانِيُّ فِي الْإِكْلِيل فِي أَنْسَابِ الْيَمَنِ وَأَخْبَار حِمْيَر عِنْدَ ذِكْرِهِ للْحِجَاز : وَكَانَ أَهْل هَذِهِ الْبِلَاد فِي قَادِم الدّهْرِ للْعَمَالِيق؛ ثُمّ جُذَامٌ؛ ثُمّ أَجْلَتْ جُرْهُمٌ مِنْ مَكّةَ؛ فَنَزَلتهَا جُهَيْنَةُ .
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ الْمُتَوَفَى سَنَةَ 456هـ فِي مُخْتَصَرِهِ عَلَى جَمْهَرَةِ أَبُو الْمُنْذِرِ الْكَلْبِيَّ, فَقَال :
وَوَجَدْنَا فِي كُتُبِ بَطْلَيْمُوسَ؛ وَفِي كُتُبِ الْعَجَمِ الْقَدِيمَةِ؛ ذِكْرُ الْقُضَاعيّينَ وَنَبَذَهٌ مِنْ أَخْبَارِهِمْ وَحُرُوبِهِمْ؛ فَاَللّهُ أَعْلَمُ أَهُمْ أَوَائِلَ قُضَاعَةُ هَذِهِ وَأَسْلَافِهِمْ؛ أَمْ هُمْ غَيْرَهُمْ ؟
وَقَالَ أَيْضا ابْن خُلْدُوْن الْمُتَوَفَى سَنَةَ 808هـ فِي تَارِيْخِه :
وَفِي كُتُب الْحُكَمَاء الاقَدِمِين مِن يُوْنَان مِثْل: بَطْلَيْمُوس؛ وَهْرُوَشيْوّش [هِيْرُودْوتَس] ذِكْر الْقُضَاعْيِّين وَالْخَبَر عَن حُرُوْبِهِم؛ فَلَا يَعْلَم أَهُم أَوَائِل قُضَاعَة هَؤُلَاء وَأَسْلَافِهِم أَو غَيْرِهِم .
قََالَ الجُهَنِيّ :
لاَ شَكَّ أَنَّ قُضَاعَةَ الَّتِي وُجَدَ أَخْبَارُهَا الإِْمَامُ ابْنُ حَزْمٍ عِنْدَ بَطْلَيْمُوسَ هِيَ أُمَةُ قُضَاعَةَ الْعَظِيمَةِ وَالَّتِي لَمْ يَبْقَ مِنْهَا الْيَوْمَ غَيْرَ: جُهَيْنَةَ ؛ وَبَلِي ؛ وَنَهْد؛ وَأَمّا كِتَابُ الْجُغْرَافِيَا لِبَطْلَيْمُوسِ فَإِنّي تَطَلَّبْتهُ كَثِيرا وَلَمْ أَظْفَرْ بِهِ مَعَ شِدَّةِ تَطْلُبِي لَهُ, وَقَدْ نَظَرْتُ فِي مُخْتَصَر كِتَاب « الْمَجِسْطِي », لِِلْقَلْوَذِيَّ الْفَلَكِيّ الْيُونَانِيُّ الَّذِي إِخْتَصَرَهُ إِبْنُ سِينَا فَلَمْ أَجِدْهُ يَذْكُر شَيْئًا مِنْ أَخْبَارِ قُضَاعَةَ, وَإِنْ كَانَ اِبْنُ سِينَا لَمْ يَخْتَصِر مِنْهُ إِلاَّ مَقَالَات الطِّبِّ, وَفَتَّشْت فِي كِتَاب الْحَسَنُ بْن الْهَيْثَمِ الْمُسَمَّى: « الشُّكُوك عَلَى بَطْلَيْمُوس » وَاَلَّذِي تَنَاوُلَ فِيه إِبْنُ الْهَيْثَمِ بِالنَّقْد ثَلاَثَة مُؤَلَّفَاتٍ لِبَطْلَيْمُوسُِ, وَهِيَ : (الْمَجِسْطِي - وَالاِقْتِصَاصُ - وَالْمُنَاظِر) وَلَمْ أَجِدْ فِيهَا أَيُ شَيْءٍ أَيْضا
ثُمَّ وَقَعْتُ عَلَى كِتَابِ « بِلَادِ الْعَرَبِ الْحَجَرِيَّةُ », لِمُوسِيْل, نُسْخَة مِصْرَ, لِعَام 1373 لِلْهِجْرَةِ, وَوجَدْنَاهُ قَدْ ذَكَرَ الْحِجَاز وَسُكَّانَهُ الأَْقْدَمُونَ, وَأَشَارَ إِلَى قُضَاعَةَ بِدُونِ تَصْرِيح مِنْهُ بِذَلِكَ, وَهُوَ يَنْقُل عَنْ كُتُبِ بَطْلَيْمُوس وَزّبُورِ الْعَهْد الْقَدِيمِ, وَوثَائِقِ الآْشُورِيِّينَ وَالْبَابِلِيُّون وَالرُّومَانِ وَالْيُونَانِ وَغَيْرِهِم؛ وَلَهُ اِطِّلَاع وَاسِعٌ عَلى تَوَارِيخِ أُمَمِ الْعَجَم؛ يَقُول مُوسِيْل بِكِتَابَةِ : يَذْكُرُ بَطْلَيْمُوس فِي جُغْرَافِيتِه عَدَدًا كَثِيراً جِدّا مِنَ الْمُدُنِ وَالْقُرَى الَّتِي تَقَعُ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ مِنْ بِلاَدِ الْعَرَبِ السَّعِيدَةِ؛ الْمَعْرُوفِ الآْنَ بِاسْم الْحِجَاز؛ وَوَاضِحٌ مِن الصِّفَاتِ الْخَاصَّةِ بِالإِْقْلِيم أَنَّ أَسْمَاء الْمُدُن وَالْقُرَى هَذِهِ لَمْ تَكُنْ تَدُل فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَْحْيَانِ إلّا عَلَى أَهَمِّ الآْبَارِ وَالْعُيُونِ أَوْ مَضَارِبِ الْخِيَامِ. إِنتَهَى, وَنَقَلَ كَذَلِكَ عَنْ بَطْلَيْمُوس مَوَاضِعٌ عَدِيدَةٍ تُنْسَب إِِلَى مَنْ سَكَنَهَا : كَتَيْمَاء (Tima)؛ وَتَباوْا (Tbawa) تَبُوكَ؛ وَمَكنا (MAKNA) مَقْنا
وَقَدْ أَوْرَدَ مُوسِيْل أَيْضاً نُصُوصٍ لِلْعَهْدِ الْقَدِيم, جَاءَ فِيهَا فِي بَابِ أَخْبَارِ الْعَمَالِقَةِ : وَنَجِدُ فِي سَفَرُ التَّكْوِين أَنَّ سَرِيّةُ الْيفَازَ قَدْ وَلَدَتْ لَهُ الْعَمَالِقَة, وَلَكِنَّ الْيفَاز كَانَ ابْنُ عِيسُو [عِيصُو], وَعِيصُو هُوَ الإِبْنُ الأَْكْبَر لإِِبْرَاهِيم, عَلَى الرَّغْمِ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ عَمَالِيقِ كَانَ يَعِيشُ فِي عَهْدِ إِبْرَاهِيمَ [عَلَيْهِ السَّلاَمُ] فِي جَنُوب أَرْضِ الْمِيعَاد (!)؛ وَلِهَذَا فَإِنَّهُ وَاضِحٌ أََنَّ النَّصَّ الَّذِي يَرِدُ فِي سَفَرُ التَّكْوِين لاَ يُمْكِنُ أَنْ يُحَدِّدَ الأَْصْل الْحَقِيقِيّ للعَمَالِقَةِ؛ وَإِنَّمَا يَدُل عَلَى أَنَّهُمْ قَد اتَّصَلُوْا وَقْتاً مَا بِأَوْلاَد عِيصُو الَّذِينَ كَانُوا يُقِيمُونَ إِلَى جِوَارهمْ؛ وَأَنَّهُمْ قَدْ تَزَوَّجُوا مِنْهُم, انْتَهَى كَلَامُ الْمُسْتَشْرِقِ .
وَإِعْلَمْ أَنَّ جُهَيْنَةَ وَبَلِيُّ مِنْ أَقْدَمِ قَبَائِلِ الْعَرَب؛ وَأَنَّهُمْ أَوَّل مَنّ سَكَنُوا الْحِجَاز؛ وَقَدْ نَزَلُوا عَلَى قَوْمٌ مِنْ جُرْهُمٍ الْآخِرَةِ, وَلَيْسَتْ بِجُرْهُمٌ الْأُولَى الْبَائِدَةِ, وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَكَاهُ اِبْنُ النّجّارِ فِي كِتَابِهِ الدُّرَّةُ الثَّمِينَةِ مِنْ أَخْبَار الْمَدِينَةِ, قَالَ : أَنْبَأَنَا ذَاكِرَ بْن كَامِل قَالَ : كَتَبَ إلَيَّ أَبُو عَلِيّ الْحَدَّاد, أَنَّ أَبَا نُعَيْمٍ الْحَافِظ أَخْبَرَهُ إجَازَةً عَنْ أَبِي مُحَمّد الخلدي قَالَ : أَنْبَأَنَا مُحَمّد بْن عَبْدِ الرّحْمَنِ الْمَخْزُومِيَّ قَالَ : حَدّثَنَا الزّبَيْرُ بْنُ بَكّارٍ قَالَ : حَدّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن زُبَالَة, عَنْ إبْرَاهِيمَ بْن أَبِي يَحْيَى قَالَ : قَالُوا : وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ قُرَىٍ وَأَسْوَاق مِنْ يَهُودَ بَنِي إِسْرَائِيل, وَكَانَ قَدْ نَزَل عَلَيْهِمْ أَحْيَاءٌ مِنْ الْعَرَبِ, فَكَانُوا مَعَهُمْ وَابْتَنَوْا الآْطَامَ وَالْمَنَازِل « قَبْل نُزُول الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ, وَهُمْ بَنُو أُنَيْف حَيٌّ مِنْ بَلِيّ » .
وَيَرْوِي ابْنُ زَبَالَة الْمَدَنِيّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 197 مِنَ الْهِجْرَةِ فِي كِتَابِهِ أَخْبَار الْمَدِينَة :
وَكَانَ لِبَنِي أُنَيْفٍ بِقُبَاءَ : الْأَجَش, عِنْد الْبِئْر الَّتِي يُقَالُ لَهَا : لاوَة, وَأُطْمَان فِيمَا بَيْنَ الْمَال الَّتِي يُقَالُ لَهَا : الماثة, وَالْمَال الَّذِي يُقَال لَهُ : الْقَائِمُ, وَآطَامٌ عِنْد بِئْر عَذْق وَغَيْرِهَا, وَقَالَ شَاعِرُهُمْ :
وَلَوْ نَطَقَتْ يَوْمًا قُبَاء لْخَبَرْت .... بِأَنَّا نَزَلْنَا قَبْلَ عَادٌ وَتُبّعُ
وَآطَامِنَا عَادِيَةٌ مُشْمَخِرَّاتٍ ....... تَلُوحُ فَتُنكِي مِنْ يُعَادِي وَتَمْنَعُ
وَكَانَ مِمَّنْ بَقِيَّ مِنَ الْيَهُود حِينَ نَزَل الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ عَلَيْهِمْ: بَنُو القصيص؛ وَبَنُو نَاغِصَة؛ مَعَ بَنِي أُنَيْفٍ؛ وَبَنُوْ مَرْثَد حَيٍّ مِنْ بَلِيّ. إِِنْتَهَى مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْإِخْبَارِيُّ مُحَمَّد بْنِ الْحَسَنِ بْن زَبَالَةَ .
وَمِمَّا جَاءَ فِي بَحْثِ جُهَيْنَةَ أَصْلِهَا وَتَفَرُّقِهَا فِي الْبِلاَدِ؛ لِلشَّيْخ حَمْد الْجَاسِر قَوْلُهُ:
وَيَظْهَرُ أَنَّ صِلَةَ قَبِيلَةُ جُهَيْنَةَ بِالْمَدِينَةِ كَانَتْ عَرِيقَةً وَقَدِيمَةٍ؛ فَكَانَتْ تَحْتَلُ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ فِيْ عَهْدٍ مُتَقَدِّم عَلَىَ انْتِشَارِ الْقَبَائِلِ الْعَدْنَانِيَّةِ فِيْهَا؛ لأَِنَّ الْمُؤَرِّخِينَ ذَكَرُوا أَنَّ هُنَاكَ بَعْضُ الْعَشَائِرِ الْقَرِيبَةُ النَّسَب مِنْ جُهَيْنَةَ كَبَنِي أُنَيْفٍ المَنْسُوبِيْنَ إِلَى قَبِيلَةِ بَلِيّ؛ كَانُوا اسْتَوْطَنُوا الْمَدِينَةَ قَبْلَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ؛ وَبَلِيّ كَمَا هُوَ مَعْرُوْفٌ أُخُوَّةُ جُهَيْنَةَ فِيْ الْنَّسَبِ؛ وَنُزُوْلِ الْقَبِيلَتَيْنِ فِيْ هَذِهِ الْجِهَاتِ كَانَ زَمَنه مُتَقَارِبَاً؛ عَلَىَ مَا ذَكرَ الْمُتَقَدِّمُونَ؛ وَبَنُوْ أُنَيْفٍ هَاؤُلاءِ لْقِدَمِ سُكْنَاهُمْ فِيْ الْمَدِيْنَةِ يُعِدُّهُمْ بَعْض الْمُؤَرِّخِيْنَ مِنْ حَيْثُ الْنَّسَبِ مَنْ الْأُمَمِ الْبَائِدَةَ؛ ثُمَّ لَمَّا جَاءَ الإِْسْلاَمُ وَجَدْنَا فِي الْمَدِينَةِ جَالِيَةً كَبِيرَةٌ مِنَ جُهَيْنَةَ؛ حَدَّدَ مُؤَرِّخو الْمَدِينَةِ كَابْنِ زَبَالَة وَمِنْ بَعْدَهُ مَنَازِلَهُمْ؛ وَمَنْ الْمُسْتَبْعَدِ أَنْ يَكُوْنُوْا كُلُّهُمْ مِمَّنْ هَاجَرُوا بَعْدَ ظُهُوْرِ الْإِسْلَامِ؛ يُوَضِّحُ هَذَا أَنَّ قَبِيْلَةِ جُهَيْنَةَ كَانَتْ مِنَ أَسْرَعُ الْقَبَائِلِ اسْتِجَابَةً لِلْدَّعْوَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ؛ بَلْ وَمُؤازُرَتِهَا لَهَا وَهِيَ فِيْ بِلَادِهَا؛ وَقَدْ ظَهَرَ فِيْهَا الْإِسْلَام .
((منقول من ملتقى اهل الحديث لشيخ ابو صفوان السالم))
.
جُهَيْنَةَ بِن زَيْد بِن لَيْث بِن سَوْد بِن أَسْلَم بْن اِلْحَافِ بْن قُضَاعَةَ بْن مَالِك بْن عَمْرِو بْن مُرَّة بْن زَيْد بْن مَالِك بِن حِمْيَر بِن سَبَأَ بْن يَشْجُب بْن يَعْرُبَ بْن قَحْطَان بْن عَابِر (هُوْدٍ عَلَيْهِ الْسَّلَام) بْن شَالَخ بْن أَرْفَخْشَد بْن سَام بْن نُوَح (عَلَيْهِ الْسَّلَام) بْن لَامَك بْن مَهْلَائِيل بْن الْيَارِد بْن أَخْنُوخ (إدْرِيسُ عَلَيْهِ الْسَّلَام) بْن أَنُوش بْن قِيْنَان بْن شِيثِ بْن آَدَمَ (عَلَيْهِ الْسَّلَام)
جَمْهَرَة نَسَب الْإِمَامِ أَبُوْ الْحَسَنِ الْجُهَنِيِّ (الْمُتَوَفَّىً سُنَّةَ 430هـ) بِخَطِّ تِلْمِيْذهُ أَبُوْ شُجَاعٍ فَارِسَ بِن الْحُسَيْنِ الْذُّهْلِيُّ عَلَىَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ النَّجَّارِ فِيْ ذَيْلِ تَارِيْخ
بَغْدَاد :
عَلَيّ بْن أَحْمَد بْن سَلَامَةَ بْن سَالِم بْن شَاغِل بْن عَاذِل بْن حْمُوْد بْن زَيْد بْن مُحَمَّد بْن زِيَادٍ الْأَخْرَس بْن بِشَر (شَهِدَ بَدْراً رَضِيَ الْلَّهُ عَنْهُ) بْن عَمْرِو بْن كَعْب بْن عَدِي بْن عَلِي ابْن عَامِر بْن رِفَاعَة بْن كعب (كُلَيْب) بْن موعدة (مَودُعَةَ) بْن عَدِي بْن غَنْم بْن رَبِيْعَة (الرِّبعَةِ) بْن رَشْدَان بْن قَيْسٍ بْن جُهَيْنَةَ بِن زَيْد بِن لَيْث بِن سَوْد بِن أَسْلَم بْن اِلْحَافِ بْن قُضَاعَةَ بْن مَالِك بْن عَمْرِو بْن مُرَّة بْن زَيْد بْن مَالِك بِن حِمْيَر بِن سَبَأَ بْن يَشْجُب بْن يَعْرُبَ بْن قَحْطَان بْن عَابِر (هُوْدٍ عَلَيْهِ الْسَّلَام) بْن شَالَخ بْن أَرْفَخْشَد بْن سَام بْن نُوَح (عَلَيْهِ الْسَّلَام) بْن لَامَك بْن مَهْلَائِيل بْن الْيَارِد بْن أَخْنُوخ (إدْرِيسُ عَلَيْهِ الْسَّلَام) بْن أَنُوش بْن قِيْنَان بْن شِيثِ بْن آَدَمَ (عَلَيْهِ الْسَّلَام)
مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا رَوَاهُ ابْنِ قُتَيْبَةَ الدّينَوَرِيَّ فِي كِتَابِهِ فَضْلِ الْعَرَبِ, وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فِي كِتَابِ الزّينَةِ, وَالسَّنَد لِلدّينَوَرِيَّ, قَال :
حَدّثَنِي أَبُو حَاتِم قَالَ : حَدّثَنِي الْأَصْمَعِيُّ قَال : أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرو بْن الْعَلَاءِ قَال : تِسْعُ قَبَائِلٌ قَدِيمَةً : طَسْمٍ, وَجَدِيسٍ, وَجُهَيْنَةُ, وَضْجمُ, وَالْعَمَالِيق, وَقَحْطَانُ, وَجُرْهُمٍ, وَثَمُودَ, فَهَؤُلَاءِ قُدَمَاءِ الْعَرَبِ الّذِينَ فَتَقَ اللَّه أَلْسِنَتِهِمْ بِهَذَا اللِّسَان, وَكَانَت أَنْبِيَاؤُهُمْ عَرَباً : هُودٍ, وَصَالَحَ, وَشُعَيْبٍ .
جَاءَ فِيْ مَخْطُوْطِ : كَنْز الْأَوْلَاد وَالذَّرَارِي فِي تَارِيْخ الْأَجْدَاد وَالْدِّيَار مِن قَبَائِل الْفُلان الْأَحْرَار وَذَكَر أَنْسَابَهُم الْأَخْيَار وَمَا يَتَعَلَّق بِذَلِك مِمَّا لَابُد مِن ذِكْرِه مِن الْأَخْبَار؛ لِلْمُؤَرِّخِ مُحَمَّد بْن ثُنِّب سَمْبُو الْكُلْوِي الجَغَادِي الْفُلَانِي الْمُتَوَفَّى سَنَة: 1253 مِنْ الْهِجْرَةِ قَوْلُهُ :
أَن قَبِيْلَتِي جُهَيْنَة وَتَمِيْمٍ هاجَرَتا مِنْ جَزِيْرَة بِلَاد الْعَرَب إِلَى الْهِنْد عَقِبَ فِتْنَة بُخْت نَصَّر وَتَخْرِيبُهُ لَهَا؛ وَذَلِك مَابَيْن ( 2000 – 750 قَبْلَ مِيْلادِ الْمَسِيْحِ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ) وَعَادَتا مُرَّة أُخْرَى إِلَى الْجَزِيْرَة الْعَرَبِيَّة بَعْد انْتِهَاء الْفِتْنَة؛ وَكَان مَع تَمِيْم الْأَبْقَار وَالْسُّيُوْف وَالطَاقِيّة ذَات الْلِّسَانَيْن؛ وَمَع جُهَيْنَة الْأَغْنَام؛ وَلِقِلَّة الْمَرَاعِي أَوْصَلَت الْقَبِيلَتَان هِجْرَتِهِمَا إِلَى أَفْرِيْقْيَا حَيْث تَتَوَفَّر الْمَرَاعِي؛ فَسَلَكْت تَمِيْم طَرِيْق الْشَّام إِلَى صَحْرَاء سِيْنَاء؛ حَيْث اسْتَقَرَّت فِي طُوّر سَيْنَاء فُتْرَة مِن الْزَّمَن؛ وَاسْتَمَرَّت مُوَاصَلَة هَجَرَتْهَا إِلَى أَن وَصَلَت إِلَى مِنْطَقَة لِيَبْى (لِيُبَيّا) الْحَالِيَّة؛ وَسَلَكْت جُهَيْنَة طَرِيْق الْيَمَن إِلَى أَن وَصَلَت إِلَى مِنْطَقَة لِيُبْيَا حَيْث تَعِيْش رَفِيْقَة دَرْبُهَا؛ وَلَكِنَّهَا انْتَشَرَت جَنُوْبِا؛ فِي الْوَقْت ذَاتِه وَاصَلَت تَمِيْم رِحْلَتَهَا إِلَى أَقْصَى غَرْب أَفْرِيْقْيَا وَالْمَغْرِب الْأَقْصَى حَتَّى وَصَلَت إِلَى أوْدَّاغُست Audagist وَالَّتِي سُمِّيَت أَخِيِرَا بِأَرْض غَانَا Gana الْقَدِيْمَة؛ الَّتِي تَقَع مَابَيْن مَالِي ومُرْوْتَانَا (مُوْرِيَتَانِيَّا) الْحَالِيَّة وَصَحْرَاء تُوَات Tuwat الْجَزَائِر حَالِيّا؛ الْأَرْض الَّتِي كَانَت تَحْت تَأْثِيْر الْحُكْم الْرُّوْمَانِي؛ وَقَد عَادَت بَعْض هَذِه الْأَسْر مِن تَمِيْم مُرَّة أُخْرَى إِلَى وَطَنِهَا فِي الْجَزِيْرَة الْعَرَبِيَّة؛ فَلَمَّا ظَهَر الْإِسْلام قَاد أَحْفَاد هَؤُلَاء الْعَائِدِيْن حَمَلَة فَتَح غَرْب أَفْرِيْقْيَا بِقِيَادَة : ( عُقْبَة بْن نَافِع – وَعُقْبَة بْن عَامِر الْجُهَيْنِي – وَعُقْبَة الْنَّهْدِي ) وَغَيْرِهِم مِن الْمُجَاهِدِيْن رِضْوَان عَلَيْهِم وَسَلَامُه.
فَأَسْلَم مُلْك الْرُّوْم : وَهُو مَلِك غَانَا وَيُدْعَى بَرْمَنْدانَا Brmindana بَعْد مُقَاوَمَةٍ ضَعِيْفَة؛ وَتَزَوَّج عُقْبَة بْن نَافِع مِن ابْنَة الْمَلِك الَّتِي تُدْعَى بِج مَنْقو Bjjo-mango وَوَلَدَت لَه خَمْسَة أَوْلَاد وَبِنْتَاً وَاحِدَةَ وَهُم :
1- عُثْمَان (تُوْرُو)
2- مُحَمَّد (فُلَان)
3- أَبُو بَكْر (فْلَات)
4- عُمَر (دَرْدَو)
5- عَلَي (غْرْدو)
6- فَاطِمَة (شَلفَو)
ذَكَرَ مَدِيْنَة أَوْجله الَلِّيَبِيَّة الْمُؤَرِّخ الْإِغْرِيقِي هِيْرُوْدُوَت Herodote فِي تَارِيْخِه وَذَلِك حِيْن زَارَهَا سُنَّة (400 ق.م) فَقَالَ :
وَكَان النْسامُونِيْس مِتَعُودُون تَرَك قُطْعَانِهِم فِى الْصَيِف بِجِوَار الْبَحْر وَيَصْعَدُوْن نَحْو مَوْقِع أَوغِلّة awjella ليَجَنُوا الْتَّمْر مِنْ الْنَّخِيل الَّذِي يَنْمُو هُنَاك بِكَثْرَة .
وَقَال الْزُّبَيْدِي فِي تَاجِ الْعَرُوْس (مَادَّة / أُوْجَلِة) :
وَبَنُو أَوْجَل : بَطَنٌ مِنْ جُهَيْنَة؛ وَهُم إِخْوَة أَحْمَس وَأَكْتُم؛ وَهُم: بَنُو عَامِر بِن مَوْدُوَعَة؛ غُرِبوا وَبِهِم سُمِّيَت أُوْجَلِة؛ مَدِيْنَة بَيْن بِرِقَّة وَفَزَّان؛ ذَكَرَهُ الْشَّرِيِف الْنَّسَّابَة .
قَال أَبُو صَفْوَان الْجُهَنِي :
قَوْل الْزُّبَيْدِي ذَكَرَهُ الْشَّرِيِف الْنَّسَّابَة يَعْنِي بِه: أَبُو عَلِي مُحَمَّد بْن أَسْعَد الْجَوَّانِي صَاحِب الْمُقَدِّمَة الْفَاضِلَة فِي الْأَنْسَاب الْمُتَوَفَّى سَنَة 588هـ؛ وَالزُّبَيْدِي صَرَّح فِي مَوْضِع آَخَر مِن مُعْجَمِه بِأَنَّه يَنْقُل عَنه مِن مُقَدَّمَة الْأَنْسَاب لَهُ؛ وَقَد رَجَعْت إِلَى مُقَدِّمَة الْشَّرِيف الْجَوَّانِي فَوَجَدْتُهَا مُحَقِّقَة عَلَى نَسْخ نَاقِصَة مِن آَخِرِهَا؛ فَلَعَلَّه ذِكْر بَنُو أَوْجَل الْجُهَنِيِّين فِي الْجُزْء الْمَفْقُوْد مِن الْكِتَاب وَقَوْلُه (غُرِبوا) لَعَلَّهُ مَأْخُوْذ مِن الْتَغْرِيْب؛ وَهُو الْطَّرْد وَالْإِبْعَاد مِن بِلَاد الْعُرْب إِلَى مَغْرِب الْأَرْض؛ وَقَدْ يَكُوْنُ (غَرَبُوا) مِنْ الْهِجْرَةِ وَالتَّوَجُهِ نَحْوَ الْغَرْبِ .
وَأَحْمَس وَرَدَ ذِكْرُهُ فِي كِتَاب الْمُقَدِّمَة الْفَاضِلَة فِي أُصُول الأَْحْسَابِ وَأُصُول الأَْنْسَابِ لِلنّسّابَة الشّرِيف أَبِي الْبَرَكَات الْجَوْنِيِّ الْمُتَوَفى سَنَةَ 588 لِلْهِجْرَةِ, فَقَال : وَفِي بَنِي جُهَيْنَةَ بَنُو الْحُرْقَةِ, وَهُمْ بَنُو أَحْمَسَ بْن عَامِرٍ بن مُودَعَةً ابْنُ جُهَيْنَةَ؛ وَفِي كِتَاب الْيَمَنِ الْكَبِير لنْسَابَة الْعَرَبِ ابْنُ الْسَّائِب الْكَلْبِيَّ قَالَ : هَؤُلاء بَنُو قَيْس بِن جُهَيْنَةَ : وَوَلَد مَوْدوعَة بْن جُهَيْنَة بْن زَيْد بْن لَيْث بْن سَوْد بْن أَسْلَم ابْن الْحَاف بْن قُضَاعَة: ثَعْلَبَة؛ فَوُلِد ثَعْلَبةُ بْن مَوْدوعَة: عَمْراً، وَعَامِراً؛ فَدَخَل عَمْرو فِي عَامِلَةَ؛ وَوُلِد عَامِر بْن ثَعْلَبَة بْن مَوْدوعَةَ بْن جُهَيْنَة: حُمَِيْساً، وَهُوَ الحُرَقَةَ، بَطْنٌ؛ عِدَادِهِم فِي بَنِي مُرَّة بْن عَوْف بْن ذُبْيَان؛ وَإِنَّمَا سُمُّوْا الْحُرَقَة لِأَنَّهُم أَحْرَقُوُا بَنِي سَهْم بْن مُرَّة بِالْنِّبَل؛ وَذِبْيَانَ بِن عَامِرٍ، بَطْنٌ قَلِيْلُ؛ وَشَبَابَةَ، بَطْنٌ قَلِيْلُ؛ وَجِئَاوَةَ، بَطْنٌ وَهُم قَلِيْلٌ؛ وَصُفَارَة؛ بَطْنٌ دَرَجُوْا .
بَابٌ فِي خَبَرِ مُبْتَدَإِ نُزُوْلِ جُهَيْنَةَ أَرْضِ الْحِجَازِ :
رَوَىَ هِشَام بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ الْسَّائِب الْكَلْبِيِّ الْقُضَاعِيُّ فِيْ كِتَابِهِ (افْتِرَاق الْعَرَبِ)؛ وَابْنُ أَبِيْ الْدُّنْيَا فِيْ (الْإِشْرَافِ فِيْ مَنَازِلِ الْأَشْرَافِ)؛ بِإِسْنَادٍ صَحِيْحٍ رِجَالُهُ كُلُّهُمْ أَئِمَّةٌ ثِقَاتٌ: فَقَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بْنُ يَعْقُوْبَ الْطَّالَقَانِي؛ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْلَّهِ بْن الْمُبَارَكِ؛ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوْسَىْ بْنُ عَلِي بْنِ رَبَاح؛ عَنْ أَبِيْهِ؛ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ؛ وَالْفَاكِهِيُّ فِيْ (أَخْبَارِ مَكَّةَ)؛ وَالْنَّسَّابَةُ ابْنُ حَبِيْبٍ الْبَغْدَادِيِّ فِيْ (الْمُنَمَّقِ مِنْ أَخْبَارِ قُرَيْشٍ)؛ وَالأَزُّرَاقِيّ فِيْ (أَخْبَارِ مَكَّةَ وَمَا جَاءَ فِيْهَا مِنْ الْآَثَارِ)؛ وَأَبُوْ عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ فِيْ (مُعْجَمِ مَا اسْتُعْجِمَ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَوَاضِعِ وَالْبُلْدَان)؛ وَالْجَاحِظُ فِيْ (الْبَيَانِ وَالْتَّبْيِيِنِ) أَوْرَدَ أَبْيَاتٍ؛ وَالْسُّهَيْلِيُّ فِيْ (الْرَّوْضِ الْأُنُف)؛ وَيَاقُوْت الْحَمَوِي فِيْ (مُعْجَمِ الْبُلْدَانِ)؛ قَالُوا :
وَكَانَ أَوَّلَ أَمْرِ جُهَيْنَةَ بْن زَيْد بْن لَيْث بْن أَسْلَم بْن اِلْحَاف ابْن قُضَاعَة فِي مَسِيْرِهِم إِلَى جِبَالهم وَحُلوَلَهُم بِهَا؛ فِيْمَا حَدَّثَنِي أَبُو عَبْد الْرَّحْمَن الْمَدَنِي؛ عَن غَيْر وَاحِدٍ مِن الْعَرَبِ : أَنَّ الْنَّاس بَيْنَمَا هُم حَوْل الْكَعْبَة؛ إِذ هُم بِخَلقٍ عَظِيْم يَطَّوَّف؛ قَد وَازَىَ رَأْسَهُ أَعْلَى الْكَعْبَة؛ فَأَجَفَلَ الْنَّاس هَارِبِيْن؛ فَنَادَاهُم : أَلَا ترَاعُوا؛ فَاقْبَلُوْا إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُوْل :
اللهُمَّ رَبَ البَيتِ ذِي المَناكِبْ ...... وَرَبَّ كُلِّ رَاجِلٍ وَرَاكِبْ
أنت وهَبْتَ الفِتيَةَ السَلاهِبْ ....... وهَجْمةً يَحَارُ فِيهَا الحَالِبْ
وَثلَةٌ مِثلَ الجَرَادِ السّارِبْ .......... متاعَ أيَامٍ وكُلٌّ ذَاهِبْ
فَنَظَرُوْا فَإِذَا هِيَ امْرَأَةٌ، فَقَالُوَا: مَا أَنْتِ: إنْسِيّةٌ أَمْ جِنّيّةٌ ؟؛ فَقَالَتْ: لا :
بَلْ إنْسِيّةٌ مِنْ آَلِ جُرْهُمْ ...... أَهْلَكْنَا الذَّر زَمَانُ يَعْلمْ
بمُجْحفّاتٍ وَبِمَوْتٍ لَهْذَمْ .... بِالْبَغْيِ مِنَّا وَرُكُوْبِ الْمَأْثَمْ
ثُمَّ قَالَتْ :
مَنْ يَنْحَرُ لِيَ كُلَّ يَوْمٍ جَزُوْرا ؛؛ وَيَعِدّ لِيَ زَادَ وَبَعِيْرا ؛؛ وَيُبَلِّغُنِيْ بِلَادَ أقورا ( قَطُورَا )؛؛ أعْطِهِ مَالْاً كَثِيْرَا .
فَانْتَدَبَ لِذَلِكَ رَجُلَانِ مِنَ جُهَيْنَةَ بْن زَيْد؛ فَسَارَا بِهَا أَيَّامَا حَتَّىَ انْتَهَتْ إِلَىَ جَبَلِ جُهَيْنَةَ؛ فَأَتَتْ عَلَىَ قَرْيَةِ نَمْلٍ وَذَرٍّ، فَقَالَتْ : يَا هَذَان؛ هَهُنَا هَلَكَ قَوْمِي فاحْتَفِرا هَذَا الْمَكَان؛ فَأَحْتَفَرا عَنْ مَالٍ كَثِيْرٍ : مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ؛ فأوَقْرا بَعِيْرَيْهِمَا؛ ثُمَّ قَالَتْ لَهُمَا : إِيَّاكُمَا أَنْ تَلتَفِتَا فَيُخْتَلَسُ مَا مَعَكُمَا؛ قَالَ: وَأَقْبَلَ الذَّرِّ حَتَّىَ غَشِيَهُمَا؛ فَمَضَيَا غَيْرَ بَعِيْدٍ فَالْتَفَّتَا؛ فَاخْتُلِسَ مَا كَانَ مَعَهُمَا مِنْ الْمَالِ؛ فَنَادْيَاهَا: هَلْ مِنْ مَاءٍ ؟؛ فَقَالَتْ : نَعَمْ؛ انْظُرَا فِيْ مَوْضِعِ هَذِهِ الْهِضَابِ؛ وَقَالَتْ وَقَدْ غَشيْهَا الذَّرِّ :
يَاوَيْلَتِي يَا وَيْلِي مِنْ أَجلِي ...... أَرَىَ صِغَار الذَّرِّ تَبْغِيْ هَبَلِي
سُلْطَنَ يَفْرِيَنَّ عَلَيَّ محْمَلِي ....... لَمَّا رَأَيْت أَنَّهُ لَا بُدَّ لِي
مِنْ مِنْعَةٍ أَحْرَزَ فِيْهَا مَعْقِلِي
وَدَخَلَ الذَّرِّ مَنْخِرَيْهَا وَمَسَامِعِهَا؛ فَخَرْت لِشَقِّها فَهَلَكَتْ؛ وَوَجَدَ الْجُهْنْيانَ الْمَاءِ عِنْدَ الْهَضْبَةِ حَيْثُ قَالَتْ؛ وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِيْ يُقَالُ لَهُ : مَثْجِر؛ وَهُوَ بِنَاحِيَةِ فَرْشَ مَلَلٍ، مِنْ مَكَّةَ عَلَىَ سَبْعٍ أَوْ نَحْوِهَا؛ وَمِنْ الْمَدِينَةِ عَلَىَ لَيْلَةٍ؛ إلَى جَانِبِ مَثْعَر؛ مَاءٌ لِجُهَيْنَةَ مَعْرُوْفٍ؛ فَيُقَال: إِنَّهُمَا بَقِيَا بِتِلْكَ الْبِلَادِ؛ وَصَارَتْ بِهَا جَمَاعَة جُهَيْنَة؛ وَكَانَتْ بَقَايَا مِنْ جُذَامٍ (جُرْهُمٍ) سُكَّانُ أَرْضٍ بِتِلْكَ الْبِلَادِ؛ يُقَالُ لَهَا: يندد (تَيْدَدْ)؛ فأَجَلْتِهُمْ عَنْهَا جُهَيْنَةَ؛ وَبِهَا نَخْلٌ وَمَاءً؛ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُذَامٍ (جُرْهُمٍ) حِيْنَ ظَعَنَ مِنْهَا؛ وَالْتَفَتَ إِلَىَ تيْددْ وَنَخْلُهَا :تأبَّرِي تَيْدَدْ لا آبِرَ لَكِ
وَكَانَ لَعَجُوْزٌ مِنْ (جُرْهُمٍ) هُنَاكَ نُخَيْلَاتٍ بِفِنَاءِ بَيْتِهَا؛ وَكَانَتْ إِذَا سُئِلْتَ عَنْهُنَّ قَالَتْ : هُنََّ بَنَاتِي؛ فَقِيْلَ لَهُنّ : بَنَات بَحْنَة؛ وَلَا يَعَلَمُوْنَهَا كَانَتْ بِمَوْضِعٍ قَبْلَ تيْددْ؛ وَفِيْهَا يَقُوْلُ الْرَّاجِزُ :
لا يَغْرِسُ الْغَارِسَ إِلا عَجْوَهْ ...... وَابْن طَابٍ ثَابتَاً فِيْ نَجْوهْ
أَوْ الصيَاحِي أَوْ بَنَاتِ بَحنَهْ
فَنَزَلَتْ جُهَيْنَةَ تِلْكَ الْبِلاد؛ وَتَلَاقَتِ قَبَائِلَهُمْ وَفَصَائِلَهُمْ؛ فَصَارَتْ نَحْوَاً مِنْ عِشْرِيْنَ بَطَنْاً؛ وَتَفَرَّقَتْ قَبَائِلَ جُهَيْنَةَ فِيْ تِلْكَ الْجِبَال؛ وَهِيَ : الْأَشْعَرَ ؛ وَالْأَجْرَد ؛ وَقُدْسَ ؛ وَآَرَةُ ؛ وَرَضْوَى ؛ وَصَنْدَد ؛ وَانْتَشَرُوْا فِيْ أَوْدِيَتِهَا؛ وَشِعَابِهَا؛ وعِرَاصهَا؛ وَفِيْهَا : الْعُيُوْن ؛ وَالْنَّخْلَ ؛ وَالْزَّيْتُونَ ؛ وَالْبَانُ ؛ وَالَياسَمِينْ ؛ وَالْعَسَلَ ؛ وَضَرَبٍ مِنْ الْأَشْجَارِ وَالْنَّبَاتِ؛ وَأَسْهَلُوا إِلَىَ بَطْنِ إِضَمْ وَأَعْرَاضَهْ؛ وَهُوَ وَادٍ عَظِيْمٌ؛ تَدْفَعُ فِيْهِ أَوْدِيَةٌ؛ وَيُفْرِعُ فِيْ الْبَحْرِ؛ وَنَزَلُوا : ذَا خُشُبٍ ؛ وَتَيْدَدُ ؛ وَالْحَاضِرَةِ ؛ وَلَقَفا ؛ وَالْفَيْضِ ؛ وَبُوَاطُ ؛ وَالْمُصَلَّى ؛ وَبَدْرَاً ؛ وَجِفَاف ؛ وَوَدَّانَ ؛ وَيَنْبُعَ ؛ وَالْحَوْرَاءُ
وَنَزَلُوا مَا أَقْبَلَ مِنْ الْعَرْجِ ؛ وَالخْبِتَينَ ؛ وَالْرُّوَيْثَةِ ؛ وَالرَّوْحَاءِ ؛ ثُمَّ اسْتَطَالُوْا عَلَىَ الْسَّاحِلَ؛ وَامْتَدُّوا فِيْ التَّهَائِمِ وَغَيْرِهَا؛ حَتَّىَ لَقُوْا بَلِيٍّاً وَجُذَامٍ بِنَاحِيَةِ حَقْلٍ مِنْ سَاحِلِ تَيْمَاءَ؛ وَجَاوَرَهُمْ فِيْ مَنَازِلِهِمْ عَلَىَ الْسَّاحِلِ قَبَائِلَ مِنْ كِنَانَةَ؛ وَنَزَلَتْ طَوَائِفُ مِنْ جُهَيْنَةَ بِذِى الْمَرْوَةِ وَمَا يَلِيْهَا إِلَىَ لَفِيْفٌ (فَيْف)؛ فَلَمْ تَزَلْ جُهَيْنَةَ بِمَنَازْلَهَا حَتَّىَ جَاوَرْتُهُمْ بِهَا أَشْجَعُ بْنِ رَيْثِ بْنِ غَطَفَانَ بْنِ سَعْدِ بْنِ قَيْسٍ بْنِ عَيْلَانَ؛ ثُمَّ نَزَلَتْهَا مَعَهُمْ مُزَيَّنَةٍ بْنِ أُدٍّ بْنِ طَابِخَةَ بْنِ الْيَاسُ بْنِ مُضَرَ؛ فَتَجاوَرّتِ هَذِهِ الْقَبَائِلُ فِيْ هَذِهِ الْبِلادِ؛ وَتَنَافَسُوُا فِيْهَا؛ وَبَيَانِ مَا صَارَ لِكُلِّ قَبِيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ الْجِبَالَ وَبِلَادِهَا؛ فِيْ الْمَوْضِعِ الَّذِيْ فِيْهِ حَدِيْثَ تِلْكَ الْقَبِيْلَةِ وَعُلَِّمَ أَمْرُهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ؛ فخالفت (فَحَالَفَتْ) بُطُوْنٍ مِنْ جُهَيْنَةَ بُطُوْنِاً مِنْ قَيْس بْن عَيْلَان؛ وَنَزَلُوا نَاحِيَةِ خَيْبَرَ ؛ وَحَرَّةُ الْنَّارِ ؛ إِلَىَ الْقُفِّ ؛ وَفِيْ ذَلِكَ يَقُوْلُ الْحُصَيْنِ ابِنْ الْحَمَامِ الْمُرِّيُّ فِيْ الْحَرْبِ الَّتِيْ كَانَتْ بَيْنَ صِرْمَةَ بْنِ مُرَّةَ وَسَهْمٌ بْنِ مُرَّةَ :
فَيَا أَخَوَيْنَا مِنْ بَنِيَّ أَبِيْنَا وَأُمّنَا ...... ذَرْوَا مَوْلَيَيْنَا مِنْ قُضَاعَةَ يَذْهَبَا
فَإِنَّ انْتُمْ لَمْ تَفْعَلُوَا لَا أَبَا لَكُمْ ...... فَلَا تُعْلِقُونَا مَا كَرِهْنَا فَنَغْضَبَا
فَلَمْ تَزَلْ جُهَيْنَةَ فِيْ تِلْكَ الْبِلادِ وَجِبَالِهَا وَالْمَوَاضِعِ الَّتِيْ حَصَلَتْ لَهَا؛ بَعْدَ الَّذِيْ صَارَ لِأَشْجَعِ وَمُزَيْنَةَ مِنْ الْمَنَازِلِ وَالْمُحَالِ الَّتِيْ هُمْ بِهَا؛ إِلَىَ أَنْ قَامَ الْإِسْلَامُ؛ وَهَاجَرَ الْنَّبِيِّ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ أَبُوْ صَفْوَانَ الْمَرْوانِيّ الْجُهَنِيّ عَفَا الْلَّهُ عَنْهُ :
وَجُهَيْنَةُ لِعِزّهَا وَمَنَعَتِهَا لَمْ تُغْلَبُ وَتُضْرَسُ مِنْ بِِلَادِهَا فِيْ قَدِيمِ الدّهْرِ أَوْ حَدِيثِهِ؛ كَمَا أُجْلِيَتْ عَنْ مَحَالّهَا أَكْثَرُ الْأَعَارِيبِ فِي الْجَاهِلِيّةِ وَالْإِسْلَامِ؛ وَقَدْ قَالَ شَاعِرٌ جَاهِلِيٌّ قَدِيمٌ مِنْ جُهَيْنَةَ فِي (كِتَابِ وَصَايَا الْمُلُوْكِ وَأَبْنَاء الْمُلُوْكِ مِنْ وَلَدِ قَحْطَانَ بْنِ هُوْد) :
نَحْنُ الْلِّيُّوْثُ إِذَا حَمَّسنَا فِيْ الْوَغَىْ ...... وَالْحِلْمُ شِيْمَتُنَا إِذَا لَمْ نَحْمسِ
نَحْنُ الصُّخُورُ فَمَنْ يُحَاوِلُ عَضَّهَا ...... تَفْلُلْ نَوَاجِذُهُ الْصُّخُوْرُ وَيُضَرَسِ
نَحْنُ الْبُحُوْرُ فَمَنْ يَخُضْ أَمْوَاجَهَا ...... تَعْطِفْ عَلَيْهِ بِيَمِّهَا المُغْلَنْطَسِ
وَأَرْضِ الْحِجَازِ أَوّلِ مَنْ سَكَنَهَا: الْعَمَالِيقِ ؛ وَجُرْهُمٍ ؛ وَقَطُورَا ؛ فِيمَا ذَكَرَ أَصْحَابِ التّوَارِيخِ وَالنّسّابُونَ؛ وَجُهَيْنَةُ نَزَلَتْ عَلَى بَقَايَا مِنْ جُرْهُمٍ الْآخِرَة عُمُومَةِ بَنِي قَطُورَا؛ وَلِهَذَا قَالَتْ الْجُرْهُمِيّةَ لِلْجُهَنِيّانِ : وََيُبَلِّغُنِيْ بِلَادَ قَطُورَا ؟؛ وَقُطُوْرا: فِيْ تَرْجَمَة الْلُّغَةِ الْعِبْرِيَّةِ تَعْنِيْ: (الْبَخُورِ)؛ وَلَعَلَّ لِلْاسْمِ عَلَاقَةٌ وَصِلَةِ مَا بِقَوَافِلَ الْبَخُورِ الْقَدِيْمَةِ؛ الْمُتجَّةِ مِنْ بِلَادِ الْعَرَبِ نَحْوَ بِلَادِ الْكَنْعَانِيِّيْنَ مِصْرَ؛ وَالْشَّام؛ وَفِلَسْطِيْن؛ وَكَانَ الْبَخُور ؛ وَالبَانُ ؛ وَالْعُطُوْر ؛ يَجْلِبُ مِنْ بِلَادٍ الْعُرْبِ وَيُسْتَعْمَلُ كطُقَوسُ فِيْ الْمَعَابِدِ كَمَا تَذْكُرُ نُصُوْصِ الْتَّوَّارِة .
وَأمَّا الْعَمَالِيقُ فَكَانُوا جَبَابِرَةٌ هَلَكُوا قَبْلَ مَنْزَلِ جُهَيْنَةَ؛ وَقَدْ وَرَدَ فِيْ الْعَهْدِ الْقَدِيْم (سفْر الْخُرُوْجِ) خَبَر مُحَارَبَةِ الْعَمَالِيَق لِبَنِي إسْرَائِيلَ :
17-8 : وَجَاء بَنُو الْعَمَالِيَق؛ فَحَارَبُوا إِسْرَائِيْل فِي رَفِيْدِيْمَ
17-9 : فَقَال مُوْسَى لِيَشُوع: خُذ خِيَرَةِ رِجَالِكَ وَاخْرُج لِمُحَارَبَةَ الْعَمَالِيَق؛ وَغْداً أَّقِفُ عَلَى رَأْسِ الْتَّلَّة وَعَصَا الْلَّهِ فِي يَدِي
17-10 : فَفَعَل يَشُوْعُ كَمَا قَال لَه مُوْسَى فَحَارَب الْعَمَالِيَق؛ وَمُوَسَى وَهَرُوْن وَحُوْر صَعِّدُوْا إِلَى رَأْس الْتَّلَّةِ
17-11: فَكَان إِذَا رَفَع مُوْسَى يَدَهُ يَنْتَصِرُ بَنُو إِسْرَائِيْل؛ وَإِذَا حَط يَدَه يَنْتَصِرُ الْعَمَالِيَقُ
17-12: وَلَمَّا تَعِبَت يَدَا مُوْسَى؛ أَقْعَدَهُ هَرُوَنَ وَحُوْرُ عَلَى حَجَرٍ وَسَنَدَا يَدَيْهِ؛ إِحداهُمَا مِن هُنَا وَالأُخَرى مِن هُنَاك؛ فَكَانَت يَدَا مُوْسَى ثَابِتَتَيْن إِلَى غُرُوْبِ الْشَّمْس
17-13: فَهَزَمَ يَشُوْع بَنِي عَمَالِيْق بِحَدَّ الْسَّيْفِ
17-14: وَقَال الْرَّب لِمُوْسَى: (أُكْتُب خَبَرَ هَذَا الْنَّصَّرِ ذِكْراً فِي الْكِتَابِ وَقُل لِيَشُوعَ: سَأَمْحُو ذِكْرَ عَمَالِيْقَ مِن تَحْتِ الْسَّمَاء)
ثُمّ سَلّطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ بُخْتُ نُصّرَ الْبَابِلِيّ فَدَوّخَهُمْ وَجَاسَ خِلَالَ دِيَارِهِمْ؛ وَلَمْ يُبْقِي مِنْهُمْ غَيْر َبَقَايَا وَطَلَائِعٌ تَحْصَنَتْ فِي الشّوَاهِقِ وَالْجِبَال؛ قَالَ الطّبَرِيّ : وَذُكِرَ أَنّ اللّهَ تَعَالَى أَوْحَى فِي ذَلِكَ الزّمَانِ إلَى إرْمِيَاءَ بن حَلْقِيَا أَنْ اذْهَبْ إلَى بُخْتَنَصّرَ فَأَعْلِمْهُ أَنّي قَدْ سَلّطْته عَلَى الْعَرَبِ . انتهى؛ وَقَدْ أَلْفَيْتُ مِصْدَاقُ هَذَا فِي (سفر إرْمِيَا) :
49-29 : خُذُوْا خِيَامَهُمْ؛ وَغَنَمَهُمْ؛ وَسَتَائِرَهُمْ؛ وَجَمِيْعَ أَدَوَاتِهِمْ وَجِمَالَهُمْ؛ وَنَادَوْا عَلَيْهِمْ بِالْرُّعْبِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ
49-30 : أُهْرُبُوا سَرِيْعا وَاخْتَبِئُوْا يَا سُكَّانَ حَاصُوْرَ؛ لِأَنَّ نُبُوَخُذْ نَصَّرَ مَلِكَ بَابِلَ نَوَىً عَلَيْكُمْ شَرُا وَدَبَّرَ مَكَيْدَةً .
وَأَمّا جُرْهُمَ وَقَطُورَاءَ فَهُمْ إخْوَةٌ نَزَلُوْا بِمَكَّةَ عَلَىَ هَاجَرَ وَإِسْمَاعِيْلَ عَلَيْهِمَا الْسَّلَام؛ فَبَغَوْا فِي الْحَرَمِ وَتَنَافَسُوا فِي الْمُلْكَ وَتَحَارَبُو بِهَا فَسَلّطَ اللّهُ عَلَيْهِم الذّرّ وَالنَغَافُ وَأَهْلَكَ بَقِيّتَهُمْ غَرقاً بِسَيْلِ وَادِي إِضَمَ فِي دَارِ جُهَيْنَةَ؛ يَقُولُ ابْنُ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيّ فِي «كِتَابِ الْمَعَارِفِ »: وَمَنْ وُلِد أَرْفَخْشَدْ: يَقْطُنُ بْنِ عَابِرَ بْنِ شَالِخَ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامَ بْنِ نُوَحٍ؛ وَيَقْطُنُ هُوَ: أَبُوْ جُرْهُمَ بْنِ يَقْطَنَ، وَجُرْهُمٍ هُوَ ابْنُ عَمِ يَعْرُبَ؛ وَكَانَتْ جُرْهُمٍ مِمَّنْ سَكَنَ الْيَمَنِ وَتَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ؛ ثُمَّ نَزَلُوْا بِمَكَّةَ فَكَانُوْا بِهَا؛ وَقُطُوْرا بَنُوْ عَمٍّ لَهُمْ؛ ثُمَّ أَسْكَنَهَا الْلَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِسْمَاعِيْلُ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ فَنَكَحَ فِيْ جُرْهُمَ فَهُمْ أَخْوَالِ وَلَدِهِ .
قَالَ الْبَاحِث الْفِلِسْطِيْنِي مُحَمَّد صَالِخ الْخَيْرِي فِيْ بَحْثٍ عَنْ قَبِيْلَةِ جُهَيْنَةَ :
دِيَار جُهَيْنَةَ الْأُوْلَى :
كَانَ الْمَوْطِنِ الْأَصْلِي لِلْشَعْب الْقَحْطَانِي بِلَاد الْيَمَنِ؛ فِيْ الْرُّكْنِ الْجَنُوْبِي مِنْ جَزِيْرَةِ الْعَرَب؛ وَلِذَلِكَ عُرِفُوْا بِاسْم عَرَب الْجَنُوْب؛ وَكَانَ قُضَاعَةُ جَدَّ الْقُضَاعْيِّينَ الْأَكْبَر عَلَى رِوَايَة أَهْلِ الْأَخْبَارِ مِثْلَ سَائِرِ أَبْنَاءِ سَبَأٍ مُقَيِّماً فِيْ الْيَمَنِ أَرْضِ آَبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ؛ وَهَذا رَأْيُ عَدَدٍ مِنَ الْبَاحِثِيْنَ؛ مِثْلَ: شرادر - وَكبيرت - وهارتمان - ودلتشِ - وفريتزهومل؛ رَأَوُا أَنََّ الْسَّبَئِيِّينَ عَاشُوْا أَصْلاً فِيْ شَمَالِ شِبْهِ الْجَزِيْرَةِ الْعَرَبِيَّةِ قُرْبَ مِنْطَقَةِ الْجَوْفِ بالْشِّمَال؛ وَاسْتَمَرُّوا فِيْهَا عَلَى الْبَدَاوَةِ زَمَناً طَوَيْلَا؛ ثُمَّ دَفَعَتْهُمْ دَوَافِع مُعَيَّنَةٍ إِلى الاتِّجَاهِ نَحْوَ جَنُوْب شُبِّهَ الْجَزِيرَةِ قُبَيْلَ بِدَايَّةِ الْقَرْنِ الْثَامِنِ قَبْلَ الْمِيْلَادِ بِقَلِيْلٍ حَيْث اسْتَقَرُّوْا فِيْهِ؛ أَمَّا الْرأي الْآَخر فَقَدْ أَلْمَحَ إِلَيْهِ بَاحِثُوْنَ أَخَرُونَ مِنْهُمْ: موللر - وجلاسر - وفنكلر - ومايروموزيل؛ وَيَرَوْنَ فِيْهِ أَنَّ الْسَّبَئِيِّينَ عَاشُوْا مُنْذُ بِدَايَةِ أَمْرِهِم فِيْ الْجَنُوْب الْعَرَبِي؛ وَلَكِن جَالِيَّةً مِنْهُمْ اتَّجَهَتْ خِلَال الْقَرْن الْثَامِنِ ق.م أَوْ قَبْله بِقَلِيْل إِلَى الْشِّمَالِ؛ وَأَقَامَتْ قُرْبَ وَاحَة تَيْمَاءَ وَمِنْطَقَةِ الْجَوْف الْشِّمَالِي؛ لِتَرْعَى الْمَصَالِحِ الْتِّجَارِيَّةِ لِقَوْمِهَا فِي شَمَال شُبِّهَ الْجَزِيرَةِ وَعَلى طُرُق الْقَوَافِلِ الْمُتَهْجَّة مِنْهَا إِلَى الْهِلَال الْخَصِيب .
قَالَ الْحَافِظُ الْسُّيُوْطِيُّ فِيْ كِتَابِهِ الْشَّمَارِيْخ فِيْ عِلْمِ الْتَّارِيْخ :
بَابٌ فِي مُبْتَدَإِ الْتَّأرِيْخ : قَال ابْن خَيْثَمَة فِي تَارِيْخِه: قَالَ عَلِي بْن مُحَمَّد الْمَدَائنِي؛ عَن عَلِي بْن مُجَاهِد؛ عَن ابْن إِسْحَاق؛ عَن الْزُّهْرِي؛ عَن مُحَمَّد بْن صَالِح وَالْشَّعْبِي؛ قَالاَ : لَمَا أُهْبِطَ آَدَمَ مِن الْجَنَّة؛ وَانْتَشَر وَلَدِه؛ أَرَخَ بَنَوْه مِنْ هُبُوْط آَدَم؛ فَكَان ذَلِك الْتَّأرِيْخ حَتَّى بَعَث الْلَّه نُوْحاً؛ فَأَرَخُوا بِبَعْث نُوْح حَتَّى كَان الْغَرَق؛ فَهَلَك مَن هَلَك مِمَّن كَان عَلَى وَجْه الْأَرْض فَلَمَّا هَبَطَ نُوْحً وَذُرِّيَّتَه وَكُل مَن كَان مَعَهُ فِي السَّفِيْنَة قَسَم الْأَرْض بَيْن وَلَدِه أَثْلَاثاً؛ فَجَعَلَ « لِسَام » وَسَطَاً مِن الْأَرْض؛ فَفِيْهَا: بَيْت الْمَقْدِس؛ وَالْنَّيْل؛ وَالْفُرَات؛ وَدِجْلَةَ؛ وَسَيْحَان؛ وَجَيْحَان؛ وَمَيْمُوْن؛ وَذَلِك مَا بَيْن مَيْمُوْن إِلَى شَرْقِي الْنَّيْل؛ وَمَا بَيْن مِنْخَر رِيْح الْجَنُوْب إِلَى مِنْخَر الرِّيَح الْشِّمَالِي؛ وَجَعَل « لِحَام » قِسْمَة غَرْبِي الْنَّيْل؛ فَمَا وَرَاءَه إِلَى مِنْخَر رِيَح الْدَّبُوْر؛ وَجَعَل قَسَم « يَافَث » مِنْ قَاسَيُوَنَ؛ فَمَا وَرَاءَهُ إِلَى مِنْخَر رِيْح الْصِبَا؛ فَكَان الْتَّارِيْخ مِن الطُّوْفَان إِلَى نَارِ إِبْرَاهِيْم؛ فَلَمَّا كَثُرَ بَنُو إِبْرَاهِيْم افْتَرَقُوْا؛ فَأَرْخ بَنُوْا إِسْحَاق مِن نَار إِبْرَاهِيْم إِلَى مَبْعَث يُوَسُفَ؛ وَمَن مَبْعَثِ يُوْسُف إِلَى مَبْعَث مُوْسَى؛ وَمَن مَبْعَثِ مُوْسَى إِلَى مَبْعَثِ سُلَيْمَان؛ وَمَن مَلَك سُلَيْمَان إِلَى مَبْعَث عِيْسَى بْن مَرْيَمَ؛ وَمِن مَبْعَث عِيْسَى بْن مَرْيَم إِلَى مَبْعَث مُحَمَّدٍ صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَأَرَّخ بَنُو إِسْمَاعِيْل مِن نَار إِبْرَاهِيْم إِلَى بِنَاء الْبَيْت حِيْنَ بَنَاهُ إِبْرَاهِيْم وَإِسْمَاعِيْل؛ ثُم أَرَّخ بَنُو إِسْمَاعِيْل مِن بُنْيَان الْبَيْت إِلَى أَن تَفَرَّقَت بَعْدَ ذَلِكَ؛ فَكَانَ كُلَّمَا خَرَجَ قَوْمٌ مِنْ تِهَامَةَ أَرْخَو بِخُرُوْجِهِمْ؛ وَمَن بَقِيَّ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيْل يُؤَرِّخُوْن مِنْ خُرُوْج ( سَعْدٍ ؛ وَنَهْدَ ؛ وَجُهَيْنَةَ ) حَتَّى مَات كَعْب بْن لُؤَي؛ فَأَرِّخُوا مِن مَوْتِهِ إِلَى الْفِيل؛ فَكَان الْتَّأرِيْخ مِن الْفِيل إِلَى أَن أَرَّخ عُمَرَ بْن الْخَطَّاب من الْهِجْرَة؛ وَكَانَ ذَلِكَ سَنَةَ سَبْعِ عَشْرَةَ أَو ثَمَانِ عَشْرَةَ؛ أَخْرَجَه ابْن جَرِيْر فِي تَارِيْخِه .
قَالَ أَبُوْ صَفْوَانَ الْمَرْوانِيّ :
وَقُضَاعَةَ مِنْ أَعْظَمِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ قَاطِبَةً؛ فَكَانَ مِنْهُمْ الْوُزَرَاءِ لِسُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام, وَنَبِيّ اللَّه شُعَيْب؛ وَكَانُوا مَعَ الْعَبْد الصّالِحِ ذِي الْقَرْنَيْنِ؛ وَلُقْمَان الْحَكِيم عَلَيْهِ السّلَام كَانَ مَوْلىً للْقَيْنِ بْنِ جَسْرِ بْنِ شَيْعِ اللّهِ بْنِ رُفَيْدَةَ بْنِ وَبَرَةَ بْنِ تَغْلِبَ بْنِ حُلْوَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَافّ بْنِ قُضَاعَةَ؛ قَالَهُ الْهَمْدَانِيّ وَبَعْضُ الْإِخْبَارِيّين؛ وَذَكَرَ الْوَزِيْرِ الْمَغْرَبِي فِيْ الْإِينَاسِ بِعِلْم الْأَنْسَابِ قَوْلُهُ: وَرَأَيْتُ بِخَطِّ شِبْلٍ الْنَّسَّابَةُ: قَالَ أَبُوْ هُرَيْرَةَ: كَانَ حَوْتَكَة بْنِ سُوْد ابْنِ أَسْلُمٌ صَاحِبِ فِرْعَوْنَ بِمِصْرَ؛ وِلَا أَدْرِيْ مَا صِحَة ذَلِكَ . وَقَالَ الْأَمِيرُ نَصْرٍ : قَالَ أَبُو الْمُنْذِر : جُهَيْنَةُ؛ وَسَعْدَ بْن هُذَيْم؛ وَنَهْدَ بْنِ زَيْدٍ؛ كَانَا أَوّل مَنْ أصْحَرَ مِنْ الْعَرَبِ؛ فَسُمّيَا بِصَحَار؛ فَوَلَدَ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ لَيْثٍ : عُذْرَةَ بَطْنٍ, وَالْحَارِثُ بَطْنٍ, فِي بَنِي عُذْرَةَ؛ وَنَقَلْتهُ مِنْ كِتَاب الْمُؤْتَلِف وَالْمُخْتَلِف فِي الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى وَالْأَنْسَاب؛ وَوَقَعَ فِي كِتَاب ابْنُ السّائِبِ الْكَلْبِيّ الْيَمَن الْكَبِير؛ وَقَالَ الْهَمْدَانِيُّ فِي الْإِكْلِيل فِي أَنْسَابِ الْيَمَنِ وَأَخْبَار حِمْيَر عِنْدَ ذِكْرِهِ للْحِجَاز : وَكَانَ أَهْل هَذِهِ الْبِلَاد فِي قَادِم الدّهْرِ للْعَمَالِيق؛ ثُمّ جُذَامٌ؛ ثُمّ أَجْلَتْ جُرْهُمٌ مِنْ مَكّةَ؛ فَنَزَلتهَا جُهَيْنَةُ .
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ الْمُتَوَفَى سَنَةَ 456هـ فِي مُخْتَصَرِهِ عَلَى جَمْهَرَةِ أَبُو الْمُنْذِرِ الْكَلْبِيَّ, فَقَال :
وَوَجَدْنَا فِي كُتُبِ بَطْلَيْمُوسَ؛ وَفِي كُتُبِ الْعَجَمِ الْقَدِيمَةِ؛ ذِكْرُ الْقُضَاعيّينَ وَنَبَذَهٌ مِنْ أَخْبَارِهِمْ وَحُرُوبِهِمْ؛ فَاَللّهُ أَعْلَمُ أَهُمْ أَوَائِلَ قُضَاعَةُ هَذِهِ وَأَسْلَافِهِمْ؛ أَمْ هُمْ غَيْرَهُمْ ؟
وَقَالَ أَيْضا ابْن خُلْدُوْن الْمُتَوَفَى سَنَةَ 808هـ فِي تَارِيْخِه :
وَفِي كُتُب الْحُكَمَاء الاقَدِمِين مِن يُوْنَان مِثْل: بَطْلَيْمُوس؛ وَهْرُوَشيْوّش [هِيْرُودْوتَس] ذِكْر الْقُضَاعْيِّين وَالْخَبَر عَن حُرُوْبِهِم؛ فَلَا يَعْلَم أَهُم أَوَائِل قُضَاعَة هَؤُلَاء وَأَسْلَافِهِم أَو غَيْرِهِم .
قََالَ الجُهَنِيّ :
لاَ شَكَّ أَنَّ قُضَاعَةَ الَّتِي وُجَدَ أَخْبَارُهَا الإِْمَامُ ابْنُ حَزْمٍ عِنْدَ بَطْلَيْمُوسَ هِيَ أُمَةُ قُضَاعَةَ الْعَظِيمَةِ وَالَّتِي لَمْ يَبْقَ مِنْهَا الْيَوْمَ غَيْرَ: جُهَيْنَةَ ؛ وَبَلِي ؛ وَنَهْد؛ وَأَمّا كِتَابُ الْجُغْرَافِيَا لِبَطْلَيْمُوسِ فَإِنّي تَطَلَّبْتهُ كَثِيرا وَلَمْ أَظْفَرْ بِهِ مَعَ شِدَّةِ تَطْلُبِي لَهُ, وَقَدْ نَظَرْتُ فِي مُخْتَصَر كِتَاب « الْمَجِسْطِي », لِِلْقَلْوَذِيَّ الْفَلَكِيّ الْيُونَانِيُّ الَّذِي إِخْتَصَرَهُ إِبْنُ سِينَا فَلَمْ أَجِدْهُ يَذْكُر شَيْئًا مِنْ أَخْبَارِ قُضَاعَةَ, وَإِنْ كَانَ اِبْنُ سِينَا لَمْ يَخْتَصِر مِنْهُ إِلاَّ مَقَالَات الطِّبِّ, وَفَتَّشْت فِي كِتَاب الْحَسَنُ بْن الْهَيْثَمِ الْمُسَمَّى: « الشُّكُوك عَلَى بَطْلَيْمُوس » وَاَلَّذِي تَنَاوُلَ فِيه إِبْنُ الْهَيْثَمِ بِالنَّقْد ثَلاَثَة مُؤَلَّفَاتٍ لِبَطْلَيْمُوسُِ, وَهِيَ : (الْمَجِسْطِي - وَالاِقْتِصَاصُ - وَالْمُنَاظِر) وَلَمْ أَجِدْ فِيهَا أَيُ شَيْءٍ أَيْضا
ثُمَّ وَقَعْتُ عَلَى كِتَابِ « بِلَادِ الْعَرَبِ الْحَجَرِيَّةُ », لِمُوسِيْل, نُسْخَة مِصْرَ, لِعَام 1373 لِلْهِجْرَةِ, وَوجَدْنَاهُ قَدْ ذَكَرَ الْحِجَاز وَسُكَّانَهُ الأَْقْدَمُونَ, وَأَشَارَ إِلَى قُضَاعَةَ بِدُونِ تَصْرِيح مِنْهُ بِذَلِكَ, وَهُوَ يَنْقُل عَنْ كُتُبِ بَطْلَيْمُوس وَزّبُورِ الْعَهْد الْقَدِيمِ, وَوثَائِقِ الآْشُورِيِّينَ وَالْبَابِلِيُّون وَالرُّومَانِ وَالْيُونَانِ وَغَيْرِهِم؛ وَلَهُ اِطِّلَاع وَاسِعٌ عَلى تَوَارِيخِ أُمَمِ الْعَجَم؛ يَقُول مُوسِيْل بِكِتَابَةِ : يَذْكُرُ بَطْلَيْمُوس فِي جُغْرَافِيتِه عَدَدًا كَثِيراً جِدّا مِنَ الْمُدُنِ وَالْقُرَى الَّتِي تَقَعُ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ مِنْ بِلاَدِ الْعَرَبِ السَّعِيدَةِ؛ الْمَعْرُوفِ الآْنَ بِاسْم الْحِجَاز؛ وَوَاضِحٌ مِن الصِّفَاتِ الْخَاصَّةِ بِالإِْقْلِيم أَنَّ أَسْمَاء الْمُدُن وَالْقُرَى هَذِهِ لَمْ تَكُنْ تَدُل فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَْحْيَانِ إلّا عَلَى أَهَمِّ الآْبَارِ وَالْعُيُونِ أَوْ مَضَارِبِ الْخِيَامِ. إِنتَهَى, وَنَقَلَ كَذَلِكَ عَنْ بَطْلَيْمُوس مَوَاضِعٌ عَدِيدَةٍ تُنْسَب إِِلَى مَنْ سَكَنَهَا : كَتَيْمَاء (Tima)؛ وَتَباوْا (Tbawa) تَبُوكَ؛ وَمَكنا (MAKNA) مَقْنا
وَقَدْ أَوْرَدَ مُوسِيْل أَيْضاً نُصُوصٍ لِلْعَهْدِ الْقَدِيم, جَاءَ فِيهَا فِي بَابِ أَخْبَارِ الْعَمَالِقَةِ : وَنَجِدُ فِي سَفَرُ التَّكْوِين أَنَّ سَرِيّةُ الْيفَازَ قَدْ وَلَدَتْ لَهُ الْعَمَالِقَة, وَلَكِنَّ الْيفَاز كَانَ ابْنُ عِيسُو [عِيصُو], وَعِيصُو هُوَ الإِبْنُ الأَْكْبَر لإِِبْرَاهِيم, عَلَى الرَّغْمِ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ عَمَالِيقِ كَانَ يَعِيشُ فِي عَهْدِ إِبْرَاهِيمَ [عَلَيْهِ السَّلاَمُ] فِي جَنُوب أَرْضِ الْمِيعَاد (!)؛ وَلِهَذَا فَإِنَّهُ وَاضِحٌ أََنَّ النَّصَّ الَّذِي يَرِدُ فِي سَفَرُ التَّكْوِين لاَ يُمْكِنُ أَنْ يُحَدِّدَ الأَْصْل الْحَقِيقِيّ للعَمَالِقَةِ؛ وَإِنَّمَا يَدُل عَلَى أَنَّهُمْ قَد اتَّصَلُوْا وَقْتاً مَا بِأَوْلاَد عِيصُو الَّذِينَ كَانُوا يُقِيمُونَ إِلَى جِوَارهمْ؛ وَأَنَّهُمْ قَدْ تَزَوَّجُوا مِنْهُم, انْتَهَى كَلَامُ الْمُسْتَشْرِقِ .
وَإِعْلَمْ أَنَّ جُهَيْنَةَ وَبَلِيُّ مِنْ أَقْدَمِ قَبَائِلِ الْعَرَب؛ وَأَنَّهُمْ أَوَّل مَنّ سَكَنُوا الْحِجَاز؛ وَقَدْ نَزَلُوا عَلَى قَوْمٌ مِنْ جُرْهُمٍ الْآخِرَةِ, وَلَيْسَتْ بِجُرْهُمٌ الْأُولَى الْبَائِدَةِ, وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَكَاهُ اِبْنُ النّجّارِ فِي كِتَابِهِ الدُّرَّةُ الثَّمِينَةِ مِنْ أَخْبَار الْمَدِينَةِ, قَالَ : أَنْبَأَنَا ذَاكِرَ بْن كَامِل قَالَ : كَتَبَ إلَيَّ أَبُو عَلِيّ الْحَدَّاد, أَنَّ أَبَا نُعَيْمٍ الْحَافِظ أَخْبَرَهُ إجَازَةً عَنْ أَبِي مُحَمّد الخلدي قَالَ : أَنْبَأَنَا مُحَمّد بْن عَبْدِ الرّحْمَنِ الْمَخْزُومِيَّ قَالَ : حَدّثَنَا الزّبَيْرُ بْنُ بَكّارٍ قَالَ : حَدّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن زُبَالَة, عَنْ إبْرَاهِيمَ بْن أَبِي يَحْيَى قَالَ : قَالُوا : وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ قُرَىٍ وَأَسْوَاق مِنْ يَهُودَ بَنِي إِسْرَائِيل, وَكَانَ قَدْ نَزَل عَلَيْهِمْ أَحْيَاءٌ مِنْ الْعَرَبِ, فَكَانُوا مَعَهُمْ وَابْتَنَوْا الآْطَامَ وَالْمَنَازِل « قَبْل نُزُول الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ, وَهُمْ بَنُو أُنَيْف حَيٌّ مِنْ بَلِيّ » .
وَيَرْوِي ابْنُ زَبَالَة الْمَدَنِيّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 197 مِنَ الْهِجْرَةِ فِي كِتَابِهِ أَخْبَار الْمَدِينَة :
وَكَانَ لِبَنِي أُنَيْفٍ بِقُبَاءَ : الْأَجَش, عِنْد الْبِئْر الَّتِي يُقَالُ لَهَا : لاوَة, وَأُطْمَان فِيمَا بَيْنَ الْمَال الَّتِي يُقَالُ لَهَا : الماثة, وَالْمَال الَّذِي يُقَال لَهُ : الْقَائِمُ, وَآطَامٌ عِنْد بِئْر عَذْق وَغَيْرِهَا, وَقَالَ شَاعِرُهُمْ :
وَلَوْ نَطَقَتْ يَوْمًا قُبَاء لْخَبَرْت .... بِأَنَّا نَزَلْنَا قَبْلَ عَادٌ وَتُبّعُ
وَآطَامِنَا عَادِيَةٌ مُشْمَخِرَّاتٍ ....... تَلُوحُ فَتُنكِي مِنْ يُعَادِي وَتَمْنَعُ
وَكَانَ مِمَّنْ بَقِيَّ مِنَ الْيَهُود حِينَ نَزَل الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ عَلَيْهِمْ: بَنُو القصيص؛ وَبَنُو نَاغِصَة؛ مَعَ بَنِي أُنَيْفٍ؛ وَبَنُوْ مَرْثَد حَيٍّ مِنْ بَلِيّ. إِِنْتَهَى مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْإِخْبَارِيُّ مُحَمَّد بْنِ الْحَسَنِ بْن زَبَالَةَ .
وَمِمَّا جَاءَ فِي بَحْثِ جُهَيْنَةَ أَصْلِهَا وَتَفَرُّقِهَا فِي الْبِلاَدِ؛ لِلشَّيْخ حَمْد الْجَاسِر قَوْلُهُ:
وَيَظْهَرُ أَنَّ صِلَةَ قَبِيلَةُ جُهَيْنَةَ بِالْمَدِينَةِ كَانَتْ عَرِيقَةً وَقَدِيمَةٍ؛ فَكَانَتْ تَحْتَلُ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ فِيْ عَهْدٍ مُتَقَدِّم عَلَىَ انْتِشَارِ الْقَبَائِلِ الْعَدْنَانِيَّةِ فِيْهَا؛ لأَِنَّ الْمُؤَرِّخِينَ ذَكَرُوا أَنَّ هُنَاكَ بَعْضُ الْعَشَائِرِ الْقَرِيبَةُ النَّسَب مِنْ جُهَيْنَةَ كَبَنِي أُنَيْفٍ المَنْسُوبِيْنَ إِلَى قَبِيلَةِ بَلِيّ؛ كَانُوا اسْتَوْطَنُوا الْمَدِينَةَ قَبْلَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ؛ وَبَلِيّ كَمَا هُوَ مَعْرُوْفٌ أُخُوَّةُ جُهَيْنَةَ فِيْ الْنَّسَبِ؛ وَنُزُوْلِ الْقَبِيلَتَيْنِ فِيْ هَذِهِ الْجِهَاتِ كَانَ زَمَنه مُتَقَارِبَاً؛ عَلَىَ مَا ذَكرَ الْمُتَقَدِّمُونَ؛ وَبَنُوْ أُنَيْفٍ هَاؤُلاءِ لْقِدَمِ سُكْنَاهُمْ فِيْ الْمَدِيْنَةِ يُعِدُّهُمْ بَعْض الْمُؤَرِّخِيْنَ مِنْ حَيْثُ الْنَّسَبِ مَنْ الْأُمَمِ الْبَائِدَةَ؛ ثُمَّ لَمَّا جَاءَ الإِْسْلاَمُ وَجَدْنَا فِي الْمَدِينَةِ جَالِيَةً كَبِيرَةٌ مِنَ جُهَيْنَةَ؛ حَدَّدَ مُؤَرِّخو الْمَدِينَةِ كَابْنِ زَبَالَة وَمِنْ بَعْدَهُ مَنَازِلَهُمْ؛ وَمَنْ الْمُسْتَبْعَدِ أَنْ يَكُوْنُوْا كُلُّهُمْ مِمَّنْ هَاجَرُوا بَعْدَ ظُهُوْرِ الْإِسْلَامِ؛ يُوَضِّحُ هَذَا أَنَّ قَبِيْلَةِ جُهَيْنَةَ كَانَتْ مِنَ أَسْرَعُ الْقَبَائِلِ اسْتِجَابَةً لِلْدَّعْوَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ؛ بَلْ وَمُؤازُرَتِهَا لَهَا وَهِيَ فِيْ بِلَادِهَا؛ وَقَدْ ظَهَرَ فِيْهَا الْإِسْلَام .
((منقول من ملتقى اهل الحديث لشيخ ابو صفوان السالم))
.
أبو عدى- المساهمات : 90
تاريخ التسجيل : 23/08/2011
العمر : 34
مواضيع مماثلة
» الشيخ سعد ابن غنيم شيخ الموسى من جهينه
» قبيلة جهينه فروعها ومساكنها
» حاتم جهينه الشيخ مفلح بن حمد الدبيسي
» الشيخ دخيل الله القاضي شيخ مشائخ مالك من جهينه
» اسماء الصحابه ممن بايع تحت الشجره بيعة الرضوان من قبيلة جهينه
» قبيلة جهينه فروعها ومساكنها
» حاتم جهينه الشيخ مفلح بن حمد الدبيسي
» الشيخ دخيل الله القاضي شيخ مشائخ مالك من جهينه
» اسماء الصحابه ممن بايع تحت الشجره بيعة الرضوان من قبيلة جهينه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين 25 يونيو 2012, 11:25 pm من طرف Admin
» العنا والعشق والقلب الجريح
الخميس 31 مايو 2012, 2:31 am من طرف Admin
» تحية طيبة عطرة زكية
الأربعاء 23 مايو 2012, 10:01 pm من طرف الدبــ سليمان ــيسي
» الشاعر مبارك بن مسند الدبيسي وقصيدة عسى عدوي
الثلاثاء 01 مايو 2012, 6:36 pm من طرف أبو عدى
» الا يالله غفرانكـ وبدل سيتي بحسنات
الأحد 29 أبريل 2012, 12:55 am من طرف Admin
» اكبر مصيبة ليا ربي بلاكـ @ بالمشاكل و احرمكـ طول الصبر
الأحد 29 أبريل 2012, 12:45 am من طرف Admin
» اليا رضينا الصعب يصبح سهالات@ واليا زعلنا السهل يصبح قضيه
الأحد 29 أبريل 2012, 12:37 am من طرف Admin
» نسيت أنساك لاتنسا وتنسا من نسا ينساكـ @@ وتنسا انسان نسيانه نسا ينساكـ يا ناسي
الأحد 29 أبريل 2012, 12:19 am من طرف Admin
» مسكنكـ بالجمرات حوض الشياطين @تاقف مكان ابليس والناس ترجمكـ
الأحد 29 أبريل 2012, 12:13 am من طرف Admin